خلال اجتماع زعماء أحزاب الأغلبية بمقر حزب الاستقلال، عدد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، مكتسبات حصيلة نصف ولاية الحكومة، وسطر أولويات المرحلة.

يعقد زعماء أحزاب الأغلبية، الآن إجتماعاً بالمركز العام لحزب الاستقلال، لمناقشة مستجدات مشروع قانون المالية الجديد، وعدد من القضايا التنظيمية.

وفي ظرف أقل من شهر، عقدت أحزاب الأغلبية الحكومية ( الأحرار، البام، الاستقلال)، اجتماعا جديدا لها وهذه المرة عشية تعديل حكومي وشيك.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الحكومة:

“السيد الأمين العام لحزب الاستقلال،

السيدة منسقة القيادة الجماعية لحزب الاصالة والمعاصرة،

السيدات والسادة الوزراء،

السيدات والسادة البرلمانيين،

الحضور الكريم،

 فرصة سعيدة للقاء بكم، في هذه المناسبة التي نسعى إلى انتظام مواعيدها وتزامنها مع الدخول السياسي والبرلماني، وهي مناسبة اليوم لأهنئ السيد ولد الرشيد على الثقة التي حظي بها لرئاسة مجلس المستشارين، وهي فرصة كذلك للتنويه بتماسك مكونات الأغلبية البرلمانية، وخصوصا روح المسؤولية الذي أبنتم عنها خلال تجديد انتخاب هياكل مجلسي النواب والمستشارين.

روح المسؤولية التي تكرس تماسك الأغلبية وتظهر مدى قوتها وانسجام مكوناتها، وهذا في حد ذاته، أعتبره شخصيا، إنجازا للأغلبية وقياداتها،

ويعكس نضجا سياسيا لدى الأحزاب الثلاثة، تجاوزنا من خلاله الآثار الجانبية التي عرفتها التجارب السابقة والتي انعكست سلبا على الأداء الحكومي والبرلماني في السنوات الماضية،

النضج السياسي الذي طبع تدبير الأغلبية كان سببا حاسما في تجاوز التعطيل التنموي ومخلفات التأخر المسجل في عدد من الملفات الاستراتيجية بما لها من آثار اقتصادية واجتماعية على عموم المواطنات والمواطنين.

لذلك كنا حريصين منذ بداية هذه التجربة على ضمان تماسك الأغلبية ومكوناتها، بهدف تجاوز كل الصعوبات الظرفية التي ورثناها عن الفترات السابقة.

السيدات والسادة؛

ارتباطا بالسياقات الوطنية والدولية، فالدخول السياسي لهذه السنة يجعلنا جميعا أمام رهانات كبرى،

رهانات حددها الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، والذي ستكون فيه قضية الصحراء المغربية والتطورات الإيجابية التي يعرفها هذا الملف إحدى أبرز معالم السنة التشريعية والحكومية التي نحن بصددها.

فالخطاب الملكي الأخير يحمل دلالات رمزية وتاريخية جد متقدمة، ستمر معها القضية الوطنية الأولى من مرحلة التدبير الى مرحلة التغيير بأبعادها الاستراتيجية المبنية على الاستباقية وأخذ زمام المبادرة والتحلي بالحزم والمسؤولية.

فالفاعل السياسي اليوم وفي مقدمته الفرق البرلمانية، سواء في الأغلبية أو المعارضة، مطالب بالتقاط الرسائل في التعاطي مع ملف قضية الصحراء،

هذا الملف الذي يجب تدبيره على أساس اليقظة والفعالية والتمكن من الحقائق التاريخية والسياسية لهذا النزاع، بما يؤهل لكسب المزيد من الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء.

 وإذا كانت الديبلوماسية البرلمانية قد لعبت أدوارا ترافعية مهمة في المراحل السابقة، فإننا اليوم نعول على فرق الأغلبية البرلمانية للتفاعل بعمق مع مضمون الخطاب الملكي وتوحيد الجهود للدفاع عن القضية الوطنية،

بما في ذلك اختيار الأطر والكفاءات البرلمانية المؤهلة للترافع دوليا والقادرة على مواكبة المستجدات والتحولات الوطنية والدولية المرتبطة بملف الصحراء المغربية.

