أقبر جشع حزب العدالة والتنمية، حينما تشبثت بالتفرد بتقدم ملتمس الرقابة، في إقبار هذه المبادرة الاتحادية، ما دفع بالفريق الاشتراكي إلى الانسحاب منها.
*جمال بورفيسي-le12.ma
*كاريكاتير ( أرشيف العبادي)
أعلن الفريق الاشتراكي، المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، انسحابه من مبادرة تقديم ملتمس الرقابة، وعلّق أي تنسيق مع باقي مكونات المعارضة داخل المجلس بخصوص هذه المبادرة، التي كانت المعارضة تعوّل عليها لكسب النقاط و”تسجيل الحضور”.
وعزا الفريق الاشتراكي قراره، في بلاغ رسمي، إلى ما سمّاه “غياب إرادة حقيقية وصادقة” من بعض مكونات المعارضة لإخراج المبادرة إلى حيز الوجود، متهماً هذه الأطراف بـ”الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية”.
وانتقد الفريق ما اعتبره “تشويشاً” على المبادرة من خلال “تسريبات إعلامية تخدم أجندات ضيقة” و”تضليل للرأي العام”، إضافة إلى “إغراق المبادرة في الانتظارية وهدر الزمن السياسي، بعيداً عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول”.
وعبّر الفريق الاشتراكي عن أسفه لغياب رغبة جدية في التقدم بملتمس الرقابة، مقابل الإصرار على “إغراقه في الجوانب الشكلية”، معتبراً أن الغايات الدستورية من هذه الآلية الرقابية، كتمرين ديمقراطي تشاركي، قد تلاشت، لتحل محلها “رؤية حسابية ضيقة تبحث عن مكاسب سريعة دون تراكمات فعلية”.
وشدد الفريق على رفضه “التعامل باستخفاف وانعدام الجدية مع الآليات الرقابية الدستورية”، مشيراً إلى ضرورة احترام الرأي العام وتقديره، ومؤكداً في الوقت نفسه على أهمية الوضوح في المواقف السياسية. كما أعلن عن “توقيف أي تنسيق بخصوص ملتمس الرقابة”، مع تجديد التزامه بممارسة دوره الرقابي على السياسات العمومية للحكومة، كمعارضة اتحادية “واعية، يقظة، ومسؤولة”.
ويأتي هذا الموقف بعد تفاقم الخلافات بين مكونات المعارضة، لا سيما بين الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، حول الجهة التي ستتولى تقديم ملتمس الرقابة، في ظل رغبة كل طرف في احتكار المبادرة. غير أن متابعين للشأن السياسي يرون أن إعلان الفريق الاشتراكي انسحابه لا يعدو كونه “ضجة إعلامية”، معتبرين أن المعارضة باتت تدرك أن المبادرة “خارج السياق”، وأنها وُلدت ميتة لغياب الشروط الموضوعية لتقديمها، في ظل مؤشرات إيجابية تشمل: صلابة المالية العمومية، تراجع التضخم، استقرار نسبة النمو، وانخفاض البطالة.
وفي سياق اقتراب الولاية الحكومية والتشريعية من سنتها الأخيرة، لم يعد مقبولاً إلهاء الرأي العام أو تضييع الزمن التشريعي في مبادرات تفتقر إلى الآفاق والجدية.
وكان من المرتقب أن تشرع المعارضة في جمع التوقيعات مع بداية الأسبوع الجاري، بعد تأجيل العملية بسبب سفر رؤساء الفرق والمجموعة النيابية إلى نواكشوط للمشاركة في المنتدى الاقتصادي الموريتاني-المغربي، المنعقد يومي 9 و10 ماي الجاري.
وقد أبدت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، بقيادة عبد الله بوانو، حماسة كبيرة لتقديم الملتمس، طامحة إلى نيل شرف المبادرة، في وقت كانت فيه المعارضة الاتحادية تسعى بدورها لتقديمه، في تحرك تفوح منه رائحة الحسابات الانتخابية الضيقة. وهو ما يؤكد أن المبادرة افتقرت إلى الجدية والمسؤولية، وخضعت لحسابات سياسوية وانتخابوية