في الطائرة المتجهة الى مطار أربيل تحس من ملامح وجهك أنك انت الوحيد الغريب بين المسافرين، كلهم يتشابهون في ملامح وجوهههم وقصات شعرهم الرطب الذي يغزوه الشيب.
المسافرون غالبيتهم ذكور، رجال فوق سن الاربعين، يبدو عليهم الوقار الملفوف بالحزم وبعض نساء اما متحجبات أو عاريات الرؤوس.
الركاب يبدون هادئين ومنظمين والاسر التي بها اطفال تجد الأب هو من يحمل الرضيع والام /الزوجة من تتقدم حاملة الامتعة
وفجأة تسمع كلاما لا هو بالتركي ولا بالعربي، هنا لغة الأكراد، الشعب الذي مهما كتبت عنه ساجدني اخوض في كثير من احداث التاريخ وحقوق الاقليات وحضارة بلاد الرافدين الى البحر ومنه الى اليابسة.
حميميتهم فيها شيء من حميمية وشعبوية المغاربة، لا ترى في وجوههم تكليفا ولا تعبر ملامحهم عن شيء معين، هادئون يمشون ببطء وعندما تتأمل ملامحهم يمتلكك الإحساس انك تعرفهم او سبق لك اللقاء بهم.
انا الآن كل شغفي ان تأتي المضيفة وتأتيني بكوب ماء بعد عطش ليلة كاملة وطويلة بمطار اسطنبول.
بعد ان جلس الجميع واقتربت الطائرة من الإقلاع تعالت الاصوات من المقاعد كلها او جلها لغة كردية لا افهمها، وكل همي ان لا أجد عائق اللغة امامي مرة اخرى بمطار اربيل.
عندما اقلعت الطائرة من مطار اسطنبول الدولي وجدت مقعدي في نفس مستوى جناح الطائرة وكأنني جالس فوق الجناح الايمن كل الهزات الخفيفة والقوية أحس بها، وكلما كانت الهزة قوية علت اصوات النساء في الطائرة وهن ينطقن بكلمات كردية لا اميزها.
السماء بالخارج صافية جدا، ولكن الضباب والرياح يجعل الطائرة تحلق ببطء شديد، بل وانا اتأمل جناح الطائرة من نافذة مقعدي أحس بها وكأنها متوقفة او تزاوج بين السير والتوقف حسب احوال الرياح وقوتها.
في الحقيقة لم أحس بأي شيء في البداية وسلمت نفسي لنومة عميقة، وعندما استفقت وجدتهم يوزعون وجبة الافطار، بالنسبة لي اريد فقط ماء، اريد ان اشرب، وكذلك كان.
الساعة تشير الى السابعة الا ربع بالتوقيت المغربي كانت اشعة الشمس تتسلل من نافذة الطائرة، وبدت اجنحة الطائرة اكثر هدوء، ولمعان السحاب وبياضها زاد المشهد روعة بسبب اشعة الشمس التي تخترقه .
لا اعرف اين نحن بالضبط، لكن بدأت اميز من رؤيتي من النافذة بين بياض السحاب وبين قمم الجبال المكسوة بالثلوج … منظر رهيب فعلا سبحان الخالق .
غير ذلك احمد الله اني قطعت هذه الاشواط، وبمطار اربيل ينتظرني الحبيبان الدكتور حكمت و الدكتور احمد، رئيسا فرعي الاكاديمية العالمية لعلماء الصوفية بشمال العراق، رجلان خبرتهما اثناء زيارتهما الاخيرة الى المغرب، ومؤكد ان بحضورهما و برعاية سماحة الامين العام ستكون لنا ايام مثمرة و ناجعة خدمة للشريعة و الصوفية و قضايا الامة الاسلامية.
التقيكم بعد حصولي على تغطية الانترنيت، لانشر هذا المقال، واكتب عن رحلة الوصول.
* سيدي علي ماء العينين (اليراع)