لم تتعلم نعيمة سميح الموسيقى في معاهد النخبة، بل كان صوتها هو المعهد، وكان الشارع هو المدرسة، وكان الإحساس الفطري معلمها الأول. 

*فاطمة أبو ناجي

الغناء عند نعيمة سميح، لم يكن فعلا فنيا فقط، بل كان فعل وجود، ضرورة روحية، وطريقة لإعادة تشكيل الألم في هيئة نغم. 

كل من أنصت إلى صوتها شعر أنه لا يأتي من حنجرة، بل من مكان أعمق، من ذاكرة الوطن ومن وجدان الناس.

لم تتعلم نعيمة سميح الموسيقى في معاهد النخبة، بل كان صوتها هو المعهد، وكان الشارع هو المدرسة، وكان الإحساس الفطري معلمها الأول. 

عندما غنت، تلك الفتاة ثم السيدة، لم تكن تسعى وراء مجد شخصي أو شهرة زائفة، بل كانت تغني لأنها لا تستطيع إلا أن تغني. 

كان صوتها أشبه برحلة داخل الروح المغربية، صوت متجذر في تربة هذا الوطن، صوتٌ يسكن البيوت والمقاهي الشعبية، على النحو الذي يسكن القصور. 

ولدت بالفطرة نغمة صافية تسللت إلى قلوب المغاربة منذ سبعينيات القرن الماضي، حين كان الغناء شغفًا يتقاطع مع الهوية لا مجرد صناعة تجارية.

برحيل المطربة نعيمة سميح لا يفقد المغرب، اليوم، مجرد فنانة، بل يخسر جزءًا من ذاكرته السمعية، من ذلك الزمن الذي كانت فيه الأغنية تحكي الحكايات قبل أن تتحول إلى منتج استهلاكي سريع الزوال.

رحم الله الفنانة رحمة واسعة وألهم شمس” ومن أزهرت في قلوبهم الصبر الجميل 

وإنا لله وإنا اليه راجعون.

( صحفية مغربية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *