المعتوه الجزائري الكذاب، المسمى رشيد نكاز- النقاز، استغل طيبة السلطات المغربية الزائدة عن اللزوم، وأثبت أن الخبث يمكن أن ينتصر أحيانا على الطيبة.
أحمد الدافري
قبل أن يأتي هذا المعتوه إلى مراكش، بعث رسالة ود إلى المغرب وإلى السلطات المغربية عبر فيديو نشره في صفحته، قام بتصويره في شارع محمد الخامس بالعاصمة الجزائرية، حيث بدأ يشيد بالملك المغفور له محمد الخامس وبما أسداه من دعم لما سماه هو، الثورة الجزائرية، وكان يتحدث وهو يوجه بين الفينة والأخرى عدسة هاتفه نحو اسم الملك الراحل المكتوب في أحد واجهات الشارع.
ومثله مثل أغلب الذين تعلموا الكذب والتزوير والفبركة من نظامهم العسكري الحاقد على المغرب وعلى تاريخ المغاربة، بدأ يتحدث، في سياق إشادته بالملك الراحل محمد الخامس، عن أن الشرق الجزائري انتفض ضد فرنسا التي، وقام بمظاهرات حين قامت سلطات الحماية الفرنسية بنفي الملك إلى مدغشقر في 20 غشت 1955، وجعلت مكانه الباشا الكّلاوي الذي كان في مراكش، سلطانا على المغرب.
انتفاضة أهل شرق الجزائر ضد المستعمر الفرنسي بسبب نفي المغفور له محمد الخامس هي انتفاضة قامت في خيال هذا النقاز. وإلا ما عليه سوى إثباته يالوثائق والمستندات.
ثم، هل تم نفي السلطان المغربي محمد الخامس إلى مدغشقر في 20 غشت 1955؟
هذا كلام لا يمكن أن يقوله سوى الجاهل بتاريخ المغرب.
السلطان محمد الخامس تم إجباره من سلطات الحماية الفرنسية على التنازل عن العرش، وتم نفيه أولا إلى كورسيكا، وليس إلى مدغشقر، وكان ذلك يوم 20 غشت 1953 وليس 1955.
ففي ذاك اليوم الذي كان يوم عيد أضحى، تم نقل الراحل محمد الخامس على متن طائرة عسكرية، من مطار السويسي بالرباط، هو وأفراد أسرته، وحطت الطائرة في مطار مدينة أجاكسيو بجزيرة كورسيكا الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط، وبقي السلطان محمد الخامس في إقامة بهذه الجزيرة رفقة أفراد عائلته إلى يوم 29 يناير 1954، وهو التاريخ الذي قررت فيه فرنسا أن تنقله إلى جزيرة مدغشقر، حيث بقي منفيا هناك إلى أن عاد من منفاه إلى المغرب يوم 30 أكتوبر 1955.
ثم، هل حين نفت سلطات الحماية الفرنسية السلطان محمد بن يوسف إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، وضعت مكانه الكًلاوي باشا مراكش كما قال المعتوه النقاز في الفيديو الذي نشره في الجزائر قبل قدومه إلى المغرب؟
بالتأكيد أن هذا نكاز -النقاز الذي لا يعرف عن تاريخ المغرب ولا حتى عن تاريخ بلده، سوى ما سمعه من أكاذيب وخرافات منشورة في شبكات التواصل الاجتماعي، قد اختلطت عليه الأسماء، بسبب الجهل، وأول اسم تبادر إلى دماغه المعتوه من شدة التعذيب الذي تعرض له في سجن الجزائر، هو الكًلاوي الذي كان مسؤولا في سلطة الحماية بمراكش.
فهو لا يعلم أن محمد بن عرفة هو الذي قبل عرض سلطات الحماية الفرنسية بأن يخلف محمد الخامس في الحكم، أمام رفض تام من الشعب المغربي الذي واصل ثورته إلى أن عاد السلطان الشرعي من منفاه.
إذن كيف للنقاز الجاهل بالتاريخ، والفاقد لأية أهلية علمية تسمح له بأن يتحدث في التاريخ، والذي لا يميز بين السنة التي تم فيها نفي محمد الخامس وبين السنة التي عاد فيها من المنفى، ويخلط بين الباشا الكًلاوي وبين محمد بن عرفة، أن يتحدث عن تاريخ مسجد الكتبية؟
من هنا يتضح الأسلوب الذي تسعى من خلاله النخبة السياسية والاستخباراتية في العالم الآخر إلى أن تبني به تاريخ بلدها، وهو أسلوب مبني على الكذب والتزوير وتزييف الحقائق والسطو والاختلاس.
في المنطق. هناك قاعدة أساس للتفكير العقلاني، تقول : ما بُني على باطل فهو باطل. أي أن أيّ استدلال يقوم على معلومة خاطئة يؤدي إلى نتيجة خاطئة.
وبالتالي، ما دام هذا الشخص المسمى نكاز-النقاز جاهل بالتاربخ، فإن كل ما يمكن أن يصدره من كلام حول التاريخ هو مجرد لغو وهرطقة.
الأمر الذي ربما يكون قد ربحه هذا المعتوه من رحلته إلى المغرب، هو أنه أثبت أنه شخص خبيث، وأن الذين خططوا له كي يأتي إلى المغرب لا يملكون من الكفاءة سوى كفاءة الخبث، ويفتقرون إلى المروءة، وقد تمكنوا من استغلال طيبة ومروءة السلطات المغربية، التي سمحت لهذا المعتوه بالدخول إلى المغرب على أساس أنه مغضوب عليه من نظام بلده.
فكانت النتيجة أنه ما أن وطأت قدماه مدينة مراكش ليلا حتى بدأ يصور فيديوهات في أزقة وشوارع المدينة، متحدثا فيها بكلام كله إساءة للمغرب، وهي فيديوهات يحتفظ بها، كي يبدأ بنشرها على التوالي، في إطار عملية مخطط لها من قبل.
وهنا يمكن الاعتراف بكل أسف، بأن الخبث قد انتصر على الطيبة، وأن الشر قد هزم الخير.
لكن الخير سينتصر في الأخير طال الزمان أو قصر .
وهذا ما كان.
*كاتب -صحفي