التعدد الذي أباحه الإسلام أثار –وما زال يثير إلى الآن- ضجة عاصفة واستياء عاما في الأوساط الأوربية، وأهم سؤال يتعرض له المسلم في أروبا هو عن نظام التعدد، إذ عندهم هذا النظام أخطر من الفساد والدعارة.
تقديم -عبد الرزاق المراكشي le12
عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم التسامح والتكافل والتعاون التي طبعت الإنسان المغربي الأصيل، قائما على ركائزَ متينة تقوم على السجيّة المغربية، التي يسير وفقها كلّ أمر في الحياة بـ”النية”…
اخترنا لكم في “Le12.ma”وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات المغربية التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة المغربية منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام “على الطريقة المغربية” لم يكن بالضّرورة قائما على “الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام… (آية قرآنية) و”الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر” وأنْ “ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه“.
ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة “دعوة الحق“.
بيّنا في ما سبق الأسس التي عولجت عليها مشكلة المرأة في الإسلام، والآن سندخل في بعض التفاصيل لنرى كيف عولجت عل تلك الأسس مستدلين بما وصل إليه العلم الحديث من بحوث في الموضوع مما سيؤدي بنا إلى القول باتفاق الدين مع العلم والواقع واتفاقهما مع الدين.
إن التعدد الذي أباحه الإسلام أثار –وما زال يثير إلى الآن- ضجة عاصفة واستياء عاما في الأوساط الأوربية، وأهم سؤال يتعرض له المسلم في أروبا هو عن نظام التعدد، إذ عندهم هذا النظام أخطر من الفساد والدعارة، ولعل الثورة التي قامت ضد هذا النظام في بلادنا الإسلامية كانت بدافع الشعور بالنقص ومن أجل “ستر هذا العار” ورفع “الستار” عن العالم الإسلامي الذي ينتسب إليه أصحاب “الثورة” الذين يخجلهم الإسلام بنظامه ذاك أمام أوانس أروبا فكان الدافع إذن الضغط الخارجي ولم يكن هناك أي مسوغ اجتماعي، وهكذا وقع هؤلاء في تأثرات انتحائية لا تؤدي إلى أي إصلاح منهجي.
والتعدد الذي شرعه الإسلام لم يكن بدعة في الحياة بل إن التاريخ عرف ألوان الشيوعية الجنسية أو ما يشبهها تلك الشيوعية التي دعا إليها بعض الأوربيين في القرن السابع عشر، كما عرف فوضى العلاقات الجنسية في صور أخرى حتى أن بعض العشائر كان يباح فيها معاشرة الإخوة لأخواتهن أو يشترك جماعة من مطلق الناس أو الإخوان في جماعة محصورة من النساء، ويقول بعض العلماء أن هذا النظام ما زال متبعا إلى الآن عند عشائر تودا بالهند الجنوبية، كما عرف التاريخ تعدد الأزواج ووحدانية الزوجة وما زالت بعض صوره على الآن في أكثر القبائل الجبلية على حدود الهند الشمالية كما كتب ذلك مراسل الأهرام منذ سنوات قليلة، وفد وجد هذا النظام في الجاهلية كما وجد نكاح الاستبضاع أما تكريم الضيف بتقديم الزوجة فتلك عادة لعلها ما زالت إلى الآن في بعض الجهات..
أما وحدانية الزوجة فلم يكن من صنع المسيحية وإنما كان عادة رومانية ويونانية، وبما أن الحضارة الحديثة تستقي ثقافتها من الرومان فإنها تبنت تلك العادة، ويقول أحد العلماء المتخصصين في البحث في قضية الزواج: “العهد القديم” فيصرح في سفر الملوك الثالث الفصل الحادي عشر بأن سليمان، كان له سبعمائة زوجة وثلاثمائة سرية.
ومن المعروف أن ملك بروسيا ويلهايم كان متزوجا من اثنتين وقد كان بهذا منطقيا مع نفسه إذ كان صريحا في زواجه.
