كانت ولا تزال القهوة المعشبة منشطاً صحّياً وعلاجاً في أيام الشتوية ! ومزاجاً أيضا!.
بمجرد أن تشم رائحتها يعتدل المزاج!.انها كنز غذائي لا يعرف قيمته إلا المغاربة.
*أم وهيبة بوزيان
كعادتي أحبّ الحديث مع الناس البسطاء وأخلق دائماً معهم موضوعاً للنقاش.
اليوم كانت البطلة خاصة و متميزة و محبوبة لدى المغاربة !.
جمعتهم و تجمعهم بها ذكريات جميلة و دافئة وعائلية.
انها القهوة المعشبة أو البلدية التي تجذبك رائحتها على بعد كيلومتر!.
القهوة القادرة على تعطير حيّ بأكمله!.
حاسة الشم تفرض معها نفسها بقوّة!.
مفعول التأثير ! تأثير الرائحة!.
الرائحة الطيبة لا تقاوم! ورائحتها مغْرية! لما تحتويه من توابل أو عطرية.
كالقرفة والقرنفل والجوزة والهيل–قاع القلة أو القعقلّة– والنافع وحبّة الحلاوة والزنجبيلوالفلفل الأبيض المدقوق !
باختصار، قهوة ذات تاريخ قديم حيث كانت تقدّم لضيوف من عليّة القوم ورفيعي المكانة وفيأكواب نحاسية! .
كانت ولا تزال القهوة المعشبة منشطاً صحّياً وعلاجاً في أيام الشتوية ! ومزاجاً أيضا!.
بمجرد أن تشم رائحتها يعتدل المزاج!.
كنز غذائي لا يعرف قيمته إلا المغاربة. وكمعلومة إضافية يمكن أن يطحن مع القهوة بالاضافةالى التوابل المذكورة اللوز والجوز اللذان ينسمانها بطيب المكسرات ويضيفان إلى فوائدها،فوائد الدهون المفيدة! وذلك لمن في استطاعته ذلك، ماديا طبعا!
من طقوسها الفريدة أيضاً أنها كانت تقدم مع الزيتون الأسود وخبز الزرع وأحيانا كيلو من الإسفنج!.
وذلك تحت أنغام الرّاديو والأغاني القديمة ! فتح الله لمغاري! محمد فويتح! محمد الحياني! جيل جيلالة! ناس الغيوان! وغيرهم!..
تنضاف إلى رائحة البنّ بالعشوب والتوابل رائحة البخور وخاصة العود ! الطقوس ! الأيامالجميلة! العائلة!
إنها – سيّداتي سادتي– القهوة العجيبة والسحريّة التي يتمسّك بها المغاربة على مرّ العصور !.
وهذا ما يميّزنا كشعب عريق عن باقي الشعوب.
الذوق الرفيع والتشبّت بالتقاليد ! .
إنّه مغرب التراث والحضارة! مغرب الأصالة والمعاصرة!.
أعود إلى بائع القهوة، سألته كيف يحضّرها! أجابني :
– بصراحة أنا أشتريها من العطار وأقوم فقط بطبخها!
سألته :
– كم ثمن الگوبلي؟
– عشر دراهم فقط !
– قلت مازحة :
– كثير جدّا!
لكن إجابته كانت مقنعة:
– أنا أثق في كرم المغاربة خاصّة حينما يقلّ زوار الشاطئ في فصل الشتاء!.
قال وصدَقَ! .
ظنّ في الوهلة الأولى أنني من الجالية المغربية المقيمة بالخارج! شرف لي طبعاً! أجبتهبالنفي!.
مكناسة الزيتون ولادة ونشأة وإقامة!.
فطِنتُ من حديثه أنه يتقن فنّ التواصل ! فنّ التواصل من الفطرة إذا ! .
والتعامل الراقي مع الناس لا يحتاج إلى دراسات عليا وشهادات أكاديميّة بل إلى كلمات طيّبة ! وكثيرٌ من التجارب في الحياة!.
وقهوته تستحق أكثر من الثمن المطلوب!.
فالقهوة لها تاريخ والسيد البائع مثالٌ للشخص العملي الذي يبحث عن قوت يومه بالحلال ! وفي نفس الوقت يحافظ على عادة قديمة ثمينة ! وجب تشجيعه طبعا .
فتحية احترام وتقدير لكل من يتعب في الحلال!