أشرف حكيمي إبننا، ونفتخر ونعتز به، وهو فخر للمغرب وللمغاربة كلهم على حد سواء.
لكن، من العيب أن يتم إستغلال طيبته وحسن أخلاقه، وتحويله إلى أداة للدعاية السياسية والتجارية.
*أحمد الدافري
أشرف حكيمي الذي يلعب حاليا لفريق باريس سان جيرمان، هو ليس مجرد لاعب في هذا الفريق، بل هو نجم عالمي، له قاعدة جماهيرية واسعة، خاصة في العالم العربي وفي المغرب.
عندما أرسلت قناة بيين سبورتس مراسلها في المغرب، إلى مدينة القصر الكبير، مسقط رأس والدة اللاعب أشرف حكيمي، والتقى المراسل ببعض أفراد عائلة اللاعب المغربي، وكذا برئيس المجلس البلدي للمدينة في الملعب البلدي لكرة القدم الذي أطلق عليه هذا الأخير اسم “ملعب أشرف حكيمي”، فإن الأمر ليس بريئا من الناحية التجارية. بل الأكثر من ذلك، فهو يتجاور فيه البُعد التجاري مع التسويق السياسي.
تصل مبالغ عقود بث دوري أبطال أوروبا إلى مليارات اليوروهات على مستوى العالم، وهي عقود تبيعها اليويفا (UEFA) في كل منطقة أو دولة.
وبيين سبورتس هي الناقل الحصري لدوري أبطال أوروبا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وهي مالكة حقوق بث جميع المباريات بشكل كامل حتى 2027-2028. وهي حين تشتري عقود النقل الحصري بمبالغ ضخمة، فهي تنتظر أن تعود عليها هذه العقود بالربح وليس بالخسارة.
إن أي ترويج لاسم لاعب في قنوات بيين سبورتس، لا يتم دون مخطط تجاري مرتبط بمصالح مالك القناة، رجل الأعمال القطري، ناصر الخليفي، الذي هو أيضا مالك نادي باريس سان جيرمان..
ومالك قنوات بيين سبورتس، مثل كل رجال الأعمال في العالم، لم يستثمر الأموال في نادي باريس سان جيرمان حبا في عيون النادي، بل من أجل تحقيق الربح، والربح يتحقق بعقود الإشهارات التي تتزايد كلما حقق الفريق الانتصارات، والانتصارات تأتي بضم اللاعبين النجوم الذين لهم شهرة وصيت، واللاعبون النجوم يتم التعاقد معهم بمبالغ هائلة، ويتقاضون رواتب ضخمة، والمال ينبغي أن يكون متوفرا بكثرة لتلبية الحاجيات الكثيرة، ولربح الألقاب والفوز بالدوريات، وأي تحرك لأية كاميرا وأي ميكروفون من مكان إلى آخر في أي ملعب أو أي مدينة يدخل ضمن عملية حسابية دقيقة أساسها الربح وليس الخسارة، ولا شيء يكون مجانيا في هذا الإطار.
إن تسمية ملعب باسم لاعب مشهور ينحدر من المدينة هو عمل شائع لإبراز الانتماء والفخر.
ولكن عندما يتم تغطية هذا الحدث من قبل قناة كبرى مثل beIN Sports، ويُجرى حوار مع رئيس المجلس البلدي الذي هو أيضًا نائب برلماني عن حزب رئيس الحكومة، فهذا يمنح هذا الأخير منبرًا إعلاميًا كبيرًا للظهور والترويج لأعماله وقراراته أمام جمهور واسع.
في سياق الحملات الانتخابية أو الاستعداد لها، يُنظر إلى أي ظهور إعلامي مكثف لشخصية سياسية تمارس تدبير الشأن المحلي على أنه مكسب دعائي مهم، خاصة إذا كان مرتبطًا بشخصية شعبية مثل أشرف حكيمي.
هذا التداخل بين اسم حكيمي وبين اسم ملعب أطلقه رئيس مجلس البلدي للمدينة التي تنحدر منها والدة اللاعب، يثير تساؤلات حول استخدام منصة إعلامية ذات طابع رياضي بحت، للترويج لشخصية سياسية محلية، مما يطمس الخطوط الفاصلة بين الإعلام الرياضي النقي والدعاية السياسية.
إن تداخل المصالح التجارية لمالك نادي باريس سان جرمان ومجموعة قنوات بيين سبورتس، وبين الفرصة التي يقدمها وجود لاعب مغربي بارز مثل أشرف حكيمي، الذي يلعب لفريق المالك، وبين المصالح السياسية لشخصية محلية تستفيد من هذا الظهور الإعلامي، هو أمر فيه عيب شديد، إذ يمكن اعتبار هذا النوع من التغطية دعاية وإشهارًا مزدوجًا، لفريق رياضي يملكه صاحب القناة من جهة، ومن جهة أخرى لرئيس مجلس جماعة المدينة الذي أطلق على ملعب بلدي اسم أشرف حكيمي الذي يلعب ضمن فريق مالك القناة، وهذا مثال لكيفية استخدام القنوات الإعلامية ذات المصالح المتعددة، لتعزيز أجندات مختلفة، رياضية، تجارية، وشبه سياسية، في آن واحد، مما يطرح السؤال حول معايير الحياد والموضوعية في هذا النوع من الإعلام الرياضي.
إن أشرف حكيمي ابننا، ونفتخر ونعتز به، وهو فخر للمغرب وللمغاربة كلهم على حد سواء.
لكن، من العيب أن يتم استغلال طيبته وحسن أخلاقه، وتحويله إلى أداة للدعاية السياسية والتجارية، التي تتعامل معه على أساس أنه آلة مدرة للربح، وليس على أساس أنه إنسان.
وهذا ما كان.