لم تحظى عمليا نساء تازناخت، المبدعات في الزربية، بشكل استثنائي، بتعامل يليق بالمبدعات، بل كن هن الضائعات في المعرض، هذا ما رصدته يوميا، مؤسف فعلا، ولكنه واقع المعارض في المغرب، واللقاءات التي تحاول تثمين سلاسل الإنتاج أو إبداعات المغاربة، نساء ورجال.
تازناخت-عادل الزبيري
في قرية مُودَّات، في إقليم ورزازات، بين قمم سلسلة جبال الأطلس، في تصوير مهني ميداني، ألتقي بطفلات صغيرات فرحات وباسمات، في نهاية يوم اعتيادي في هذه القرية المتوارية تماما عن الأنظار.
للوصول إلى هذا القرية النائية والجميلة، طريق وعرة وضيقة، ولكن لكل مغامرة صحافية مهنية ميدانية، قصة تبقى بأثر جميل جدا في الذاكرة طويلا جدا؛ لأنني تعلمت تذكر تفاصيل القصص الإنسانية للمغاربة، منذ 20 عاما.
ففي هذه القرية، تشتغل نساء مع رجال في عمليات غسل الزرابي، قبل توجهها إلى بازارات مراكش، عاصمة السياحة المغربية، ويجدد الأطفال الصغار، هذه الزرابي الملونة، على امتداد البصر، مرتبة بين الروابي، فتكبر عندهم ثقافة الألوان التي تحملها الورابي، فتكسر رتابة لون الأرض المنقسم بين الأسود الفاتح والرمادي الداكن.
خلال اشتغالي في التصوير، راقبتني عن قرب، الطفلات الصغيرات بشغف، كنا سعيدات بهذا الزائر الغريب، الذي جاء في هذا اليوم، لتصوير الزرابي، ما عثرت لدي لهن كهدية، سوى حبات تفاح محلي، أحمر اللون، اشتريته من فلاح محلي.
بقيت الصغيرات الجميلات الباسمات، في قرية مودات، حارسات للزرابي، فيما سيارة العمل كانت تغادر هذه القرية التازناختية، لتعود البلدة الجبلية إلى سكونها الاعتيادي الخريفي، ويختفي هذا الصحافي الزائر الغريب بين التلال، والشمس تجمع حقائبها مسافرة في نهاية يوم.
في المساء، في يوميات معرض الزربية في تازناخت، تغادر أمهر نساء الزربية فضاء تقديم المهارات اليدوية، يقدمن كل تفاصيل نسج الخيوط، وتحويل الصوف إلى مادة أولية لحياكة الزربية النسائية الواوزكيطية.
لم تحظى عمليا نساء تازناخت، المبدعات في الزربية، بشكل استثنائي، بتعامل يليق بالمبدعات، بل كن هن الضائعات في المعرض، هذا ما رصدته يوميا، مؤسف فعلا، ولكنه واقع المعارض في المغرب، واللقاءات التي تحاول تثمين سلاسل الإنتاج أو إبداعات المغاربة، نساء ورجال.
يجب أن نعترف أن المبدع لا قيمة له عمليا في المعارض المهنية والحرفية، خصوصا في المناطق النائية، لتتحول زيارة وفد وزاري، إلى الحدث الأبرز، وإلى الخبر الرئيسي.
تحتاج النساء الباسمات التازناختيات الواوزكيطيات، صغيرات وكبيرات، إلى مليون التفانة، اعترافا بفنهن الجميل، في تشكيل لوحات فريدة على زرابي مبثوثة، بعيدا عن وصايات باليات لرجال السلطة في الإدارة الترابية أو لمنتخبين لا ينصتون لصوت الأنين النسائي، على خيوط زاهيات في الزرابي، التي بقيت معلقة في أروقة المعرض، من دون لا بيع ولا شراء ولا كراء.
*مدير مكتب العربية في المغرب