ماكرون، كما يمثل السياسة الخارجية لبلده، هو يمثل أيضا المعارضة في هذه الزيارة بشقيها اليساري واليمين المحافظ، ويمثل أيضا آلاف الفرنسيين الذين يتظاهرون في مناسبات عديدة ضد الدعم اللامحدود لإسـ.ـرائيل.

*عزيز إدمين

دعت بعض الجهات في المغرب إلى تنظيم وقفات احتجاجية على إثر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب، وذلك على إثر الدعم الفرنسي لإسرائيل، وما ترتكبه هذه الأخيرة من جرائم متنوعة من إبادة جماعية إلى جرائم ضد الإنسانية، مرورا بجرائم الحرب.

إذا كان من حق أي مغربي التعبير عن رأيه وفق الأساليب الحضارية، إلا أنه يطرح إشكاليات عديدة، نجملها في بعض الأسئلة.

يزور المغرب الرئيس ماكرون، وهي ليست زيارة عادية، بل زيارة دولة، وفق البروتكولات والقواعد الديبلوماسية المتعارف عليها في كل الدول…

وعندما يقع الإعلان عن زيارة دولة، يجري تجاوز سقف ممثل الحكومة أو الأغلبية البرلمانية، لأن الأمر يتعلق بتمثيلية الدولة ككل، شعبا ومؤسسات، وتاريخَ وحاضرَ ومستقبلَ العلاقات، وهي أعلى مستوى في العلاقات الدولية.

إذ يخصص لها استقبالٌ غير عادٍ، وخروج الخيالة والجولات الخارجية وفق برتكولات معينة، وصولا إلى فتح مؤسسات الدولة المستضيفة للضيف، كإلقاء خطاب رسمي أمام البرلمان بغرفتيه.

فإيمانويل ماكرون، كما يمثل السياسة الخارجية لبلده، هو يمثل أيضا المعارضة في هذه الزيارة بشقيها اليساري واليمين المحافظ، ويمثل أيضا آلاف الفرنسيين الذين يتظاهرون في مناسبات عديدة ضد الدعم اللامحدود لإسرائيل.

فهل التظاهر من قبل بعض المغاربة في هذا السياق معقول؟.

تدعم إسـ.رائيلَ العديدُ من الدول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا… فهل من المعقول قطع العلاقات مع كل هذه الدول، أو على الأقل تجميدها إلى غاية إيقاف الحرب؟.

هل من المعقول رهن السياسة الخارجية المغرب، وخاصة في ما يتعلق بالدفاع عن وحدته الترابية إلى غاية وقف إطلاق النار في فلسطين؟ .

والأكيد أن أصحاب هذه الأطروحة، حتى إذا وقفت الحرب، سوف يستمرون في مطالبة وقف العلاقات مع هذه الدول إلى غاية محاسبة ومعاقبة المجرمين الذي يرتكبون المجازر، وأيضا داعميهم.

مرت العلاقات المغربية الفرنسية لأزيد من عقد من الزمن بالعديد من الهزات والنفور، وتطلب مجهود ديبلوماسي وسياسي كبير من قبل الطرفين لإعادة المياه إلى مجاريها، فهل من المعقول ضرب بعرض الحائط كل هذا التراكم تحت ذريعة الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين؟.

من أكبر الدول عبر العالم المتساهلة مع التظاهر نصرة لفلسطين هو المغرب، فهل من المعقول ترك 363 يوما في السنة والتركيز على يومين فقط منها؟.

هل من المعقول أن الرئيس ماكرون سوف يغير رأيه ويعود لفرنسا بعد زيارته للمغرب، ويقطع كل علاقاته ودعمه لإسرائيل بناء على تظاهر بعض العشرات أو المئات من المغاربة؟.

ختاما، لو كانت زيارة ماكرون عادية، لكان لي رأي آخر، ولكن زيارته هي زيارة دولة في سياق معين ووفق أجندة معينة.
ثانيا، يحق لأي كان التظاهر، وما تتعرض له فلسطين لا يمكن السكوت عنه، ولكن لكل مقام مقال…

*كاتب ومحلل سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *