هي مجمع ديني إسلامي “زاوية” في مراكش لضريح أبي العباس السبتي، الذي توفي عام 1204، وهو أشهر رجالات مراكش السبعة على الإطلاق، كانت الزاوية تقع في الأصل خارج أسوار المدينة، بالقرب من البوابة الشمالية السابقة لباب تاغزوت، ولكنْ تم تمديد الجدران لاحقًا لتشمل الحي المتنامي حوله.

تقديم -عبد الرزاق المراكشي  le12

المغرب بلد الأولياء الصّالحين”.. مقولة تعكس المكانة الخاصّة التي يحظى بها التصوّف في المملكة المغربية، التي يمتدّ فيها الفكر والسلوك الصّوفيان إلى أزمنة بعيدة..

لو كنت مواطنا مغربيا، لربّما ساقتك الأقدار لأن تُجاوِر أحدَ هذه المباني الصّغيرة المسمّاة “الزّاوية”. فيها تقام الصّلوات الخمس في أوقاتها، باستثناء صلاة الجمعة. كما يُتلى في هذه “الرّباطات” القرآن وتقام العديد من العبادات التعبّدية الأخرى.

بمناسبة شهر رمضان المبارك، تقترح عليكم “Le12.ma” رحلة تاريخية في رحاب أشهر الزوايا والطرق الصّوفية في المغرب.

هي مجمع ديني إسلامي “زاوية” في مراكش لضريح أبي العباس السبتي، الذي توفي عام 1204، وهو أشهر رجالات مراكش السبعة على الإطلاق، كانت الزاوية تقع في الأصل خارج أسوار المدينة، بالقرب من البوابة الشمالية السابقة لباب تاغزوت، ولكنْ تم تمديد الجدران لاحقًا لتشمل الحي المتنامي حوله.

تطور المجمع المعماري نفسه وتغيّر بمرور الوقت أيضًا، ويتميز ببناءات رئيسية من العصر السعدي على وجه الخصوص.

وأبوالعباس أحمد بن جعفر الخزرجي السبتي (ولد بسبتة 524 هـ/ 1129 م) هو أكبر أولياء مدينة مراكش وأحد رجالاتها السبعة. مات والده فاضطرت أمه إلى إرساله إلى حائك لتعلّم الحرفة مقابل أجر.

وبما أن أبا العباس كانت له رغبة في العلم، فإنه كان، كما تقول الروايات، يفرّ من معمل الحائك ليلتحق بكُتّاب الشيخ أبي عبد الله محمد الفخار فتلحق به أمه لتعيده إلى الحائك بعد معاقبته. ومع تكرر الحادث تدخل الشيخ مقترحا على الأم أن يعلم الصبي ويدفع لها.

في عام 539 هـ /1144 م، السنة التي انتصر الموحدون على المرابطين، بمقتل علي بن يوسف بن تاشفين، سافر أبو العباس إلى مراكش طلبا للعلم ولقاء المشايخ، وعمره ستة عشر عاما.

وجد أبو العباس مدينة مراكش في حالة حصار (استمر من محرم إلى شوال عام 541 هـ/ 1146 م). فصعد إلى جبل جيليز مع وصيفه مسعود الحاج. وفي “تعطير الأنفاس” بقى في خلوته هناك مع وصيفه أربعين سنة.

دخل أبو العباس إلى مراكش وقطع خلوته الطويلة في عهد المنصور، وسمع بأخبار كراماته هذا الأخير دعاه إلى الإقامة بالمدينة وحبّس عليه مدرسة للعلم والتدريس ودارا للسكنى.

وتوفي بمراكش في اليوم الثالث من جمادى الأخيرة عام 601 هـ/ 1204 م.

وأبو العباس السبتي هو أشهر أولياء مراكش التي وصفها لشيخه الفخار بأنها “مدينة العلم والخير والصلاح”؛ وهو متصوف مصلح اجتماعي وفقيه، جعل “العدل والإحسان” شعاره، فقال ابن رشد عن مذهبه “إن الوجود ينفعل بالجود“.

حارب ظاهرة الاستجداء والبغاء في المجتمع المراكشي، وذلك بتقديم المساعدة للنساء المحتاجات وبتعليم المكفوفين القرآن بالسمع، ما أكسبه شهرة شعبية. لكن الوشاية السياسية تسببت في طرده وراء سور باب تاغزوت، في مكان نشأة وترعرع زاويته، التي ستصبح حي الزاوية العباسية، مأوى للمكفوفين والمعوقين.