إذن في التعدد لم يكن شيئا جديدا بالنسبة للعالم وإنما الجديد فيه أنه شرعه في صورة إنسانية تتفق ومصلحة المجتمع، ولم يثر ذلك التشريع أي اعتراض عندما كان الإسلام في أوج عزته، ولكن عندما تتدهور الأمة تنقلب كثير من قيمها إلى مساوئ ومطاعن.
والحق أن الصورة المثلى للزواج أن يكون مكونا من رجل وامرأة، والإسلام يحرص على تحقيق هذا المثل الأعلى ولكن الحياة معقدة ومتشبعة الجوانب لا تحتمل صورة واحدة ولا تتطلب حلا واحدا لاختلاف طبيعة الأفراد والظروف، والإسلام لا يغفل هذه الحقيقة في جميع تشريعاته لأنه امتاز بالمرونة وبمواجهة المشاكل بروح واقعية غير سابح في جو من الخيالات والمثالية التي لا تتحقق إلا في الأذهان دون أن يكون لها أي مدلول اجتماعي، فكان على الإسلام أن ينظم العلاقات الجنسية التنظيم الذي يسد منافذ الفساد ويقطع الطريق أمام كل انحراف، فقد وجد تعددا خطيرا وفسادا مستشريا كما وجد عادة الوحدانية عند الرومان واليونان، وفي كل من الطرفين خطرا، وخير الأمور أوسطها، فأباح التعدد إلى حد معين وبقيود، وصرح بأن هذه الإباحة تكاد تكون من المحظورات يقول تعالى: “فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة” ويقول “ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم” وأفهم من هذه الآية الكريمة أن في التعدد نوعا من الإثم ولكن تخففه الضرورة الاجتماعية، ويبدو لنا معنى هذا المباح الذي يكاد أن يكون محظورا أو هذا المحظور الذي أبيح للضرورة في مسلك رسول الله (ص) عندما أباح لعلي كرم الله وجهه ليتزوج على ابنته فاطمة، ولكن بعد ما اتصلت به ابنته وعاتبته على إذنه للعشيرة التي كان سيتزوج منها علي بأن يزوجوه ابنتهم تراجع وخير عليا أن يطلق له ابنته أو يمتنع عن الزواج عليها.
والإسلام ينظر إلى المشاكل نظرة شاملة وعميقة فهو قد منع الزنا باعتباره خطرا على الصحة العامة والحياة الاجتماعية، وقد شدد في هذا المنع ووضع عقوبات تصل إلى الرجم بالنسبة للمحصن ولكنه مع ذلك لم يغفل الغريزة الإنسانية التي قد تنفجر وتطغى إذا لم نجد لها منافذ معترفا بها وشرعية تزودها بالحل الضروري لحالتها، وحينئذ، يفوت المراد من الإصلاح وتنطلق الغريزة الجبارة تشبع جوعها بطرق شتى، وفي ذلك أضرار وإضرار، ولذلك، لم يمنع الإسلام الزنا وكفى، بل عمل على منع أسبابه واحتاط لذلك أشد الاحتياط، وتشريع التعدد في الإسلام كان احتراما واستجابة لهذه الحقيقة التي تعد سببا من أسباب التعدد كما سنعرض بعد، والفرق بين التشريع الإسلامي والتشريع الأوربي هو أن الأول كان صريحا في معالجته لهذه المشكلة، في حين أن هذا الأخير اكتفى بوضع القانون الصارم وغض النظر عن النتائج الخطيرة التي تتجسم في التعدد غير الشرعي خارج البيت والقانون، وقيمة التشريع ليست فيما يحويه من أفكار مثالية فقط ولكن بما يحققه أيضا من سعادة المجتمع ورفع مستواه الأخلاقي، وبما له من القدرة على التنظيم الاجتماعي الذي يهب للمجتمع شروط سعادته، وعناصر قوته، غير تاركين أي ثغرة ينفذ منها الفساد، والإسلام قد جمع بين المثالية والواقع، وتلك ميزة لا تتوفر إلا في تشريع السماء، وقد أعجب الدكتور غوستاف لوبون بنظام التعدد في الإسلام الذي لم يكن منافقا أو مموها كالتشريع الأوربي فقال: «إن تعدد الزوجات على مثال ما شرعه الإسلام من أفضل الأنظمة وأنهضها بالمستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به انه يزيد الأسرة ارتباطا ويمنح المرأة احتراما وسعادة لا تراهما في أروبا كما نجد شوبنهور الفيلسوف الألماني يدعو بكل قوته إلى مبدأ تعدد الزوجات فيقول: إما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حسنة حقيقية لنوع النساء بأسره» وترى بعض الكاتبات أن المخلص الوحيد من الشقاء الذي تعيش فيه الانجليزيات هو إباحة التزوج بأكثر من واحدة وتتخذ بعض الانجليزيات الإسلام مثلا أعلى لسعادة المرأة، فالتعدد إذن حسنة في رأي هؤلاء لأنه أضمن وسيل لاستقرار الأسر التي تتعرض لكوارث مختلفة.
ومن المعلوم أن الإسلام لم يجز التعدد إلا بشروط ولضرورة ملحة سدا للأمراض الناجمة عن غلق باب التعدد أحيانا، ولهذا المبدأ سندا من العلم والواقع الذي يبين الأسباب الحقيقية لهذا التشريع : فالدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة تبين في وضوح أن التجربة دلت العلماء على أن حالات الوفاة في الأجنة تكون نسبة الذكور فيها أكثر من نسبة الإناث، وكما أن الوفيات لدى الأطفال الذكور أكبر نسبة من الأطفال الإناث بسبب استعداد الذكر للمرض أكثر من الأنثى وبسبب التفاوت أيضا في القدرة على مقاومة أسباب المرض والموت، وهناك سبب آخر وهو أن عمليات الهدم الكيميائية الفسيولوجية متغلبة على الذكر على عمليات البناء، ونتيجة لذلك، وللحروب كانت نسبة النساء أكبر من الرجال في العالم، وقد دلت الإحصائيات الأخيرة أن النساء في العالم أكثر من الرجال بنسبة 2% ونشاهد اليوم بعض الأمم تعاني مشكلة ازدياد نسبة النساء، ففي البابان يوجد مليون ونصف امرأة بلا رجال كما صرح بذلك مكتب الإحصاء وكما يوجد أيضا في أمريكا حوالي 8 ملايين أرملة، وسيرتفع هذا العدد بمعدل مليونين تقريبا كل عشر سنوات والنساء هناك بوجه عام أكثر من الرجال بنحو مليونين، كما لوحظ أن المرأة الأمريكية تعيش أكثر من الرجل بمقدار ست سنوات، ويتمكن بعض العلماء الأخصائيين بازدياد النساء القابلات للزواج لدرجة يصعب معها أن تجد الفتاة فتى تتزوجه أو تحقق رغبتها في إنشاء أسرة معه وقد نشرت جريدة الأخبار المصرية في 26/5/58 في أخبار حواء أنها توصلت بأكثر من مائة رسالة من أمهات وعمات وشقيقات وآباء وفتيات كلها تتضمن عروضا للزواج من مهندس في القاهرة أعلن عن رغبته في الزواج كما نشرت من قبل أن ثمانين في المائة من خريجات كلية الآداب عوانس.
وأمام هذه المشكلة التي يولونها في العالم المتحضر أكبر اهتمام نجد العالمة الاجتماعية الدكتورة ماريون لانجلر تضع حلين للتخلص من خطورتها، تقول هذه العالمة: “إن لدى المجتمع حلين ممكنين فقط لتغطية النقص المتزايد في الرجال أو إيجاد طريقة ما لإطالة أعمار الرجال”.