وجعل الطرح المغربي ضمن الاجندة الرسمية للدبلوماسية البرلمانية، سواء في المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف أو في مجموعات الصداقة البرلمانية، ودعم الموقف المغربي بكل الآليات والوسائل المتاحة.

وفي نفس السياق الديبلوماسي، أغتنم هذه الفرصة للوقوف إجلالا أمام المواقف النبيلة والشخصية لصاحب الجلالة في دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني،

وهي مناسبة لتجديد إدانتنا الصريحة للحرب التي تشنها إسرائيل على الشعبين الشقيقين، من خلال عمليات القتل الجماعي والتهجير القسري واضطهاد المدنيين العزل،

كما نؤكد على الموقف الراسخ للمملكة باعتبار أن السلم والاستقرار في المنطقة لن يتأتى إلا في إطار حل الدولتين بشكل يكون فيه قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية،

كما نعبر عن تضامننا الواضح والصريح مع الشعب والحكومة اللبنانيين، وندعو المنتظم الدولي للتدخل بشكل عاجل لوقف الحرب، وحماية المدنيين ودعم سيادة لبنان على كافة أراضيه.

حضرات السيدات والسادة،

نغتنم اللقاء معكم للتأكيد مرة أخرى على اعتزازنا العميق بالمكتسبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حققتها هذه الحكومة.

فالنجاحات المحققة على جميع المستويات تؤكد بالملموس أن الاختيارات الحكومية كانت جد دقيقة ومركزة للجواب على أسئلة الظرفية الصعبة،

فجميع المؤسسات المالية الوطنية والدولية تشهد ان هذه الحكومة تجاوزت الازمة بكل ثقة ومسؤولية وحافظت على التوازنات الماكرو اقتصادية، مما أثر بشكل إيجابي على صلابة وصمود الاقتصاد الوطني أمام التحولات والتقلبات.

كما تمكنا في نفس الوقت من التنزيل السليم والمتكامل لأسس وركائز الدولة الاجتماعية كما أرادها عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله،

والحال أن هذه الحكومة التي تتحلى بالإرادة وحرصها على شراكة مثمرة مع فرق الأغلبية البرلمانية، استطاعت في ظرف وجيز استكمال الورش التنظيمي والمؤسساتي لتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة وضمان استدامتها واستهداف الفئات المعنية بها؛

مع المضي قدما نحو إصلاح عميق وشامل للمنظومة الصحية الوطنية بما يتلاءم والتوجهات الكبرى لمشروع الدولة الاجتماعية، من خلال مراجعة شاملة للحكامة وتأطيرها برزنامة تشريعية صلبة،

وبشكل يقطع مع الارتجالية في تدبير قطاع التربية والتكوين، تمكنا منذ بداية الولاية الحكومية من مباشرة عملية إصلاح متكامل لهذا القطاع الاستراتيجي شعاره بناء مدرسة الانصاف والجودة وتكافؤ الفرص.

فالواقع المقلق للمدرسة العمومية المغربية جعل الفريق الحكومي يحرص كل الحرص على أولوية التعليم خلال هذه الولاية.

من خلال تبني خارطة طريق واضحة المعالم أساسها التلميذ والأستاذ والمدرسة، وتوفير كل الشروط الضرورية لنجاح هذه التجربة، وجعلها محطة من محطات الارتقاء الاجتماعي لكافة أبناء الشعب المغربي.

ولأن الرؤية الحكومية تتقاطع مع التوجيهات الملكية السامية بخصوص الحق في السكن لجميع المغاربة، بادرت الحكومة الى إطلاق برنامج الدعم المباشر للسكن لتعزيز قدرة الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود والمتوسط على اكتساب سكن لائق، بما يحفظ كرامتها ويلبي حاجياتها، وهو البرنامج الذي لقي اقبالا كبيرا في جميع المدن المغربية.كما تمكنا من اتخاذ خطوة حاسمة نحو تعاقد اجتماعي جديد عبر إطلاق مسلسل الحوار الاجتماعي بحكامة مبتَكرة، وهو الذي ظل متوقفا خلال مرحلة الحكومات السابقة؛

مع توفير ما يقارب من 45 مليار درهم لكل الاتفاقات الاجتماعية المتلاحقة في عدد من الملفات المتعثرة، مما يبرز بالملموس التوجه الراسخ في جعل الحوار مع الفرقاء أولوية متجذرة ضمن أجندة الحكومة الحالية.

