من التّحف الجَميلة التي كانت تستعملها الأسَر الغنية، كدليل على حسّها الحضَاري والثقافي الأصيل والرّاقي، الطّاس وإيدُو .

حسَن الرّحيبي

 من التّحف الجَميلة التي كانت تستعملها الأسَر الغنية، كدليل على حسّها الحضَاري والثقافي الأصيل والرّاقي، الطّاس وإيدُو .

قبل الأكل، يطوف الخادم أو ابن رب البيت، بالطّاس وإيدُو على الضيوف، مع فوطة يدلّيها على كتفه الأيمن.. مع صَابونة الرّيحة الجَميلة والملوّنة، أحد البدو اعتقدها فانيدة كبيرة فالتهمها ..ههههههه

لم يكن فقراء الدّواوير قادرين على امتلاك الطّاس وإيدُ، بأكواخهم ليس فقط لأنها غالية الثمن، بل أيضاً لأنها لا تلائم الدّيكور السّائد في الخيمة، ولا تحقّق أي انسجام وتوافق مع الرّحَل والسّكلّ والحرَاشَش المتوَاضعة.

لم يكن الفقير، يفكّر ولا داير في حسَابو مثل هذه الأشياء الفنية الجَميلة، لأن أقصَىٰ ما كان يشغل باله، هو الحصُول على كافة الشّميطة، وحزمة ݣصَب، وبعض حزم الهايشَر البرومي، وأدوار البسباس، وباب خشبي مرتجَل ومرقّع من عند الشّايظمي، وسَاݣطة خشبية، وقفُل صيني بجوج دريال وها قبّة جدي طلعت، والبهالّة ݣاع تجمعَت ههههههههه.

بل عرفتُ فقراء معدمين رَوّحوا لعروسَة في التّوفري، وبغيتيهم يفكروا في الأواني النّحَاسية والفضّية، والتحَف الجميلة بحَال هاذي؟ لذلك كان يحرصُ أغنياء الدوار على امتلاكها وتقديمها في المُناسبات الخاصّة، كتحدّي للفقراء الذين يفكرون فقط في ملء بطون أبنائهم، وليس منافستهم في مثل هذه الأشياء الثمينة والنفيسة..

مثل البابور ومقراش النحاس الشّامخ بمجمره النحاسي طويل القوائم أيضاً، وبعنبوبه الزّاهي المفتوح على كل الاحتمالات، والمشرَع بشكل دائم ومستمرّ، مما يشكل فخراً حقيقياً للعائلة الأرستقراطية الغنية، خاصةً لما يهتَر ويخرّج السّبولة، ويتفث دخانه الحامي في الجوّ الفسيح والفضَاء الشّاسع.. وأيضاً الطّبلة أو الصّينية الرّاقية وكيسَان العنب، وكيسَان البنّار.. حين كنا ننبهر لمّا يخرّج أبناء الأغنياء الحزب فنتسَابق لاحتلال أماكن متقدمة في المجلس، لتلقي أسئلة صَحفية، ونيل السّبق الصّحفي غير المسبوق (السّكوبّ) :

  اتّا ولد من آوليدي؟

  ومالك حَفيان؟

وما اسنانك خارجين؟

ومال عُنݣك مّوسّخ ..

ومال شراوطَك مْزَيّݣينْ ؟

تعالىٰ حَبّني عن بُعد آوليدي ..ههههههههه ..

ثم يناولونك خبزاً نظيفاً أبيض، مثل ثيابهم ، بينما تعودتَ أنتَ على خبز أسود خشن ، فتترك شيئاً منه حتىٰ تخرج لتفتح خبزك وتضعه وسطه كقطعة لحم لذيذة وبنينة ..

كان للفقراء أدوَاتهم ووسائلهم المقلّدة كما يفعل الصّينيون اليوم، بالبلاستيك لكن بالطّين :

طاس وايدو طينيين وحسكة وحمّاس وكيسان وغرارف تطلىٰ بالݣطران ..

لكن لا زلنا لا نعرف من قلّد من؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *