هناك جوانب عدة من شخصية السكتاوي قد لا يعرفها عنه الكثيرون، لكنها لا تكاد تغيب عن صديقه الأعز حميد المرادي،الذي أعتقد أنه الأكثر تأهيلا لننتظر منه أن ينجز بروفايلا عن الصديق والرفيق الفقيد، ليقرّبنا من السي محمد، المناضل والسياسي والحقوقي، وكذا الشاعر الذي قدمته لنا دار التوحيدي.
*تقديم: أحمد نشاطي
*مرثية:حميد المرادي
آثرت الغياب عن التفاهة، التي باتت تهيمن على مختلف مناحي الحياة، والغياب بالخصوص عن الفايسبوك الذي كان يستهلكني بلا حدود…
لكن الصديق العزيز السي محمد السكتاوي نادرا ما يغيب عن الفضاء الأزرق، ينثر كلاما وصورا وورودا ومواقف على الفايسبوك، وينثر بالخصوص باقات شعر جميل له خصوصيته التي لا تشبه أحدا ولا جمعا ولا شعرا، ويمهرها بهاشتاغ اسمه الحركي “محمد خلاد”، الابن الوفي لدوّار بني خلاد الريفي، على مقربة من مدينة القصر الكبير…
كان السكتاوي يبدو أحيانا وكأنه يسكن الفايسبوك، عندما يفعل ذلك، كنا ندرك أن مرض القلب يكاد ينهكه، لكنه لا يستسلم له، فيواجهه، والشعر سلاحه، إلى أن استمكن منه المرض في الفترة الأخيرة، فلم يعد ينعشنا بتلك الجلسات، التي نقول فيها كل شيء أو حتى لا شيء، دون أن ننسى أن الرفيق كان خزانا لتاريخ مرير من النضالين السياسي والحقوقي، ومن هذا الخزان كنت أفتح عيني على جوانب خفية وحتى سرية من وجوه وحيوات نعرفها وكنا نبني لها هالةً وننعتها، عن غيّ أو جهل، بالقامة…
هناك جوانب عدة من شخصية السكتاوي قد لا يعرفها عنه الكثيرون، لكنها لا تكاد تغيب عن صديقه الأعز حميد المرادي، الذي أعتقد أنه الأكثر تأهيلا لننتظر منه أن ينجز بروفايلا عن الصديق والرفيق الفقيد، ليقرّبنا من السي محمد، المناضل والسياسي والحقوقي، وكذا الشاعر الذي قدمته لنا دار التوحيدي، التي يدير نشرها أحمد المرادي، في باقة مزهرة من ديوانين شعريين، شكّلا مفاجأة جميلة كشفت عن جانب مثير من شخصية السي محمد…
السي محمد حمّال كثير من الأسرار، لا يطلقها من عقالها إلا لمن تميل روحه إليهم، وكنت سعيدا أنني كنت من هؤلاء، نتحادث دون حدود، ولا حسابات، فنسمّي كل الأشياء بمسمياتها وهو يتحفني، رفقة المرادي، بغيض صغير من فيض كبير من التجارب واللقاءات والتموقفات والتحولات مما أنشأ لدي قناعة أن الكثير من المعطيات والتحليلات والتموقعات في الحياتين السياسية والمدنية في حاجة إلى مراجعة وإعادة قراءة استنادا بالأساس إلى ما يحيط المجتمعين السياسي والمدني من كتمان، انعكاسا لظاهرة الكتمان التي تتأسس عليها الدولة المغربية…
السي محمد السكتاوي يحتاج إلى وقفة أطول، وأكثر تفصيلا، مع المناضل والإنسان، مع الفرادة الخصوصية التي شكلها ضمن المسار العام لتطور الحركة الحقوقية في المغرب، وكهرم من أهرام حركة “أمنيستي” عبر العالم…
وداعا السكتاوي. هكذا كان ملف «كازينو السعدي» آخر معارك شعلة «ترانسبراني»
*أحمد حميد المرادي
في آخر تواصل بيننا، وبعد سؤالي عنك أيها الصديق الجميل النبيل، توصلت منك برسالة مكتوبة بكلمات شعرية اخترقت جوارحي. كتبتَ بكلمات مشتعلة:
“تحياتي صديقي
أمرّ بوعكة صحية حرجة
أخرج من عيادة لأدخل أخرى
خذلني القلب
أنا بين ضفتين
في عيادة
أنتظر أن أعبر هنا
أو هناك
شكرا على سؤالك”
وكان أن أجبتك بكل محبة:
“شفاء عاجل أتمناه لك”
السي محمد السكتاوي، كان بودي أن أكتب عنك وأنت بيننا، والحقيقة أنك لم تغادر، مازلت بيننا، بابتسامتك التي تغمر جلساتنا ومنادماتنا الواقعية والسوريالية والعبثية وتحوّلها إلى لحظة صداقة وفرح وأمل.
السي محمد السكتاوي، منذ التقينا ذات سنة 1977، في شرط مختلف عما نعايشه اليوم، كانت سنوات أطلق عليها “سنوات الرصاص”، كان من السهل أن يسميها “البعض” كما شاء، لكن كنا نقول دائما إنها سنوات “وضعنا أرواحنا فوق كفوفنا بحثا عن وطن حلم”…
صديقي السي محمد السكتاوي، منذ ذلك التاريخ، التقينا وافترقنا، لكننا أحببنا بعضنا بصدق، واشتركنا أسرارا كثيرة، لكن أعلم أنك حملت معك الكثير من الأسرار.
لا أريد أن أرثيك بسرد شبيه بما كنت تسميه “Cuentos” أو حكايات خارج سياقها.
فقط أريد أن أقول لك إنك من الأصدقاء الأصفياء القلائل.
لم تخلف الموعد قط حين يجد الجد.
قليلة هي اللحظات، التي سالت فيها دموعي، لكن خبر وفاتك لم يمهلني لأمنعها.
حميد المرادي
صديقك الذي يحبك
*المصدر -الزميلة الغد 24