لم يكتفِ الناصيري بالدفاع، بل طالب بحضور كل من “إسكوبار الصحراء” ولطيفة رأفت وشخص يدعى شوقي إلى قاعة المحكمة، مدعومًا برأي محاميه الذي اعتبر أن المواجهة الحية حق لا جدال فيه.
الدار البيضاء-مراسلة جريدةle12.ma
في مساء طويل من أيام محاكمة المتهم سعيد الناصيري، غصّت أمس الجمعة قاعة المحكمة بالصحفيين والمحامين وأهالي المتهمين.
كل العيون كانت موجهة نحو قفص الاتهام، حيث جلس المتهمون متراصين، يرقبون صعود سعيد الناصيري إلى منصة الاستماع.
وقف الناصيري أمام هيئة الحكم، يتلفت بعينيه القلقتين نحو محاميه بين لحظة وأخرى، وكأنه يبحث عن الكلمات الدقيقة في محياه.
حركات يديه المرتبكة وتعبيرات وجهه المتغيرة فضحتا توتره، رغم محاولاته المستميتة للتركيز والدفاع عن نفسه.
بصوت متهدج تارة ومتحفز تارة أخرى، شرع في نفي التهم المنسوبة إليه، قاطعًا على نفسه وعدًا بعدم السكوت عن أي اتهام، مهما كان مصدره.
بدا كمن يواجه جدارًا من الاتهامات بمفرده، مسلحا فقط بحضوره الشخصي وإصراره على البراءة.
في رده على تصريحات لطيفة رأفت التي اتهمت الفيلا بأنها كانت مسرحًا لـ”الليالي الملاح”، شدد الناصيري على أن الفيلا كانت مجرد بناء مهجور، بلا ماء ولا كهرباء.
وأضاف، بعينين تقدحان بالتحفظ أن مثل تلك الأفعال “إن وقعت” فلم تكن في عهده، بل ربما خلال إقامة لطيفة نفسها بالفيلا كزوجة لطليقها المالي، الشهير ب «إسكوبار الصحراء».
المتهمون الآخرون، خلف القضبان، كانوا يتابعون المشهد بصمت ثقيل، وكأن كلمات الناصيري كانت تتساقط فوق رؤوسهم مثل حبات مطر في عاصفة قانونية.
وحين جاء الحديث عن فؤاد اليزيدي، الذي سبق أن نفى عن نفسه صفة السمسرة وأكد أنه باع شقتين تبين لاحقاً أنهما في ملكية المالي، ما دفع إلى تبادل المطالب بالحق المدني بينه وبين الناصيري في مشهد إضافي من مشاهد تعقيد الملف.
لم يكتفِ الناصيري بالدفاع، بل طالب بحضور كل من “إسكوبار الصحراء” ولطيفة رأفت وشخص يدعى شوقي إلى قاعة المحكمة، مدعومًا برأي محاميه الذي اعتبر أن المواجهة الحية حق لا جدال فيه.
وفي لحظة أثارت انتباه الحضور، انتفض الناصيري ضد أحد الأدلة التي ساقها المالي، عندما ادعى هذا الأخير التواصل معه عبر “واتساب” سنة 2009. رفع الناصيري يده مؤكدا أن الخدمة لم تكن متوفرة لا في المغرب ولا في موريتانيا في ذلك الوقت، ليزرع بذلك بذور الشك في نفوس الحاضرين.
وردا على تصريح إسكوبار الصحراء بتسلمه مبلغا ضخما في مطعم صيني سنة 2013، التمس الناصيري: أن تتحقق المحكمة من وجود المطعم آنذاك، معلنًا، بعينين تتحديان القاعة، استعداده لتحمل أي حكم قاسٍ إذا ثبت وجوده.
ومع انتهاء الجلسة، سار الناصيري خارج القاعة بخطوات مترددة. كان يسرق النظرات إلى الوجوه المتجمهرة، كمن يحاول أن يقرأ مصيره بين سطور أعينهم. خلفه، كانت الأبواب تُغلق على يوم آخر من المحاكمة… يوم سيترك أثره في قصة طويلة ما تزال فصولها تكتب على مقاعد المحكمة.
وقررت المحكمة، تأخير ملف ما بات يعرف إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، إلى غاية يوم الجمعة المقبل، من أجل مواصلة الاستماع إلى سعيد الناصيري.
وكانت رئاسة محكمة الاستئناف في الدار البيضاء قد حددت الثالث والعشرين من شهر ماي 2024، موعدا لبدء أولى جلسات محاكمة 28 متهما، بينهم سعيد الناصيري وعبد النبي بعيوي
وانتهت التحقيقات والأبحاث القضائية في قضية ما بات يعرف بقضية “الناصيري” ومن معه، بعدما أنهى قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، مسطرة التحقيق الاعدادي في مواجهة جميع الأطراف، بما فيهم صاحب الشكاية المدعو أحمد بن إبراهيم الملقب بـ”المالي”
وأحيل قرار الإحالة الصادر عن قاضي التحقيق، وفق معطيات جديدة لـ le12.ma، على غرفة المشورة، بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء.
