رغم هذه التدابير والجهود المبذولة من طرف مختلف المؤسسات والهيئات المعنية، تظل نسبة التفاعل مع طلبات الحصول على المعلومات ضعيفة ولا ترقى إلى مستوى انتظارات المرتفقين.
جمال بورفيسي
لا تتعدى نسبة التفاعل المؤسساتي مع طلبات الحصول على المعلومة 33 في المائة، ما يطرح السؤال حول أسباب غياب التفعيل السليم للقانون، الذي مرّ على اعتماده أكثر من ست سنوات.
فبعد أزيد من ست سنوات على اعتماد القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ما يزال هذا الحق يترنح، بفعل الإرث “النفسي” الثقيل المتراكم، الذي يعيق مسار الانفتاح ونشر المعلومات الموجودة لدى الإدارات والمؤسسات العمومية، وكذا لدى المؤسسات والهيئات المنتخبة التي تقدم خدمات عمومية.
ولا يقتصر الأمر على هذا العامل الثقافي، بل تبرز أسباب موضوعية أخرى، من بينها غياب آلية دائمة لدعم قدرات الأشخاص المكلفين بالمعلومات، إضافة إلى قصور ملحوظ في مجال النشر الاستباقي للمعلومات، لاسيما تلك المنصوص عليها في المادة 10 من القانون 31.13.
إنها عوائق ذاتية وموضوعية، إذن، تحول دون التطبيق السليم لقانون طالما راهن عليه كثيرون باعتباره رافعة لتعزيز آليات الديمقراطية والشفافية.
فقد أظهرت نتائج تقرير حديث ضعف التفاعل المؤسساتي الرسمي مع طلبات الحصول على المعلومات. وأكد التقرير، الذي أعدته جمعية “سمسم”، أن الجمعية أشرفت على تقديم 102 طلب عادي للحصول على المعلومة عبر البوابة الإلكترونية المخصصة لذلك، وُجهت إلى 60 مؤسسة وهيئة على المستويين المحلي والوطني.
وبعد انقضاء الآجال القانونية للرد، تم التوصل بـ34 جوابًا فقط من أصل 102 طلب، أي بنسبة جواب عامة لا تتجاوز 33.33 في المائة.
وقد استأثرت الجماعات الترابية بالحصة الأكبر من طلبات الحصول على المعلومات، بتلقيها 67 طلبًا، تلتها الإدارات العمومية بـ26 طلبًا، منها 20 موجهًا إلى قطاعات وزارية، فيما تلقت المؤسسات والمقاولات العمومية 9 طلبات فقط.
وأشار التقرير إلى أن 11 جوابًا فقط من أصل 34 كانت كاملة وذات جودة، في حين أن باقي الأجوبة كانت إما ناقصة لا تُجيب على كل عناصر الطلب، أو تعاني من ضعف في الجودة، أو تجمع بين النقص والرداءة.
ويُعد الحق في الحصول على المعلومات أحد الحقوق الأساسية التي يكفلها الفصل 27 من الدستور المغربي، وتؤطره مقتضيات القانون رقم 31.13 المعتمد في 22 فبراير 2018، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 مارس من السنة نفسها. كما يُجسد هذا الحق التزام المغرب باحترام الصكوك القانونية الدولية، خاصة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وقد واكب اعتماد هذا القانون تفاؤل كبير بإمكانية انفتاح الإدارة العمومية، خاصة بعد انخراط عدد من الإدارات والمؤسسات العمومية في أجرأته، عبر تعيين أكثر من 1850 شخصًا مكلفين باستقبال الطلبات والرد عليها.
كما جرى تنظيم دورات تكوينية لفائدة هؤلاء المكلفين، من طرف مكونين متخصصين، وتم إنشاء بوابة إلكترونية خاصة لتسهيل إيداع الطلبات وتتبعها واستخراج الإحصائيات المتعلقة بها.
ورغم هذه التدابير والجهود المبذولة من طرف مختلف المؤسسات والهيئات المعنية، تظل نسبة التفاعل مع طلبات الحصول على المعلومات ضعيفة، ولا ترقى إلى مستوى انتظارات المرتفقين.