*الرباط – جواد مكرم
بينما لاتزال فضيحة رئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، عندما هاجم مواطن جزائري قال إن الغرب الجزائري مغربي التراب، تتناقلها وسائل الاعلام الدولية، جرى تسريب وثيقة من الأرشيف الفرنسي، تؤكد مغربية مدن جزائرية.
الوثيقة، التي حصلت جريدة le12.ma، على نسخة منها، صدرت عن “وزارة الخارجية المغربية بتاريخ 17 اكتوبر 1960 موجهة لسفارة فرنسا بالرباط تحت رقم N 8 – 7865/E “.
هي مذكرة احتجاج رسمية، يقول الصحفي القيدوم محمد سراج الضو المتخصص في قضية الصحراء المغربية، “على قرار السلطات العسكرية الفرنسية بتندوف الصادر بتاريخ 28 غشت 1960 القاضي بتهجير الرعايا المغاربة سكان مدينة تندوف من أراضيهم في اجل زمني لا يتجاوز الـ24 ساعة”.
وبحسب الوثيقة، يورد سراج الضو، “قالت الخارجية المغربية في المذكرة إن المغاربة المعنيين بالتهجير تم نقلهم من قبل القوات العسكرية الفرنسية إلى غاية وادي درعة فيما وصل أول المهجرين إلى أقا”.
”وزارة الخارجية المغربية عبرت حينذاك عن احتجاجها ورفضها عملية التهجير وطالبت بعودة الرعايا المغاربة إلى بيوتهم بتندوف في أقرب وقت ودعت إلى عدم تكرار مثل هذه الأعمال”. يقول سراج الضو.
وتابع، في تدوينة له، “إنها الحقيقية التاريخية الثابتة التي يحاول النظام العسكري الحاكم في الجزائر إخفاءها والتعامل بمنطق النصب والاحتيال مع المغرب”.
وخلص الصحفي المغربي، المتخصص في قضية الصحراء المغربية، “لقد حان الوقت للإفراج عن كل الوثائق التاريخية وكشف الحقائق حتى يعلم الجميع من الباغي والظالم المستعلي الذي حاول على مدار عقود إذكاء العداء بين الشعوب المغاربية لإخفاء الجُرم المرتكب في حق المنطقة”.
2.5 مليون وثيقة من الأرشيف الفرنسي إلى المغرب
في تطور ديبلوماسي بارز، توصل المغرب وفرنسا خلال أكتوبر الماضي، إلى إتفاق رسمي يقضي بنقل حوالي 2.5 مليون وثيقة من الأرشيف الفرنسي إلى المغرب.
وتشمل هذه المجموعة الأرشيفية، سجلات تاريخية قد تدعم مطالب المغرب بأراضٍ محتلة بشكل غير قانوني، خاصة في المناطق المعروفة بالصحراء الشرقية.
وتم تأكيد الاتفاق خلال لقاء جمع مسؤولين مغاربة ونظراءهم الفرنسيين، على أهمية التوثيق التاريخي في معالجة النزاعات الإقليمية.
ويُتوقع أن تلعب هذه الوثائق دوراً محورياً في تعزيز موقف المغرب في المحافل الدولية فيما يتعلق بمطالبه على المناطق المتنازع عليها.
وتحتوي الوثائق على معلومات هامة تتعلق بالمطالب التاريخية للمغرب وحدوده الترابية، خاصة في المناطق التي ظلت محل نزاع منذ نهاية الحكم الاستعماري.
ويأتي هذا التحرك في إطار الجهود المستمرة للمغرب لتأكيد سيادته ومعالجة المظالم التاريخية الناتجة عن إتفاقيات الحقبة الاستعمارية.
ومن المتوقع أن يسهم هذا الاتفاق في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مظهراً التزاماً مشتركاً بمعالجة القضايا التاريخية. كما يُعد اعترافاً فرنسياً بأهمية السياق التاريخي في المطالب الإقليمية المعاصرة، مما قد يؤثر على المناقشات داخل الهيئات الدولية بشأن وضع الأراضي المتنازع عليها.
الوثيقة تنصف صلصال وتصفع تبون
ولا شك أن تسريب وثيقة أرشيف فرنسا المعترفة بإقتطاع باريس زمن الاستعمار أرض في الصحراء الشرقية المغربية لفائدة الجزائر الفرنسية، قد أنصفت المناضل الحر بوعلام صنصال، وصفعت بالمقابل، الرئيس تبون ومن يدور في فلكه، بعدما أكدت حقيقة تاريخية مغربية تلك الأراضي التي لايطالها الباطل.
لقد جاء هذا التسريب، مباشرة عقب توجيه، الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الأحد، انتقادات لاذعة للكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صلصال، واصفا إياه بـ “اللص” و”مجهول الهوية والأب”.
تبون قال في خطاب أمام نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الامة، عند التطرق إلى العلاقات مع فرنسا، “ترسلون لصا مجهول الهوية، لا يعرف والده، ويأتي ليقول إن نصف الجزائر تنتمي إلى دولة أخرى”.
وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية أكدت في تقرير سابق انزعاج السلطات الجزائرية من تصريحات صنصال، تحدث فيها عن أراضي انتزعت من المغرب لصالح الجزائر، خلال فترة الاستعمار الفرنسي.
وأوقفت السلطات الجزائرية صنصال يوم 16 نوفمبر الفائت بالمطار الدولي هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية.
وصنصال كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، سبق له العمل في وزارة الصناعة الجزائرية، واشتهر بمواقفه المعارضة والناقدة للنظام، كما عُرف بمناهضته للإسلاميين المتشددين.
ويواجه الكاتب تهما بموجب المادة 87 مكرر التي تعدّ “فعلا إرهابيا أو تخريبيا (..) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.
وأثار توقيف صنصال موجة من الانتقادات في الأوساط السياسية والأكاديمية الفرنسية، إذ اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في وقت سابق، أن اعتقال الجزائر لصنصال، “غير مبرر وغير مقبول”.
ماذا وراء تسريب الوثيقة؟
والظاهر، أن تسريب وثيقة أرشيف فرنسا المعترفة بإقتطاع أرض في الصحراء الشرقية المغربية لفائدة الجزائر الفرنسية، ستشكل ضغطا متعدد الأوجه على الجزائر، لإخلاء سبيل الكاتب الفرنسي بوعلام صلصال، خاصة أن قصر الاليزي وحكومة فرنسا وإعلامها دخلوا بقوة على خط هذه القضية.
بالمقابل، تركز الرباط، في ظل المتغيرات جيو- سياسية، على التنمية، وتكريس الديمقراطية، وكسب المزيد من النقط الدبلوماسية على مستوى إنهاء الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية، مستفيدة من ضعف النظام في الجزائر، وعزلته القاتلة جراء انهيار حلفائه، قبل دخول العالم، مرحلة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ.
في خضم ذلك، تبقى، كل حقيقة موثقة، تؤكد إقتطاع فرنسا الاستعمارية، لأراض مغربية لفائدة الجزائر الفرنسية، ربح جديد يعزز ملف المغرب الخاص بإستكمال وحدته الترابية، حيث ما كانت. ومتى حان وقتها؟. وتلك قصة أخرى.
*المصادر- الحرة- le12.ma