في مراكش، أن تنتظر “طاكسي” يأخذك إلى “المْحاميد” في “عرصة المْعاش” في بعض الأوقات يشبه انتظار غودو، انتظارَ الذي قد يأتي وقد لا “يُهلّ”، والشّهر صيام، والمْساواتُ لله مْن شي قُومان، في صْيامْ أو في فْطارْ!.. اللهْ يهدي ما خْلق، لكنْ…
مراكش-عبدو المراكشي le12
الثالثة والنصف، عرصة المْعاش.. (آه عْليك يا عْراصي مْرّاكش اللّي كانْت!).. لم تخرج المرّات الأربع السابقة التي ركبتُ فيها من هذه المحطة عمّا سأسرد من “تاريخ” هذا اليوم الرّمضاني المُتعب..
القصّة ذاتُها تعاد في كلّ مناسبة: عطلة أو “عْواشر”: تأّخّر، فوضى، تسابق وتزاحم و… صائمون واللهُ أعلم..
بوصفي ممّن يستخدمون وسائل النقل العمومية، عشتُ وأعيش الكثير من “القصص” و”الغرايْب” التي تحدُث مع سائقي الطاكسيات، ومنها هذه الفوضى الغريبة، التي يبدو كما لو أنها صارت أمرا واقعا، التي تشهدها محطات نقل الركاب حين تكون هناك مناسبة ما، مثل هذه “العْواشر”، التي ستطول بنا إلى ما بعد عيد الأضحى، رغم أنه.. “ما كاينشّ العيد هاد العامْ”…
أن تنتظر “طاكسي” يأخذك إلى “المْحاميد” في “عرصة المْعاش” في بعض الأوقات يشبه انتظار غودو، انتظارَ الذي قد يأتي وقد لا “يُهلّ”، والشّهر صيام، والمْساواتُ لله مْن شي قُومان، في صْيامْ أو في فْطارْ!.. اللهْ يهدي ما خْلق، لكنْ…
لكنْ ما معنى أن تنتظر (وفي واحدة من أهمّ محطات المدينة العالمية، إن لم تكنْ أهمّها على الإطلاق) أزيدَ من نصف ساعة حتى “يُشرّف”.أخيرا، أحدُ هذه الطاكسيات الذاهبة إلى المْحاميد فقط (وليس إلى “المْحاميد تْسعُود -لزيادة بعض الدراهم على الركاب، الذين وِجهتهم المْحاميد (القْديم) فقط ويضطرّون رغم ذلك إلى دفع ثلاثة أو أربعة دراهم إضافية فقط حتى يصلوا إلى وجهاتهم)؟..
أين ولو واحد من “المُنظّمين” المُفترَضين للسائقين في “عرصة المْعاش”؟ (ويا ما عرصة فيك يا بْلادي صارتْ زْبّالة) لماذا يُصرّ أحدهم – إن “تفضّلَ” وقبِل أن يعمل على خط “المْحاميد”، دون تلك الأرقام الأخرى التي تَفرّع إليها الاسم الأول لـ”قارة” المحاميد- أن يقف بعيدا عن مكان وقوفه الطبيعي والاعتيادي والعادي ويتفرّج على الركاب (ويكون قد تجمّع منهم عدد كبير نظرا إلى طول مدة انتظارهم) وهم “يتجارَون” إليه لحجز مقاعدَ مُفترَضة ليصلوا، أخيرا، إلى منازلهم قبل أن “تْدرْكْهُم المْغرْب”؟.. ما هذه الفوضى، خروقاتٍ وتحرّشات ووقاحات؟…
بالعودة إلى تفاصيل الفوضى التي شهدتها محطتنا أمس (قياسا إلى معظم أيام المناسبات) تصير “التريبورتورات”، في لحظة، سيّدة الموقف.
يتوقّف أحدها و”يملأ” سائقه فورا “مقاعدَ” ناقلته المُخصّصة لنقل شيء آخر غير “البشر”.. الركاب بوفرة وقد ملّوا الانتظار في “عرصة المْعاش” العريقة، غيرَ بعيد إلا ببضعة أمتار عن أشهر ساحات العالم، جامْع الفنون، التي تشدّ أنظار العالم وأرجلَه أيضا..
ركّاب أو عابرون يمرون هنا بالآلاف يوميا، من هذه المحطة “الدولية” ينطلقون إلى وجهاتهم المختلفة عبر جهات مرّاكش (سيدي يوسف، الداوديات، دوار العسكر، المسيرة… إلخ.) وأيضا نحو ضواحي المدينة (أيت أورير، العڭرب، أوريكة، السويهلة… إلخ.).
من باب القصبة حتى باب أكناو -أوطيل التازي، تمتدّ “عرصة المْعاش” محطة حيوية في شريان حركة النقل، لكنْ أيضا بـ”اختلالات” يُلاحظها أيّ راكب، فما بالك بـ”مُدقّق” بحسّ صحافي وفضول أدبي يتربّص بالتفاصيل الصّغيرة في اليومي..
سياح بالمئات، بل بالآلاف، يعبُرون “العْرصة” الشّهيرة يوميا، قادمين على الخصوص من “القْصبة” العريقة القريبة، في اتجاه السّاحة، لا بأس أيضا في أن يعاينوا مظاهر هذه الفوضى، التي ربّما تبدو للبعض أنه لا يمكننا العيش بدونها.
أخيرا، وبعد أزيدَ من نصف ساعة، “كُتِب” لي أن أجد لي مكانا في أحد هذه الطاكسيات، التي لا أدري أيّةَ “ريح” ساقته ليقف على بعد أمتار قليلة من جسدي العليل.
يا لَزهري، قلت في نفسي (مثل زهر الفقيه؟).. لا أنكر أنني محظوظٌ اليوم رغم انتظاري طويلا.. فلو لم “يَهْدِ” الله هذا السائق ويجعلْه يقف قربي لما استطعتُ “حجز” مقعد لي في هذه الرحلة.
فكما تعرفون، الصحّة مْشات، بْقى غير الفّانتْ.. وليس “الفّانتْ” ما تحتاج لكي توجد لك مكانا بين هؤلاء “الغلاظ ” الذين يتجارَون في اتجاه كلّ طاكسي يرونه قادما، دون أن يهتمّوا بك أو بغيرك، كائنا من كان..
فهم لا يعنيهم في شيء أن تكون هنا قبلهم ولا أن تكون مريضا أو متعبا حدّ الإرهاق ولا حتى تهمّ الواحدَ منهم أن تكون سيدة أكبر من أمّه أو حتى جدّته أو عجوزا لا حول له ولا قوة على العدو مثلهم في اتجاه كل عربة تلج المحطة، والشّهر فضيل ونحن صائمون واللهُ أعلم!..