يستبعد المحللون السياسيون نجاح ملتمس الرقابة، نظراً للشروط الدستورية التي لا تتوفر عليها المعارضة، وأهمها توقيع خمس أعضاء المجلس لتقديم الملتمس، والحصول على الأغلبية المطلقة لإسقاط الحكومة.

الرباط – جمال بورفيسي le12.ma

تفجّرت خلافات حادة بين فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، حول أحقية كل طرف في تقديم ملتمس الرقابة، وهو صراع بات يهدد بنسف المبادرة التي لا تزال تراوح مكانها.

وكان من المرتقب أن تشرع المعارضة في جمع التوقيعات بداية الأسبوع المقبل، بعد تأجيل العملية بسبب سفر رؤساء الفرق والمجموعة النيابية إلى نواكشوط لحضور المنتدى الاقتصادي الموريتاني-المغربي، الذي انعقد يومي 9 و10 ماي الجاري.

وقد أبدت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، بقيادة عبد الله بوانو، حماسة كبيرة لتقديم الملتمس، متطلعة إلى نيل شرف المبادرة، في الوقت الذي كانت فيه المعارضة الاتحادية تسعى بدورها إلى تقديمه، في تحرّك تشتمّ منه رائحة الحسابات الانتخابية الضيقة، حيث يسعى الطرفان إلى كسب النقاط واستمالة الناخبين استعداداً للاستحقاقات المقبلة. وهو ما يشير إلى أن المبادرة تفتقر إلى الجدية والمسؤولية، وتحكمها اعتبارات سياسوية وانتخابوية.

هذا الصراع تغذّيه خلفيات شخصية بالدرجة الأولى، بين عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الراغب في نيل “شرف” تقديم ملتمس الرقابة، وإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يتمسك بالمبادرة، معتبراً إياها فرصة رمزية للنيل من الحكومة، حتى في ظل غياب أي أفق لنجاح الملتمس، بالنظر إلى الأغلبية المريحة التي تحظى بها الحكومة. ويؤكد الفريق الاتحادي أنه الأحق بتقديم الملتمس، باعتباره صاحب المبادرة الأصلية.

ويُذكر أن ابن كيران سبق له أن رفض المبادرة عندما تقدّم بها الفريق الاشتراكي، بسبب خلافاته مع إدريس لشكر، مدركاً الخلفيات الحقيقية التي دفعت حزب الاتحاد إلى تحريك خيوطها. أما اليوم، فيسعى إلى استغلال موقع مجموعته النيابية كمُنسّق للمعارضة لتقديم الملتمس، وهو ما يرفضه إدريس لشكر جملة وتفصيلاً.

قيادة “البيجيدي”، بعد أن أوكلت لعبد الله بوانو مهمة التنسيق بين مكونات المعارضة، تطمح إلى قيادة هذه المبادرة لتلميع صورة الحزب، ما أدى إلى نشوب “حرب طاحنة” بين الحزبين المعارضين.

في كل الأحوال، يستبعد المحللون السياسيون نجاح ملتمس الرقابة، نظراً للشروط الدستورية التي لا تتوفر عليها المعارضة، وأهمها توقيع خمس أعضاء المجلس لتقديم الملتمس، والحصول على الأغلبية المطلقة لإسقاط الحكومة.

فطبقاً لأحكام الفصل 105 من الدستور، لا يُقبل ملتمس الرقابة إلا إذا وقّعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب. كما يحدّد مكتب المجلس تاريخ مناقشة الملتمس، على ألا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ إيداعه لدى رئيس المجلس.

ولا تُعتمد الموافقة على الملتمس إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، وهي أغلبية لا تتوفر حالياً للمعارضة، التي تضم 125 مقعداً فقط، وفق نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، مقابل 270 مقعداً للأغلبية، بالإضافة إلى 18 مقعداً لحزب الاتحاد الدستوري، الحليف التقليدي للأغلبية، ما يرفع مجموع مقاعدها إلى 288. وهذا يعني أن إسقاط الحكومة مهمة شبه مستحيلة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *