تعمد عبد الإله إبن كيران، إهانة أهل سوس العالمة في عقر دراهم في المهرجان الخطابي السبت الأخير بمدينة أكادير.

فقد إختار نكتة تحمل في طياتها تمييزاً وعنصرية واضحة تجاه الأمازيغيين باغترافه من قاموس مفردات تحط من قيمة اللغة الامازيغية التي يصر ويتعمد تسميتها بـ”الشلحة” بدل “اللغة الأمازيغية” كما هي في دستور المملكة، وأصر على نعتهم بـ”الشلوح” بدل “أمازيغيين“.

 إهانة إبن كيران، لأهل سوس تكشف حقده الدفين على كل ما هو أمازيغي، فهو الذي قال ذات يوم “بشحال كاع كيفطر السوسي”، بل ووصف أبجدية تيفناغ بـ” الخربشات”.

وهو الذي هدد ذات يوم بحرب الشوارع أثناء النقاش حول مدونة الأسرة، قبل أن يتدخل جلالة الملك حامي الملة والدين، ويحسم النقاش في الموضوع بألية التحكيم.

في نفس اللقاء أهان إبن كيران، رجال التعليم وخاصة منهم المعلمين، واسترخص أن يصبح أحدهم يوماً ما وزيراً، وذلك حين تطرق لاستوزار شاب في حكومة أخنوش هو رئيس شبيبة الاحرار، ونسي أن شاباً يترأس شبيبة حزبه سبق استوزاره في حكومة سعد الدين العثماني المعدلة وفق صيغتها الجديدة، وهو ما لقي الاستحسان حينها واعتبر بداية لفتح الباب أمام الشابات والشباب لشغل مناصب المسؤولية الحكومية.

ليس ذلك فقط، فقد لجأ إبن كيران، الى التضليل من جديد، بل والافتراء على خصومه السياسيين باستغلال الدين، وذلك حين اتهامهم بإفساد المجتمع بـ”العلاقات الرضائية” و”المثيلية”، وذلك في ضرب وإساءة صريحة لدولة أمير المؤمنين حيث تظل الشريعة الاسلامية أسمى مصدر للتشريع.

للتذكر فقد أكد ذلك جلالة الملك في خطاب العرش 30 يوليوز 2022 بقوله ” بصفتي أمير المؤمنين، فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية” مضيفا ” من هنا، نحرص أن يتم ذلك /أي الاجتهاد/، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية“..

ولم يتردد إبن كيران، كعادته في التقليل من شأن خصومه السياسيين، واتهمهم بالفاسدين متناسيا أن من بين أعضاء حزبه متورطين في الفساد المالي بل والأخلاقي.

واختار الضحك على الدقون بالتضليل والتدليس والتغليط والكذب تما كما فعل “مسيلمة” منذ قرون.

ورغم أنه افتضح أمره في حربه “الدونكيشوطية” ضد من يسميهم التماسيح والعفاريت حين كان في منصب المسؤولية الحكومية، فإنه بحث عن خصوم جدد لعله يشفي هوسه بالبحث عن الأعداء، ولم يجد هذه المرة غير مواطن صحافي عبر عن رأيه ومعه مجموعته الإعلامية، واستل من جديد “عقيدة الولاء والبراء” لزرع الفتنة في المجتمع على غرار جماعات الظلامية التي نشرت ثقافة “الظلام “.

لقد انزلق إبن كيران، بخطابه التحريضي الى دعوة للكراهية والحقد والعنف والترهيب، وهو تصرف لا يليق بمسؤول سياسي، تربع على أعلى المناصب في هرم الدولة وفشل أن يصبح رجل دولة حقيقي، وكان يفترض فيه أن يقدم القدوة والنموذج فيما يتعلق بتعامل السياسيين الشرفاء مع وسائل الإعلام، خاصة أن خطابه تضمن جملة من الأوصاف التحريضية والاتهامات التي تكتسي خطورة بالغة.

المتأمل في خطاب إبن كيران، وفق أبجديات علم النفس السياسي، يكتشف مدى هوسه بالسلطة والحب المرضي للدنيا والإستماتة في العودة الى كراسي المسؤولية وامتيازاتها، مهما كلف الأمر، ولو بالتضليل والكذب على أتباعه وعلى ضعاف النفوس.

انه كما يبدو من جهازه المفاهيمي لا يؤمن بقيم الديمقراطية ولا دولة المواطنة دولة التي يتعايش فيها الجميع ويحظر فيها “كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان” ما ورد فيم ديباجة دستور المملكة.

انه ذات الأمر الذي يتناساه من تماهوا مع مواقف إبن كيران، من أشباه اليساريين الذين تخلوا عن قيم الحداثة والتقدمية، بل وضربوا عرض الحائط مضامين الوثيقة الدستورية التي صادق عليها المغاربة والتي تنص على “حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزئة“.

 لقد تناسى إبن كيران، أن حزبه من وقع اتفاقية استئناف العلاقات مع دولة إسرائيل، وأن ذلك مراعاة للمصلحة العليا للبلاد بعيدا عن مصلحة ضيقة لطائفة أو حزب سياسي، ودون التخلي عن موقف المملكة الراسخ بالدفاع عن القضية الفلسطينية كقضية إنسانية لا يمكن تسويتها الا في إطار حل الدولتين مع ادانة الارهاب من أية جهة كانت.

لقد أصبح إبن كيران، كغيره من ممارسي “الشعوذة السياسية” خطرا حقيقيا على الديمقراطية وتهديدا للحمة الوطنية، وياليته زار عيادة صديقه السابق “سعد الدين العثماني ليشفيه من هوسه بعد “غصة” إعفائه من تشكيل الحكومة بدل ممارسة “التبوحيط” على المغاربة، فهو الآن كديك جريح يتخبط بعد أن مسته لعنة السياسة، بل إنه يفتقد حتى لعظام طير “بوقعقاع” الذي أساء اليه في خطبته، ولا خير يرجوه منه المغاربة غير الابتعاد عن السياسة والانصراف للتلذد بلحم طير “الحجل” الذي توفره له ملايين تعويضه السمين.

*أوسي موح الحسن/كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *