حدة اتهامات متبادلة متصاعدة تلك التي باتت تطبع بين مكونات المعارضة بعد فشلها في رفع ملتمس إسقاط الحكومة.
الرباط-ج.ب le12
عبد الاله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إستغل المناسبة ليصفّي حساباته مع ادريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، محملا إياه مسؤولية فشل ملتمس الرقابة.
“البيجيدي” يهاجم ويفتعل المعارك
تشهد المعارضة البرلمانية في المغرب حالة من التصدع العلني، بعد فشل تقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة، في مشهد يكشف حجم الهشاشة والتنافر بين مكوناتها. فبدل أن تتحول المبادرة إلى تمرين ديمقراطي جاد، تحولت إلى ساحة لتبادل الاتهامات والتصفية السياسية، في مقدمتها الهجوم الحاد لحزب العدالة والتنمية على حزب الاتحاد الاشتراكي.
عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لم يتردد في استغلال هذه اللحظة لتوجيه سهام الاتهام إلى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، محمّلا إياه مسؤولية “إفشال” الملتمس، ومعتبرا أن تخلي الاتحاد عن المبادرة يعكس “سلوكًا مشبوهًا وغير مسؤول”، على حد وصف بلاغ أصدرته الأمانة العامة للحزب.
ولم يكتف “البيجيدي” بالتعبير عن “الاستياء”، بل لجأ إلى تصفية حسابات قديمة، بالربط بين موقف الاتحاد من ملتمس الرقابة وموقفه سنة 2016 حين اتُهم بلعب دور سلبي في مشاورات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، في إشارة واضحة إلى ما يصفه البعض بـ”عقدة لشكر” لدى بنكيران، والتي لا تزال تسيطر على خطابه السياسي حتى اليوم.
بلاغ العدالة والتنمية، الصادر عقب اجتماع أمانته العامة بالرباط، لم يخلُ من لغة هجومية غير مسبوقة، واصفًا مبررات انسحاب الاتحاد الاشتراكي من التنسيق بـ”السخيفة والهزيلة”، ومتحدثًا عن دور “بئيس” يلعبه الاتحاد داخل المشهد السياسي، في لهجة لا تخلو من نزعة انتقامية شخصية تخالف منطق العمل السياسي الرصين.
لشكر يتهم ابن كيران و أوزين
وفي المقابل، رد إدريس لشكر بهدوء محسوب، مؤكدًا أن الاتحاد الاشتراكي هو صاحب المبادرة الأصلية لتقديم ملتمس الرقابة، وأن انسحابه جاء نتيجة محاولات “الركوب” عليها من طرف العدالة والتنمية والحركة الشعبية، متهمًا الحزبين بعدم الجدية، وبتحويل المبادرة إلى ورقة دعائية لا تحترم شروط العمل المشترك.
ولم يخف الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، في بلاغ منفصل، استياءه مما أسماه “تشويشًا إعلاميًا” ومناورات لإغراق المبادرة في تفاصيل شكلية ومزايدات عقيمة، مما أدى إلى غياب الثقة بين مكونات المعارضة، وإفشال أي تنسيق فعلي.
وأضاف البلاغ أن بعض الأطراف مارست تسريبات مقصودة لتضليل الرأي العام، دون أي التزام بأخلاقيات العمل السياسي المسؤول.
وفي جوهر الخلاف، يبرز سلوك حزب العدالة والتنمية، الذي يبدو أنه حاول استغلال الملتمس سياسيًا رغم إدراكه محدودية تأثيره العددي داخل البرلمان (13 نائبًا فقط)، وهو ما جعل مشاركته في المبادرة تُفهم على أنها بحث عن مكاسب رمزية، ومحاولة لإعادة التموقع في الساحة السياسية، بعد الهزيمة المدوية في انتخابات 8 شتنبر 2021.
عمق الأزمة داخل المعارضة
ويجمع المراقبون على أن هذا المشهد العبثي يعكس عمق الأزمة داخل المعارضة، التي لم تنجح في تقديم بديل سياسي حقيقي، وظلت أسيرة صراعات الزعامة، والمزايدات الخطابية، بدل العمل على بلورة رؤية مشتركة تُسائل الحكومة بأدوات مؤسساتية ناضجة. وهو ما يُضعف صورتها أمام الرأي العام، ويجعل من شعار “إسقاط الحكومة” مجرد ورقة للاستهلاك السياسي المؤقت.