توفي في 601 هـ/ 1205 م ودفن خارج سور باب تاغزوت في قبر ابن رشد (المتوفى سنة 595 هـ، والذي نقل جثمانه إلى قرطبة في الأندلس. صنّفه المسؤولون منذ العهد الإسماعيلي ثالثَ رجال مراكش، وتتم زيارة ضريحه يوم الخميس.

وكان ضريحه نواة لتكوين المحلة ثم الحي (حي الزاوية العباسية) وهو من أهم أحياء المدينة، وراء السور المرابطي، ابتداء من العهد الموحدي، إلى أن أحاطه العلويون في القرن الثامن عشر ميلادي بسور وأدمجوه في النسيج الحضري للمدينة العتيقة الشمالية.

تكنيه العامة “مكبّ  مراكش” (غطاء وحصانة مراكش) ويكنيه الشعر الشعبي بـ”صاحب باب الخميس” في الأغاني الشعبية (العيطة خاصة). رُمّمت قبة الضريح في عهد السلطان العلوي محمد بن عبد الله وفي عهد الملك الحسن الثاني، لتكتسب حلّة وبهاء .

تكوّنت محلة أبي العباس السبتي، التي أصبحت حي الزاوية العباسية، من المجال المنحصر بين السور القديم، الذي ينفتح به باب تاغزوت على مشارف الضريح، والسور الذي أضافه السلاطنة العلويون، والذي يحيط بالحي، ويضمّ:

حومة قاع المشرع والدروب المتفرعة عن الطوالة: التسمية: القاع، حسب لسان العرب، يجمع على قيعة؛

وقيل القاع ما انبسط من الأرض وفيه يكون السراب وسط النهار؛ وقال ابو الهيتم: القاع الأرض الحرة الطين التي لا يخالطها رمل فيشرب مائها… وقال الأصمعي: يقال قاع وقيعان وهو طين حر ينبت السدر، القاع المكان المستوي الواسع في وطأة من الأرض يعلوه ماء السمك فيمسكه ويستوي نباته… القاعة موضع منتهى السانية من مجدب الدلو”… وفي التفسير الشعبي القاع هو القعر أو العمق وأطلق على الحي لوجوده بقعر المدينة العتيقة كما يوجد قاع اخليج جنوب سور باب تاغـزوت.

وعن “المشرع” تقول الرواية الشفوية إن قواد الرحامنة الذين جعلوا من الحي مقرّ سكناهم كانوا لا يخضعون لسلطة باشا المدينة ويطبقون بالحي في استقلال ذاتي شرعهم الخاص بهم، وكان ذلك في تكوين كلمة “مشرع”. أما في لغة العامة “المشرع” هو المكان الذي يضيق فيه مجرى الواد، كمشرع بن عبو على أم الربيع، أو مشرع حمادي على واد ملوية .

 في أقصى الشمال، جوار السور العلوي داخل المدينة العتيقة: حي كان به مقر سكنى عدد كبير من قواد قبيلة الرحامنة، منهم القائد عبد الحميد، القائد البربوشي، والقائد ولد العظم، والقائد ولد الحسن والقائد العيادي الذي شيّد على أرض عرصة الزوين شمال قاع المشرع قصرا ودورا ورياضات في أواخر القرن الـ19 الميلادي، فُوِّتت حاليا لمستثمرين مغاربة وأجانب (مطعم مغربي ودور ضيافة).

منطقة نفوذ وإقطاعية القائد العيادي، كانت تخرج عن سلطة باشا مراكش ولا يسمح لمخازنية الكلاوي ارتداء غطاء الرأس الرسمي “الشاشية الحمراء” رمز السلطة الباشوية بعد ولوجهم فحل (باب يصل حيين داخل المدينة) قاع المشرع إلى السور شمالا .

والدروب المتفرعة عن طوا لة قاع المشرع هي:

درب عبد الحميد (أحد قواد قييلة الرحامنة قبل العيادي) ودرب المدرسة (المدرسة الإسلامية للقائد العيادي وهي مدرسة ابتدائية بناهـا العيادي تنفيذا لنصائح صديقه المختار السوسي)؛ ودرب الخطارة؛ ودرب لالة عايشة حساين، ودرب الحسن (درب الحبس قديما نسبة إلى المكان الذي استعمله القائد العيادي سجنا للرحامنة)؛ ودرب السراغنة؛ ودرب الخراجة؛ ودرب الحاج التهامي؛ ودرب بن رحال (سائق سيارة القائد العيادي)؛ ودرب الحاج المامون (كانت به محكمة القائد العيادي المسماة الحكومة؛ ودرب الشريفات أو درب دربالة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *