فيما سحب القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة ذبح أضاحي العيد للسنة الجارية البساط من تحت أقدام المضاربين والوسطاء، مما أدى إلى تراجع مؤقت في أثمان اللحوم بالسوق الوطنية، عاد هؤلاء إلى ممارسة أنشطتهم مجددًا، مدفوعين بإصرار شريحة واسعة من المواطنين على اقتناء الخرفان وذبحها، أو على الأقل شراء اللحوم بكميات كبيرة، في تجاهل غير مفهوم للقرار الملكي وتبعات هذا السلوك على ارتفاع الأسعار.

جمال بورفيسي

المفارقة أن المواطن الذي يشتكي من المضاربة وغلاء الأسعار، هو ذاته من يُغذي هذه الظاهرة، من خلال تكثيف الطلب على المواد الأساسية، وعلى رأسها “أكباش العيد”. ورغم أن ذبح الأضحية سُنّة مؤكدة ووسيلة للتقرب إلى الله، وليست فريضة، إلا أن عيد الأضحى ما زال مرتبطًا في ذهن شريحة من المواطنين بثقافة استهلاك اللحوم واقتناء “الدوارة”، التي قفز سعرها في بعض الأسواق إلى ما يزيد عن 700 درهم.

تأتي هذه الموجة من الزيادات في أسعار الأغنام والعجول الحية مع اقتراب عيد الأضحى، خاصة في كبريات المدن كـ الدار البيضاء، حيث وصلت الزيادات إلى نحو 1000 درهم للرأس الواحد. كما ارتفع سعر لحم الغنم من 60 درهماً إلى 90 درهماً للكيلوغرام، وهو ما يعكس ارتفاعًا ملموسًا في الطلب.

ومن المؤشرات الدالة على هذا الإقبال، التوافد الكبير للمواطنين على المجازر الحضرية في عدد من المدن، رغم الإعلان الملكي الصريح.

وكان جلالة الملك محمد السادس قد ناشد، في فبراير الماضي، المواطنين بعدم القيام بشعيرة الذبح خلال عيد الأضحى لهذه السنة، بالنظر إلى التحديات المناخية والاقتصادية التي تواجه البلاد، والتي أدّت إلى تراجع كبير في أعداد الماشية.

ويُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُلغى فيها ذبح الأضاحي بالمغرب، فقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن اتخذ قرارًا مماثلاً في ثلاث مناسبات سابقة: سنة 1963، ثم عام 1981، وأخيرًا سنة 1996، وذلك للسبب ذاته، المرتبط بالأزمات الاقتصادية والجفاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *