تقع زاوية سيدي عبد العزيز في مدينة مراكش، وتضم قبر العالم الصوفي عبد العزيز التباع، وهو عالم صوفي من تلامذة الإمام الجزولي.
تقديم -عبد الرزاق المراكشي le12
“المغرب بلد الأولياء الصّالحين”.. مقولة تعكس المكانة الخاصّة التي يحظى بها التصوّف في المملكة المغربية، التي يمتدّ فيها الفكر والسلوك الصوفيان إلى أزمنة بعيدة..
لو كنت مواطنا مغربيا، لربّما ساقتك الأقدار لأن تُجاوِر أحدَ هذه المباني الصّغيرة المسمّاة “الزّاوية”. فيها تقام الصّلوات الخمس في أوقاتها، باستثناء صلاة الجمعة. كما يُتلى في هذه “الرّباطات” القرآن وتقام العديد من العبادات التعبّدية الأخرى.
بمناسبة شهر رمضان المبارك، تقترح عليكم “Le12.ma” رحلة تاريخية في رحاب أشهر الزّوايا والطرق الصّوفية في المغرب.
تقع زاوية سيدي عبد العزيز في مدينة مراكش، وتضم قبر العالم الصوفي عبد العزيز التباع، وهو عالم صوفي من تلامذة الإمام الجزولي.
تأسست الزّاوية في عهد سلالة السعديين في القرن السادس عشر الميلادي وقد تم ترميمها وإعادة بنائها بالكامل في القرن الثامن عشر في عهد السلطان العلوي محمد الثالث بن عبد الله.
وتتمحور حول قبر من علماء المسلمين والصوفية هو سيدي أبو فارس عبد العزيز عبد الحق التباع، الذي تُوفي في مراكش في 1508.
ويعد سيدي عبد العزيز أحد القديسين السبعة في مراكش، وكان قبره محطة بارزة للوافدين إلى مراكش. تقع الزّاوية في شارع المواسين (شارع المواسين) عند تقاطعها مع شارع أمصفة
كان سيدي عبد العزيز التباع أهم تلميذ للمعلم الصوفي الجزولي الذي توفي عام 1465 ووجد ضريحه أيضًا في مراكش (بعد أن نقل السعديون جثته إلى هناك في 1523-24). اكتسب التباع، وهو مواطنٌ من مراكش، شهرته أثناء التدريس في مدرسة العطارين بفاس وأصبح يُنظر إليه على أنه الخلف الروحي للجزولي. جنبًا إلى جنب معَ الجزولي وخمسة آخرين، قال أنه جاء أيضًا لأن يعد واحد من القديسين السبعة في مراكش (مؤسسة دينية أنشئت رسميا من قبل السلطان مولاي إسماعيل)، واعتُبر شفيع مدينة الدباغين على وجه الخصوص. ومن بين هؤلاء القديسين السبعة أيضًا سيدي عبد الله الغزواني الذي كان هو نفسه تلميذًا وخليفة لسيدي عبد العزيز ودُفن لاحقًا في زاوية أخرى في الجنوب.
يقدم مجمع الزّاوية مزيجًا من العمارة السعديّة والعمارة العلوية فيما بعد. شُكِّل الضريح لأول مرة في عهد السعديين في أوائل القرن السادس عشر. ومع ذلك، وفقًا لجاستون ديفيردون (الباحث الفرنسي الذي استُشهد بعمله في مراكش بشكل كبير)، فإن المبنى الحالي يعودُ إلى عهد مولاي محمد بن عبد الله (حاكم مراكش بعد 1746 والسلطان 1757-1790)، وهو المسؤول عن البناء. وترميم العديد من المعالم الأثرية في المدينة.
وهذا مقال منشور لجمال بامي، مدير وحدة العلم والعمران بالمغرب، تناول فيه الموضوع:
شخصية هذه الحلقة عالم صوفي مشارك من رجال مراكش السبعة، عاش آخر فترات الحكم الوطاسي وبدايات الحكم السعدي؛ يتعلق الأمر بعبد الله بن عُجال الغزواني دفين حومة القصور بمحروسة مراكش؛ وبكتابتي حول هذا العلَم الفذ أكون قد استكملت التعريف برجال مراكش السبعة ضمن سلسلة علماء وصلحاء.
وقد شكل حي القصور في مراكش، الذي ارتبط اسمه بسيدي الغزواني، في فترات من تاريخ المدينة سكنا للأعيان والعلماء ورجال المخزن، وهو حي قريب من النواة المرابطية التي أسست في موقع الكتبية الحالي حيث توجد بقايا زقاق الحجر …
ولد أبو محمد عبد الله بن عُجَال الغزواني بمدينة القصر الكبير وبها تعلم المبادئ الأساسية في علوم الدين والأدب؛ أما سيدي عُجال والد صاحبنا الغزواني فنستفيد من كتاب “دوحة الناشر” لابن عسكر أنه “كان من عباد الله الصالحين، يجول في البلاد ليس له قرار ولا يلوي على شيء، وكان يدخل إلى الأسواق والمحافل وينشد ضالته ويقول: هي ناقة عليها غرارة مرَّت مرَّت، يا ويل من غرَّت، يعني بها الدنيا. ويقول ابن عسكر (ص: 91) أن والدته قالت له: كان سيدي عُجال يأتي إلى دار أبي وأنا صبية صغيرة (…) فإذا جئته أنا جعل يده على رأسي يقول يا فائدة أنت فائدة، وكان يقول قبل ظهور الشّيخ ولده: عندي ابن تركته يقرأ العلم سيكون له شأن وله من الأتباع عدد ما في صابة الزبيب من حبوب، كبيرها حلو وصغيرها حلو”. وكان رحمه الله موقرا ومعظما عند مولاي علي بن راشد أمير شفشاون، وكان يمسح على رؤوس أبنائه. وتوفي رحمه الله بقصر كتامة، ودفن خارج باب الوادي بإزاء ضريح السيد عبد الله المظلوم.
رحل الغزواني إلى مدينة فاس لطلب العلم فسمع بالشّيخ أبي الحسن سيدي صالح الأندلسي، في قصة مشهورة، فذهب إلى زاويته في جماعة من الطلبة؛ ثم رحل إلى مراكش ليقيم مدة عند شيخه عبد العزيز التباع حيث اشتغل عنده في الزّاوية كمكلف بالبساتين ..
من المصادر التي ترجمت للإمام الغزواني “ممتع الأسماع” و”تحفة أهل الصديقية” لمحمد المهدي الفاسي و”نزهة الحادي” للإفراني و”الاستقصا” للناصري، و”دوحة الناشر” لابن عسكر، و”سلوة الأنفاس” للكتاني .
قال ابن عسكر في “دوحة الناشر” (ط 3، 2003 ص: 88): “ومنهم شيخ المشايخ العارف بجلال الله وجماله، الداعي إلى حضرة الربوبية بجميع أقواله وأحواله، سيدي أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني. هذا الرجل آية كم آيات الله في ملكه، وبهجته عند الأولياء وواسطة سلكه، عجز اللسان عن العبارة التي توفي بحقه، وما هو إلا الإلمام بالإشارة إلى علو مجده. أصله من غزوان (…) قبيلة من العرب بالمغرب، ومن الناس من يجعله علويا. كان يتعلم العلم بفاس، فسمع بالشّيخ أبي الحسن علي صالح الأندلسي، فذهب إليه ولازمه أياما، فرأى من بركته ما حرك بَلبَاله، وأنهض إلى حضرة القدس أحواله، فسأل منه أن يسلك به طريق التربية النبوية، فقال يا ولدي صاحب الوقت بمراكش فاذهب إليه، وأمره بالرحلة إلى الشّيخ أبي فارس عبد العزيز التباع المعروف بالحرار نسبة إلى صناعة الحرير، فرحل إليه ولازمه، فأمره الشّيخ برفع الحطب إلى الزّاوية ورعاية الدواب، فبقي على ذلك مدة، ثم استعمله على حياطة بستانه وخدمته“.
يرى هنري دوكاستري في كتابه “les sept patrons de Marrakech” أن الغزواني أصله من غزوة، وهي قبيلة من غمارة، غير أن حسن جلاب في كتابه “سبعة رجال” (منتدى ابن تاشفين، 2004) يرى أن غزوان قبيلة من عرب تامسنا، وهو هنا يوافق ابن عسكر في “دوحته” الذي يعد غزوان قبيلة عربية. يقول الأستاذ محمد جنبوبي في كتابه “الأولياء في المغرب” (مطبعة دار القرويين، 2004، ص. 155): “في ما يتعلق بمسار تحصيله العلمي، فدراسته الأولى كانت بفاس قبل أن ينتقل إلى الأندلس التي تتلمذ فيها على يد الشّيخ علي بن صالح الذي كان متصديا للعلم بغرناطة، وحين غادرها تبعه عبد الله الغزواني إلى مدينة فاس التي لازمه بها، منقطعا فيها إلى مجلسه “…