في لقطات متكررة: المرأة تصفع الرجل بلا سياق مقنع، بلا مساءلة، وكأنها تحمل الحق المطلق.
هل لاحظتم؟ الدراما اليوم تكرّس فكرة أن المرأة دائمًا على حق، مهما فعلت، لأن القانون في صفها، ولأنها امرأة فقط.
*رشيد الوالي
في الأيام الأخيرة، ظهر أمامي مشهد على TikTok: امرأة تصفع رجل سلطة في الشارع.
لم يكن مجرد حادث عابر، والدليل أن الآلاف من المتابعين احتجوا ولم يمرّوا عليه مرور الكرام.
لكن ما أثار انتباهي هو أن هذا المشهد لم يعد غريبًا علينا، بل أصبحنا نراه أيضًا في المسلسلات الرمضانية، وفي كل الوطن العربي .
في لقطات متكررة: المرأة تصفع الرجل بلا سياق مقنع، بلا مساءلة، وكأنها تحمل الحق المطلق.
هل لاحظتم؟ الدراما اليوم تكرّس فكرة أن المرأة دائمًا على حق، مهما فعلت، لأن القانون في صفها، ولأنها امرأة فقط.
نحن لا نتحدث هنا عن إنصاف المرأة أو المطالبة بحقوقها المشروعة، فهذا حقها الطبيعي.
لكن السؤال هو: هل انتقلنا من ظلم يُمارس ضد المرأة إلى تغوّل إعلامي وقانوني يمنحها حصانة غير عادلة؟.
نفس هذا السيناريو رأيناه في السويد، حيث تحققت المساواة قانونيًا، لكن المجتمع دخل بعدها في أزمة هوية:
إرتفاع نسب الاكتئاب والانتحار بين الرجال.
فقدان المعنى لدور الرجل والمرأة معًا.
تفكك في العلاقات العاطفية والاجتماعية.
وفي بعض دول أمريكا اللاتينية، تحول الدفاع عن المرأة إلى أداة سياسية، انتهت بمجتمعات متوترة، يغيب فيها التفاهم وتكثر الصراعات.
المشكل ليس في إعطاء المرأة حقوقها.
المشكل حين ننزلق من خطاب الحقوق إلى خطاب الامتيازات، ومن العدل إلى الهيمنة المقنّعة.
في المغرب اليوم، نرى أعمالاً درامية تُقصي صورة المرأة الرحيمة، الحنونة، المتزنة… وتقدم بدلاً عنها شخصية صارمة، غاضبة، لا تُساءل.
إلى أين نسير؟
لا نطالب بالعودة للماضي، بل نطالب بإعادة الاعتدال:
لا يمكن بناء مجتمع صحي إذا منحنا طرفًا واحدًا الحق المطلق على حساب الطرف الآخر.
الكرامة والاحترام مسؤولية متبادلة، وليست امتيازًا لفئة دون أخرى.
إذا لم نوقف هذا الانزلاق اليوم، سنستفيق بعد سنوات على مجتمع مأزوم بين تطرفين: تطرف ذكوري قديم لم يُعالج، وتطرف نسوي جديد لا يقل خطرًا.
الحل؟
إعلام يعيد تقديم المرأة والرجل ككائنين متوازنين، يُخطئان ويصيبان، بلا مظلومية مصطنعة ولا سلطة مطلقة.
*فنان مغربي