ففي ربع قرن من الزمن، تحول المغرب اقتصاديا، وأصبح رقما في المعادلة العالمية في القارة الإفريقية، وبوابة ضرورية في اتجاه غرب إفريقيا، في استرجاع مشروع للمكانة التاريخية للمملكة المغربية الشريفة.
عادل الزبيري/ كاتب صحفي
انضمت المملكة البريطانية، التي عُرفت تاريخيًا باسم المملكة التي لا تغرب عنها الشمس، إلى نادٍ عالمي يحمل اسم الداعمين الرسميين لمقترح الحكم الذاتي المغربي، باعتباره حلًا دائمًا وواقعيًا وقابلًا للتنفيذ، ويحمل مصداقية وواقعية تحظى باحترام الكبار الذين يقرّرون في العالم وفق النظام العالمي لما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والهدف هو الخروج أخيرًا إلى حل دائم للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية.
تعرف بريطانيا المغرب جيدًا تاريخيًا، وتعلم أن قرارها غير المسبوق حيال السيادة المغربية على الصحراء الغربية المغربية هو استثمار في مستقبل مستقر ومضمون، مع أقدم ملكية في العالم، أي المملكة المغربية الشريفة.
اقترب المغرب جيوسياسيًا، أكثر من أي وقت مضى، من المحور الأنجلوساكسوني، بعد جهد دبلوماسي للاقتراب من منطقة كانت بعيدة عن اهتمامات الماكينة الدبلوماسية المغربية تاريخيًا.
يمثل الموقف الجديد لبريطانيا من الملف الأول مغربيًا، أي قضية الصحراء، تحوّلًا بوزن كبير في أوروبا، ودائمًا لصالح المقاربة المغربية الجديدة، القائمة على الانتقال من تدبير الملف إلى حله بشكل دائم، وفق رؤية ملكية مغربية تؤمن بالحقوق التاريخية، وبمنطق “رابح رابح”، في إعادة بناء تموضع المغرب عالميًا.
ففي ربع قرن من الزمن، تحوّل المغرب اقتصاديًا، وأصبح رقمًا في المعادلة العالمية في القارة الإفريقية، وبوابة ضرورية في اتجاه غرب إفريقيا، في استرجاع مشروع للمكانة التاريخية للمملكة المغربية الشريفة.
أصبح خصوم المغرب يتلقّون الضربات الدبلوماسية الناعمة تباعًا، ففي أقل من عشرة أيام: موقف متقدّم من السيادة المغربية الكاملة على الأقاليم الجنوبية الصحراوية المغربية من المملكة المتحدة، وقيام السلطات السورية الجديدة بإغلاق مكتب جبهة البوليساريو الانفصالية في العاصمة دمشق، في رسالة إيجابية حيال مرحلة جديدة بدأت بين المملكة المغربية وجمهورية سوريا.
كما أن كينيا الأنجلوساكسونية قرّرت تحوّلًا تاريخيًا في موقفها من السيادة المغربية الكاملة على الصحراء، باعترافها بأن مقترح الرباط للحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية المغربية هو الأفضل لحل واقعي وممكن ومستقبلي، لأقدم نزاع في القارة الإفريقية، كما هو متعارف عليه دوليًا.
تجد القضايا الكبرى دائمًا حلولًا تاريخية، تأتي من زعماء كبار لا يتردّدون في تغليب لغة الواقعية والمصالح الدائمة على حساب حسابات ضيقة جدًا، يريدها بعض من “الماضويين” أن تكون مسامير صدئة في أحذية الإخوة الجيران.
ولكن علمنا التاريخ أنه ينصف الكبار مهما تعرّضوا لاختبارات صعبة، يخرجون منها في الختام أبطالًا متوّجين.
تروي كتب التاريخ أن المملكة المغربية الشريفة ارتبطت تاريخيًا مع المملكة المتحدة البريطانية بعلاقات سياسية واقتصادية وتجارية متينة، فكانت الرباط تصدّر البارود والسكر وأمورًا أخرى إلى لندن.