الطريقة التي تصف بها السلطات الجزائرية المعارض أمير بوخرص بـ”المارق” تعكس الذهنية الغارقة في أسلوب البوليس السياسي، وتتعامل مع حرية التعبير كجريمة، ومع المعارضين كأعداء شخصيين للنظام في تناقض صارخ مع الدستور الذي صاغه النظام الدكتاتوري .
*وليد كبير
البيان الصادر عن الخارجية الجزائرية منذ قليل لا يمكن وصفه سوى بالفضيحة الدبلوماسية والمحاولة اليائسة لقلب الحقائق.
فبدلا من اتخاذ موقف مسؤول تجاه تورط أحد موظفيها القنصليين في قضية جنائية خطيرة تتعلق باختطاف معارض سياسي على الأراضي الفرنسية، اختارت خارجية عطاف أسلوب التهجم والتهديد وتبرير ما لا يُبرر.
أولا، الطريقة التي تصف بها السلطات الجزائرية المعارض أمير بوخرص بـ”المارق” تعكس الذهنية الغارقة في أسلوب البوليس السياسي، وتتعامل مع حرية التعبير كجريمة، ومع المعارضين كأعداء شخصيين للنظام في تناقض صارخ مع الدستور الذي صاغه النظام الدكتاتوري .
فهل أصبحت صفة “المارق” مبرراً للاختطاف والتصفية؟ .
وهل تحولت الأجهزة القنصلية إلى أداة تمارس الارهاب بإسم الدولة الجزائرية خارج الحدود؟.
ثانيا، الملاحظ في البيان تذرع الخارجية بـ”الحصانة والامتيازات المرتبطة بالوظيفة ” لتبرير أفعال إجرامية خارج نطاق المهام المنوطة وهذا تدليس قانوني فج.
فالقانون الدولي واضح: الحصانة لا تحمي من الملاحقة في جرائم الحق العام، ولا تشمل أعمالًا عدوانية خارج صلاحيات التمثيل القنصلي.
يحاول النظام الجزائري تحويل موظف القنصلية إلى “شهيد سيادة” وهذا ببساطة استخفاف بالعقل والقانون.
ثالثا، ما ورد في البيان تعبير عن أزمة نفسية أكثر من كونه خطابا دبلوماسيا.
فمتى كانت محاربة الجريمة، ومحاسبة المتورطين في جريمة اختطاف على التراب الفرنسي، استغلالا للضحية كـ”واجهة للخطاب المعادي للجزائر”؟ .
بل متى كانت حماية معارض سياسي جزائري تُعدُّ طعنة في العلاقات، إلا إذا كان النظام الجزائري يطالب فرنسا رسمياً بإعطاء الضوء الأخضر لإرهاب معارضيها في أوروبا؟.
رابعا، محاولات شيطنة أمير ديزاد واتهامه بـ”الارتباط بالإرهاب” وبإنه “مخرب”دون دليل هو تكرار بائس لأسطوانة النظام المكسورة في وجه كل صوت جزائري حر مناهض لدكتاتورية العسكر فالنظام لم يقدم أي دليل قانوني، وفشل في إقناع السلطات القضائية الفرنسية المستقلة بتلبية طلبه والموافقة على تسليم امير ديزاد، ويظهر اليوم امتعاضه بعد تفجير الفضيحة فخرج باكيا لأن باريس قررت أخيرا أن تتصرف معه وفق القانون بدل المجاملة السياسية.
خامسا، وهذا الأكثر اشمئزازا في بيان الخارجية تلك اللهجة المتعالية والمليئة بالتحريض في البيان، والتي تهدد بأن “الوضع لن يمر دون تبعات”، وهو ليس فقط استفزاز مجاني من قبل عصابة انكشف أمرها، بل إعلان واضح بأن المافيا الحاكمة في الجزائر تفضل التصعيد على المحاسبة، وأنها مستعد لإفساد العلاقات الثنائية لحماية جريمة ترتكب بإسم الدولة الجزائرية.
*كاتب صحفي جزائري