يتحدر الولي الصّالح سيدي عبد العزيز بنيفّو من ذرّية مولاي عبد السلام بنمشيش المقتول من طرف المتنبّي أبي الطّواجن الكتامي سنة 1228 م.
تقديم -عبد الرزاق المراكشي le12
المغرب بلد الأولياء الصّالحين”.. مقولة تعكس المكانة الخاصّة التي يحظى بها التصوّف في المملكة المغربية، التي يمتدّ فيها الفكر والسلوك الصوفيان إلى أزمنة بعيدة..
لو كنت مواطنا مغربيا، لربّما ساقتك الأقدار لأن تُجاوِر أحدَ هذه المباني الصّغيرة المسمّاة “الزّاوية”. فيها تقام الصّلوات الخمس في أوقاتها، باستثناء صلاة الجمعة. كما يُتلى في هذه “الرّباطات” القرآن وتقام العديد من العبادات التعبّدية الأخرى.
بمناسبة شهر رمضان المبارك، تقترح عليكم “Le12.ma” رحلة تاريخية في رحاب أشهر الزّوايا والطرق الصّوفية في المغرب.
زاوية بن يفو هو دُوَّار يقع بجماعة الغربية، إقليم سيدي بنور، جهة الدار البيضاء سطات في المملكة المغربية. ينتمي الدوّار لمشيخة بن يفو، التي تضم 7 دواوير. يقدر عدد سكانه بـ 1216 نسمة حسب الإحصاء الرسمي للسكان والسكنى لسنة 2004.
وكتب حسن رحيبي في هذا السياق:
“يتحدر الولي الصّالح سيدي عبد العزيز بنيفّو من ذرّية مولاي عبد السلام بنمشيش المقتول من طرف المتنبّي أبي الطّواجن الكتامي سنة 1228 م.
وحسب الوثائق التّاريخية فهو : سيدي عبد العزيز بن أحمد المكنّى بأبي اللّيث بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن محمد بن عبد العزيز بن يوسف بن عبد السلام بنمشيش بن أبي بكر بن حُرمة بن عيسى بن سالم بن مزوار بن حيدرة بن علي بن محمد بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المُثنّى بن الحسن السّبط بن فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب.
أي ينتمي للأدارسة المغاربة. الذين إنتقلوا إلى الصحراء المغربية. حيث وُلد ثم إنتقل رفقة والده وأخويه سيدي عبد الرحمان وسيدي غانم إلى درعة ومنها إلى مراكش. وقد وُلد الأخ الأكبر سيدي عبد الرحمان في مُنتصف شعبان من سنة 755 هجرية وسيدي غانم في العام الثالث أي 758 هجرية وسيدي عبد العزيز ثم سيدي علي. أي حوالي سنة 1347 هجرية مما لا يمكنه من لقاء السلطان لكحل أبي الحسن المريني المتوفى سنة 1351 ميلادية.
ولا إبنه أبي عنان المريني المقتول سنة 1358 ميلادية إلا إذا إلتقاه وهو في العاشرة من عمره. وقد يكون إلتقى أحد ملوك المرينيين المتأخرين، إذا إعتبرنا أن لقب السلطان الأسود أطلق على أبي الحسن وسلالته.
أما لقب بنيفّو فيرتبط بإحراق الجن كما ورد في الرواية عندما اشتكى سكان أوريكة له من عفريت يمنعهم من استعمال العين فقام أبوه بهذه الحركة التي إلتصقت بذريته. ويُعتقد أن أباه دُفن بالساقية الحمراء أو السينغال كما هو مشهور أو بمراكش.
وانتقل أبناؤه إلى قبيلة عبدة، ثم دكالة حيث سيطر السملاليون الذين تفاوضوا معه ليستوطن المكان الحالي ويقيم فيه زاويته التي أصبحت مشهورة بعلاج المسّ وأمراض الجنّ. كما أُحيط المكان بأساطير ومعتقدات أرجعت حُمرةَ التربة المحيطة بالمنطقة والتي تتميز باللّون الأحمر القاني والتي تسمى حنّة بنيفّو، كونها نتجت عن ذبحه لبقرة فقامت لتنثر دمها الذي خضب كل التربة واتّخذت هذا اللون، وهذا من كرامات الولي المتعددة.
إلى جانب تحكمه في الجنّ مع إقامة مكان لمحاكمته ودعوته للخروج من جسم المريض الذي قد ينطق لغة مختلفة. أو يُصاب بالكُساح أو العمى.
وهذه أمراض نفسية معروفة لدى الأطباء بعضها يدخل في نطاق الأمراض الهيستيرية التي تظهر على شكل عضوي يفسرها فرويد بالحل الهيستيري اللّاشعوري كي يخلّص المريض نفسه من الصراع النفسي القاتل، ليختار هذا الحلّ التوافقي لقبول وضعه.
مثل الحالة التي أوردها عند الصراع بين الضمير أو الأنا الأعلى لفتاة ترعى أباها المريض واللّاشعور أو الهو عند تقدم الشبّان لخطبتها، ما جعلها تقبل الحل الثالث وهو الكساح (الزحف) كي تُقنع نفسها والخاطبين بأنها لم تعد صالحة للزواج. وتُعالج مثل هذه الأمراض غير العضوية في أصلها بطرق بسيطة عندما يتم الاقتناع والثقة المطلقة.
وهو ما يُستعمل في العلاج بالرقية وغيرها؛ وإما بالفصام كمرض عضوي في الدماغ، ما يؤدي إلى اضطرابه وعدم قدرته على إدراك المعاني الحقيقية وشم روائح أو سماع أصوات أو رؤية أشياء لا يراها الكل.
ويشارك بالتناوب في الإشراف على الزّاوية الحفظان من الفروع التالية ويتقاسمون المداخيل خلال أسبوع وهم :
الطيور أولاد سيد لبداوي، الحساسنة أولاد سيدي رحّو بن علي، تيمگرت أولاد سيدي مومن بن عبد العزيز، أولاد سيدي علي بن أحمد (الزّاوية)، الدهاهجة أولاد سيدي عبد الله بن عبد العزيز، لغلامات أولاد سيدي غانم بن علي، لعراوة أولاد سيدي العربي لگناوي بن علي.
أما وجود روايات تفيد التقاء بنيفّو بمول البرگي واتّفاقهما على تقاسم الأرض ورسم الحدود، فلا يصح تاريخياً إلّا إذا تعلق الأمر بأحد أبنائه أو أحفاده. لأن مول البرگي أو سيدي عبد الرحمان بن رحو قُتل من طرف البرتغاليين عندما كان يُهاجم حصون آسفي ليلاً في شكل حرب عصابات خاطفة مع الحرص على جمع الغنائم، لذلك سُمّوا بالغنيميين أو الغليميين حسب النطق الشعبي. قُتل مع فرسه سنة 1542.
أما ميشو بيلير، المستشرق الفرنسي الذي عاش مدة طويلة في المغرب ممهداً للاستعمار وحفظ القرآن وصلى بالناس واخترق الجماعات مدّعياً الإسلام، فيقول في كتابه “دكّالة“:
توجد زاوية بنيفو على تخوم قبيلة أولاد عمرو وحدود عبدة. وأولاد بنيفو هم أحفاد سيدي عبد العزيز بنيفو وأخيه سيدي علي. وأصلهم من منطقة الحوز بقبيلة أوريكا.
وتضمّ الزّاوية قبب أضرحة المؤسّسين ومسجدا أو مصلّى صغيرا ومدرسة أو كتّابا لتعليم القرآن.
وسيدي عبد العزيز كما تقول الروايات كان يتميز بخاصية أو القدرة على علاج أمراض مختلفة. ومن بينها الأمراض العقلية أو المسّ من طرف الجن. وحالياً (عشرينيات القرن الماضي) توجد في الزّاوية عدة بيت لإيواء المرضى. وهي تقريباً دائماً مملوءة أو مشغولة.
أما أعيان هذه الزّاوية فهم حالياً :
سيدي احمد بن كرّوم وهو مقدّم الزّاوية أو المجموعة. وسيدي محمد ولد البغلي.
ويكوّن أولاد بنيفو أربع مجموعات :
1– أهل الزّاوية ويقارب عددهم ال 120 بمن فيهم الخدّام وهم غرباء عن الزّاوية؛
2– أهل تيمݣرت وهم أولاد سيدي عبد العزيز. ويكوّنون دواراً من 40 خيمة؛
3– الدّهاهجة والطّيور ويكوّنون 140 خيمة؛
4– أولاد سيدي علي امّالين الكُدية ويكوّنون أربعة دواوير تبعد قليلاّ وببضع كيلومترات عن سوق اثنين الغربية. وتكون المجموعة حوالي 200 خيمة.
هذه المجموعات الأربع تقيم بأولاد اعمرو الغربية. وقريبة من بعضها البعض. وأغلبهم ينتسبون إلى الزّاوية الدّرقاوية..