تفاصيل القضية
وفي تطور جديد، لقضية التحقيقات والأبحاث الجارية، في قضية “اسكوبار الصحراء”، كان أحمد بن إبراهيم الملقب بـ“المالي”، قد واجه، أمام قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، عددا من الرؤوس الكبيرة من المتهمين، يتقدمهم سعيد الناصيري، وعبد النبي بعيوي
وكان يجرى تنقيل من طلبهم القضاء للمثول أمام قاضي التحقيق، من السجن الى المحكمة، وسط إجراءات أمنية مشددة
وباشر قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء، على مدى أشهر مسطرة التحقيق الإعدادي في مواجهة جميع الأطراف، بما فيهم صاحب الشكاية المدعو أحمد بن إبراهيم الملقب بـ “المالي”
يذكر أنه في الثاني والعشرين في دجنبر من عام 2023، أودع بأمر قضائي، كل من سعيد الناصيري وعبد النبي بعيوي، سجن عكاشة، فيما عرض أربعة مشتبه بهم من جديد على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية
وأمر قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بإيداع كل من سعيد الناصيري، رئيس الوداد البيضاوي ورئيس عمالة الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي، رئيس الجهة الشرقية، السجن المحلي عين السبع، (عكاشة)، في قصية “إسكوبار الصحراء”
وجاء عرض المشتبه بهم الأربعة على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل تعميق البحث في الاتصالات المفترضة لهم بشعبات القضية المعروفة بـ”إسكوبار الصحراء” المتعلقة بـ”بارون المخدرات” المالي المسجون منذ 2019.
بلاغ الوكيل العام
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قد كشف عن تفاصيل جديدة، عن قضية “إسكوبار الصحراء”.
وأصدر الوكيل العام، في وقت سابق، بلاغ اطلعت عليه جريدة “le12.ma”، أعلن فيه أنه “في إطار الأبحاث التي أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحت إشراف هذه النيابة العامة للكشف عن باقي الأشخاص المشتبه في تورطهم مع أحد المعتقلين من جنسية أجنبية توبع في إطار قضية تتعلق بالاتجار الدولي بالمخدرات ويقضي حالياً عقوبته في السجن، كشفت نتائج الأبحاث عن الاشتباه في قيام بعض الأشخاص بارتكاب أفعال لها ارتباط في أغلبها بالوقائع ذاتها التي سبق أن توبع في إطارها الشخص الأجنبي المذكور وآخرون لهم ارتباط به أدينوا بعقوبات سالبة للحرية”
وأضاف البلاغ ذاته، أنه “بالنظر لتعقد هذه الأفعال وتشابك امتداداتها، فقد استغرقت الأبحاث الوقت الكافي الذي اقتضته ضرورة ذلك في إطار الاحترام التام للمقتضيات القانونية ذات الصلة وتحت الإشراف المباشر لهذه النيابة العامة”
وتابع بلاغ الوكيل العام، و”قد أفضت نتائج الأبحاث المنجزة عن تقديم 25 شخصاً أمام النيابة العامة، من بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بإنفاذ القانون، بالإضافة إلى أشخاص آخرين ارتكبوا أفعالاً لها ارتباط بالموضوع”
و”تكريساً لمبدأ المساواة أمام القانون، فقد آلت نتائج دراسة الأبحاث المنجزة إلى تقديم هذه النيابة العامة لملتمس إلى قاضي التحقيق بإجراء تحقيق معهم من أجل الاشتباه في ارتكاب كل واحد منهم لما هو منسوب إليه من أفعال معاقب عليها قانوناً والتي يتمثل تكييفها القانوني إجمالاً في مجموعة من الجرائم من بين أهمها: المشاركة في اتفاق قصد مسك المخدرات والاتجار فيها ونقلها وتصديرها ومحاولة تصديرها، الإرشاء والتزوير في محرر رسمي، مباشرة عمل تحكمي ماس بالحرية الشخصية والفردية قصد إرضاء أهواء شخصية، الحصول على محررات تثبت تصرفاً وإبراء تحت الإكراه، تسهيل خروج ودخول أشخاص مغاربة من وإلى التراب المغربي بصفة اعتيادية في إطار عصابة واتفاق وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة …”، وفق المصدر الرسمي
وبعد استنطاقهم ابتدائياً، قرر قاضي التحقيق إيداع عشرين (20) منهم السجن مع إخضاع شخص واحد لتدبير المراقبة القضائية، فيما عملت النيابة العامة على تكليف الشرطة القضائية المختصة بمواصلة الأبحاث في حق الأربعة الآخرين منهم بهدف استجلاء خيوط بعض جوانب وقائع هذه النازلة، وحالما تنتهي الأبحاث المأمور بها ستعمل النيابة العامة أيضاً على ترتيب ما يجب في حقهم
هذا، وستواصل النيابة العامة في إطار الحق في الحصول على المعلومة إطلاع الرأي العام على نتائج إجراءات البحث والتحقيق حال الانتهاء من ذلك في إطار التقيد الكامل بمقتضيات القانون تجسيداً لدولة الحق والقانون مع ضمان احترام قرينة البراءة