غير أن جوينبورج الأمريكي لا يرتضى الحل الأول ويكتفي بالقول: “وليس من المنتظر أن نأخذ بالحل الثاني ولكن ولماذا نأخذ بالحل الثاني؟ وهل هو ممكن وعملي؟ وما نسبة إمكانه بالنظر إلى الحل الأول”، عن الكتاب المذكور يرى أن الحل الثاني هو النسب للأخذ به دون أن يبين مدى إمكانه ودون أن يخطط لتطبيقه، فلقد أملى عليه لا شعوره وعقله الباطن هذا الحل دون أن يترك له فرصة للتفكير الجدي، فالطريق الذي سلكه يكاد يكون قرين المستحيل لأن إطالة أعمار الرجال لا تؤثر على نسبة الوفيات في الأجنة وفي الأطفال وفي الطبيعة التكوينية للرجال والنساء وهو يعترف بصعوبة شديدة –وأن لم يصرح بها- تقوم في وجه هذا الحل، يقول أن الحل الثاني يتضمن تعديلا جوهريا في طريقة الحياة الأمريكية ولكنه أيضا سكت عن ماهية هذا التعديل وكيفية تنظيمه، وهكذا يسير بنا في سبل ملتوية لا تهدينا سواء السبيل المذكور لم يفهم مقصود تلك العالمة الاجتماعية، فقصدها واضح حيث ترى أن هناك طريقين لا ثالث لهما إما الاعتراف بإباحة التعدد كضرورة اجتماعية وإما طريق آخر –وهو مستحيل أو يكاد- وهو إطالة أعمار الرجال، وعلى كل حال فليس هذا هو المسوغ الوحيد لمبدأ التعدد فهناك أسباب أخرى تتطلب الحل الأول كالحروب العامة المتعاقبة والحروب الأهلية والإقليمية المستمرة، ويرى الملاحظون الاجتماعيون أن كل حرب يعقبها تحلل خلقي واستفحال الدعارة لوجود عدد هائل من النساء بدون أزواج ولأسباب أخرى لا تهمنا في هذا البحث.
ومن أسباب التعدد أيضا الطبيعة الجنسية فقد توجد في الرجل حرارة جنسية لا تكتفي بامرأة واحدة وهذه الحالة تستلزم حلا واقعيا وشرعيا وإلا عرضنا المجتمع لفساد مستطير لأن إشباع هذه القوة الجنسية لهذا الرجل لابد أن تقع خارج البيت وفي إحدى فتيات المجتمع وقد عرض علينا صاحب كتاب «الدوافع والقوى الجنسية» حالة كهذه، فلقد زار عيادته رجل لم يكن يكتفي بامرأة واحدة، ولذلك، فقد أنشأ علاقات غير شرعية بنساء غير زوجته، ومن أسباب التعدد حب الرجل إنجاب الأولاد في حين أن امرأته عقيمة، ولقد عرفت شخصيا كثيرا من هذه الحالات ولم أكن أقدر شعور الرجال في إنجاب الأولاد حتى انبسطوا معي في الحديث وكشفوا لي عن حقيقة شعورهم، غير أنه يجب الاحتياط في هذه الحالة فقد يكون الرجل نفسه مريضا ولذلك يجب أن يتحقق من نفسه طبيا حتى لا يحل مشكلة بأدهى منها.
ومن أسباب التعدد مرض المرأة مرضا يمنع الاتصال الجنسي ويمنعها من القيام بوجباتها الزوجية والزوج لا يريد مفارقتها غير أنه لا يصبر على هذا الشكل من الحياة بل يريد أن يتزوج.
ثم إن التعدد ليس نظاما بدائيا أنه لم يوجد عموما إلا في الأمم المتحضرة ولكنه يكاد يكون منعدما في الشعوب المتأخرة كما ينعدم بالمرة بين المتوحشين، فقبائل البوشمان يلتزمون الزواج من واحدة ويقول الفيلسوف الانجليزي برتر اندراسل في كتابه الزواج والأخلاق صفحة 69: “وجد بين الحيوانات أن الذكر يقتصر في الزواج على أنثى واحدة ويمتنع بمجرد الزواج عن النظر إلى أية أنثى أخرى، كما تتمنه الأنثى بمجرد زواجها عن النظر إلى غير زوجها.. فالرذيلة غير معروفة على الرغم من انعدام الدين، والغريزة تكفي وحدها فبراز الفضيلة” وهذا ما يقرره كثير من العلماء والباحثين.
وإذا لم يوجد نظام التعدد في الحضارة الغربية شرعيا فقد فرض عليهم بصورة بشعة ومدمرة للحياة الاجتماعية مما اضطر كثيرا من رجال الدين أخيرا في انجلترا برئاسة الدكتور فيشر الأسقف الأكبر في انجلترا إلى أن يطالبوا المسؤولين بأن يأخذوا بنظام تعدد الزوجات لما فيه من فوائد اجتماعية ملموسة، أما القوانين الاجتماعية الحالية التي تمنع ذلك فهي –كما صرحوا- رجعية خاطئة، ويجب أن تراجع عن ذلك «الأخبار» 9/4/58، وقد نشر طلب رسمي في إحدى المجلات المصرية مقدم من حكومة ألمانيا الغربية للجامعة العربية تطلب فيه تزويدها بمعلومات عن نظام التعدد في الشريعة الإسلامية لأنها تريد الأخذ به.
وإن كان العلامة وسترمارك يرى أن أروبا ستحافظ على الوحدة ولكن يشترط لذلك أن يكون للقوانين مفعول في النفس وأن يشعر الرجال بوجوب احترام الجنس الآخر وان يتاح للمرأة لأن يكون لها تأثير في التشريع ويستغرب أن يرى مجتمعا أروبيا يسمح بالتعدد، ولعل هذه القفزة النفسية اللاشعورية تتنكر لواقع اعتراف به كثير من علماء وكاتبات وفلاسفة أروبا، ولنفرض –جدلا- أن القوانين أثرت في النفس وأن الرجال احترموا الجنس الآخر وأن النساء سيطرن على التشريع، فهل يستطيع كل ذلك أن يقضي على الأسباب السالفة؟ ثم إن وسترمارك يستغرب من أن تكون أوربا تعترف بالتعدد قانونا وشرعا ولكنه لا يجد أي استغراب في التعدد غير الشرعي المنتشر في أوروبا، على أنه نفسه يعترف بعدم جدوى القانون إذا بلاشت العواطف المتأصلة في الزواج.
ولسنا من الذين يقولون بمنع التعدد ولا من الذين يدعون هذا النظام حرا طليقا في يد من يتخذه ذريعة للاستهتار إنما يجب أن يظل كعلاج للمشاكل الناشئة عن الأسباب السالفة، لكن في حدود تضمن قيمته وفاعليته في نهضة الأمة وسيرها السير الحسن، ولذلك، يجب أن توضع قيود تشريعية مستمدة من مبادئ التشريع العامة وأن تكون هيئة إسلامية بمعنى الكلمة شرف على تطبيق هذا التشريع ولا ترخص لمن يريد التزوج بأكثر من واحدة إلا لضرورة وبمسوغات وجيهة، ويجب أن تكون هذه الهيئة المؤمنة مكونة من خبراء في الطب والاجتماع والنفس والشريعة الإسلامية.
وهذا الإجراء ضروري حتى نحمي الأسرة من الفوضى ونحمي المرأة من استهتار بعض الجهال الذين يسيئون إلى الإسلام باستغلالهم هذا المبدأ استغلالا منكرا، ثم قبل كل شيء يجب أن يربى الشعب تربية إسلامية فلا يذهب في التطبيق مذهبا يصادم روح دينه وأهدافه التنظيم الاجتماعي التي يريدها الإسلام.
أما منع التعدد فإنه يرضي -من لناحية النظرية- المثالية ولكنه سيفضي إلى نتائج خطيرة تتخبط فيها أروبا في الوقت الحاضر.
وقد يغضب هذا بعض فتياتنا المثقفات ولكنهن يستطعن القضاء على هذا النظام لو تم لهن إجماع النساء على عدم التزوج برجل متزوج.