بعدما فقد موقعه داخل الحركة الشعبية، وانفض من حوله عدد من المناضلين، يتطلع محمد فضيلي إلى زعامة مفترضة لحزب جديد قيد التشكل، إذ يسعى إلى إقناع عدد من الوجوه الحركية السابقة للالتحاق بالتنظيم المرتقب.

جمال بورفيسي

بدأ محمد فضيلي، القيادي السابق في حزب الحركة الشعبية ورئيس مجلس حكماء الحزب، منذ شهور، في استقطاب الغاضبين من القيادة الحالية لحزب “السنبلة”، تمهيدًا لتأسيس تنظيم سياسي جديد يحمل اسم “الحركة الديمقراطية الشعبية”.

فضيلي، الذي رفض ما اعتبره “إحالة على التقاعد الحزبي والسياسي”، قرر الرد على ما وصفه بالتهميش والعزلة التي طالته منذ الإطاحة به من رئاسة جماعة ابن الطيب، عبر الدخول في مواجهة مباشرة مع الأمين العام الحالي للحركة، محمد أوزين، وقيادة تيار معارض يستعد للإعلان رسميًا عن انشقاقه.

وقد تضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية إعلانًا لوزارة الداخلية يفيد بإيداع تصريح تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم “الحركة الديمقراطية الشعبية”، بتاريخ 28 أبريل 2025، لدى المصالح المختصة. ورغم أن فضيلي لم يعلن رسميًا عن زعامته لهذا التيار، إلا أنه يُعد من أبرز مهندسي هذا الانشقاق، ومن المرجح أن يدفع بعدد من الوجوه الحركية إلى الواجهة في المرحلة المقبلة.

وفي خطوة مفاجئة، لجأ فضيلي، الذي تجاوز عتبة الثمانين، إلى التلويح بورقة الحزب الجديد كرسالة مباشرة إلى قيادة الحركة الشعبية، مضمونها: “ما زلت هنا”، في محاولة للرد على ما يعتبره تخلّي الحزب عنه، خاصة خلال محطات حاسمة، أبرزها عزله قضائيًا من رئاسة المجلس الجماعي لابن الطيب.

وبعدما تبيّن له أن القيادة الحركية لن تزكيه خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، بسبب هذا العزل وتراجع شعبيته في معقله الانتخابي، قرر “الخروج إلى العلن”، من خلال تعبئة عدد من الحركيين، خاصة من منطقة الريف، منذ فترة، استعدادًا لإطلاق التنظيم الجديد.

وفي ظرف وجيز، فقد فضيلي معظم مواقعه السياسية، بدءًا من مقعده البرلماني في الانتخابات الجزئية بدائرة إقليم الدريوش، وصولًا إلى رئاسة جماعة ابن الطيب، التي تولاها منذ سنة 2009، قبل عزله بسبب خروقات في التدبير الإداري.

وبعد سلسلة الانتكاسات والضربات التي تلقاها، انقلب فضيلي على الحزب الذي ترعرع في صفوفه، ووضع فيه ثقته لسنوات، حيث زكّاه في محطات انتخابية متعددة، وعيّنه عضوًا في مجلس حكمائه. لكن هذا “الانقلاب” تجسّد في صورته الأوضح عندما حرّض أعضاء المجلس الجماعي لابن الطيب (وأغلبهم من الحركة الشعبية) على التصويت ضد مرشح الحزب لخلافته، وفضّل دعم مرشح حزب التقدم والاشتراكية، الذي فاز برئاسة الجماعة، رغم أن أغلبية أعضاء المجلس من “السنبلة”.

بعدما تسبب في خسارة الحزب لرئاسة الجماعة، بدأ فضيلي يُحضّر فعليًا لمخطط الانشقاق، متجاوزًا في تحركاته حتى “شيخ الحركيين”. ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لعام 2026، دخل بقوة في تنفيذ هذا المخطط، مستغلًا الوضع الهش للحزب، وبدافع من طموحات شخصية، رغم أن عامل السن لم يعد في صالحه.

اليوم، يسعى فضيلي إلى زعامة حزب جديد، في محاولة للعودة إلى واجهة المشهد السياسي، رغم دخوله منذ سنوات في “خريف العمر”. فهل ينجح في رهانه الجديد؟ أم تنتهي مغامرته السياسية إلى الفشل، ويغادر السفينة قبل أن تبحر؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *