الملفت في الأمر وبشدة هو كمية التحامل على تصريح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لدرجة اتهامه بالتطبيع ولعب دور محامي العدو.
نورالدين بن داود
تابعت اللقاء الصحافي للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
في معرض حديثه عن واقع القضية الفلسطينية في ظل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، تحدث عن ما يحصل هناك من إبادة وتهجير للشعب الفلسطيني.
و إعتبر أن جزء كبيراً من مسؤولية ما يقع تتحملها حركة حماس وباقي الفصائل.
ليس لاختيارها الايديولوجي وتمثيلها لخيار المقاومة، ولكن لكونها منظمات يدبر شؤونها بشر قد يصيبون وقد يخطؤون.
واعتبر إدريس لشكر، أن ما وقع في السابع من أكتوبر هو خطأ تكتيكي دفعت فيه ولا تزال القضية الفلسطينية ضريبة كبيرة: بشريا، و جيوسياسيا ….،.
الكاتب الأول، إعتبر أن ذلك كان متوقعاً بالنسبة لديه مما جعل موقف الحزب انذاك و منذ إعلان ما سمي “طوفان الاقصى” اتجاه ما يجري في قطاع غزة هو تهور من طرف حركة حماس، قد يدخل القضية الفلسطينية في متاهات جديدة .
لكن الملفت في الأمر وبشدة هو كمية التحامل على تصريح الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لدرجة اتهامه بالتطبيع ولعب دور محامي العدو. المتتبع المدرك لسياقات هذه الهجمة، تبين له أن الأمر يندرج في إطار حملة تحريف ممنهجة للتصريح المدلى به عن سياقه، ومحاولة يائسة لتسويقه على أنه عداء للمقاومة وانتصار للعدو الصهيوني، وذلك في إطار حرب تشويه لمواقف الحزب اتجاه القضية الفلسطينية عبر كل المحطات المفصلية من تاريخ الصراع.
إن وظيفة السياسي هي التفاعل مع القضايا المستجدة التي تشغل بال المواطنين خصوصا إذا تعلق الأمر بقضايا لها ارتباط وجداني وعاطفي قوي مع عموم الشعب المغربي باعتبارها قضية محورية لديه.
وبناء على ذلك فما صرح به الكاتب الأول لحزب القوات الشعبية يدخل في إطار جرأة تغيب عن باقي المسؤولين في الأحزاب السياسية لأنهم ببساطة يُخضِعون تصريحاتهم لمنطق الربح والخسارة. وهم بذلك يكرسون مبدأ الشعبوية في تناول القضايا ، فما عبر عنه إدريس لشكر هو تحليل جيوسياسي وتقييم لمحطة سيذكرها التاريخ والتي ثبت بالمطلق إنها عرضت الشعب الفلسطيني للابادة وعرضت القضية لمخاطر التصفية، بسبب ما رآه هذا الأخير (إدريس لشكر) خطأ تكتيكيا في تدبير الصراع مع العدو الصhيوني .
رأي يتقاسمه معه عدد كبير من النخب التي اصبحت نخبا جبانة، منسحبة غير قادرة على الوقوف أمام موجات الشعبوية التي تسيطر على وسائط التواصل الاجتماعي.
إن تناول القضية الفلسطينية وخصوصا تجربة المقاومة وجعلها تحت المجهر سواء بالتثمين أو النقد ليس طابوها أو خطيئة.
بل هو أمر من صميم الاهتمام بالقضية و إظهار لمدى إرتباط النخب السياسية والفكرية بقضايا الأمة، بعيداً عن الحملات المغرضة التي تحاول تحقيق مكاسب سياسية أو تسجيل أهداف غير مشروعة في مرمى الخصوم، بالاعتقاد أنهم يزيحون فاعلا سياسيا عبر محاولات للقتل الرمزي من خلال توزيع الاتهامات بالتطبيع ونصرة الكيان الصهyوني .
إننا بهذه الشعبوية المقيتة التي تُخاض بها نقاشاتنا المصيرية حول قضايا الأمة لن تزيد إلا من تعميق الشرخ حول حضورنا كقوى سياسية، مُجتمعة ، في لعب أدوار لصالح القضية الفلسطينية خارج دائرة التخوين والاتهام بالتصهين.
لقد آن الأوان أن تتسم النخب الفكرية والسياسية بالجرأة اللازمة التي تفرضها مواقع المسؤولية من داخل المشهدين السياسي والفكري في تناول قضايا الأمة.
لأن منطق الأشياء يقتضي أن يكون هناك صناع رأي يساهمون في تطوير الرأي العام وتوجيهه لمنطق التفكير السليم عوض أن يستسلم الجميع للشعبوية التي حتما لن تقودنا الا للاندحار و المزيد من الزحف على ما تبقى من الحس النقدي لينتهي بنا الأمر جميعاً في الطريق الذي تسير عليه القطعان.
*فاعل سياسي