وبالموازاة مع هذا التفوق الحكومي في المجال الاجتماعي، كنا على موعد تاريخي لإقرار ميثاق جديد للاستثمار الذي شكل دعامة أساسية للاقتصاد الوطني وخلق فرص الشغل وتحقيق مبادئ العدالة الترابية في توزيع الاستثمارات العمومية والخاصة، بالإضافة الى تعزيز أدوار المقاولة المغربية على الصعيد الدولي.

وأمام الوضعية المقلقة للمخزون المائي، وبالنظر لتوالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات، تعاملت الحكومة، تحت التوجيهات الملكية السديدة، بكثير من اليقظة والاستباقية وعملت على توفير كل الإمكانات المالية والبشرية لتدارك الزمن التدبيري لهذا القطاع الحيوي.

ومباشرة البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي بكلفة اجمالية تقارب 143 مليار درهم مما سيمكن من تنزيل المحاور الاستراتيجية لهذا البرنامج الهيكلي.

وفي نفس السياق، وكما أعلنت خلال تقديم الحصيلة الحكومية، فإن المرحلة المقبلة سيكون فيها موضوع التشغيل أولوية حكومية بامتياز ورهانا استراتيجيا سنعمل على تكريسه، وتوفير كل الشروط والإمكانات الضرورية لإنجاحه، بما يضمن التقليص من نسب البطالة في صفوف الشباب والكفاءات المغربية.

كما أعيد التأكيد، وبكل فخر واعتزاز، أننا تمكنا من خلال البرامج ومختلف المجهودات الحكومية، من التدخل إيجابيا لفائدة %90 من الاسر المغربية على اختلاف مستوياتهم وفئاتهم.

اليوم كذلك مناسبة اغتنمها لتجديد تعازينا لعائلات ضحايا الفيضانات التي عرفتها بلادنا مؤخرا ونتمنى الشفاء العاجل للأشخاص المصابين.

وقد قامت الحكومة والسلطات بالتدخل بشكل مستعجل للتخفيف من حدة الخسائر وإعادة الحياة الى طبيعتها في عدد من الواحات والمناطق وتقديم المساعدات الضرورية لفائدة الساكنة المتضررة.

وفي نفس الوقت أطلقنا تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية برنامجا لتأهيل هذه المناطق بميزانية إجمالية تفوق 2.5 مليار درهم تشمل إعادة تأهيل المناطق المتضررة والبنية التحتية الطرقية والكهرباء والماء الصالح للشرب ودعم الأنشطة الفلاحية.

وتتضمن كذلك مساعدات مباشرة للسكان قصد إعادة بناء المساكن بتخصيص مبلغ 80.000 درهم للمساكن المتضررة جزئيا و140.000 درهم للمساكن المتضررة كليا. 

السيدات والسادة،

بنفس الطموح والإرادة السياسية، تواصل الحكومة مسيرة الارتقاء الاجتماعي والاقتصادي للمواطنات والمواطنين، حيث يشكل مشروع قانون المالية لسنة 2025، الذي أنتم بصدد مناقشته السيدات والسادة البرلمانيين، محطة مهمة لاستكمال تنزيل البرنامج الحكومي.

فالحكومة بقيت وفية لالتزاماتها، أي مواصلة تعزيز أسس الدولة الاجتماعية وتوطيد دينامية الاستثمار وخلق فرص الشغل ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، ثم الحفاظ على استدامة المالية العمومية.

ومن منطلق هذه الالتزامات، يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025، عددا من الإجراءات:

–  إصلاح الضريبة على الدخل (التي لم تعرف أي مراجعة منذ 14 سنة) من خلال تخفيض السعر الهامشي الى 37%، مع توسيع هامش الاعفاء التام ليشمل الأشخاص الذين تقل مداخيلهم عن 6000 درهم شهريا (إجراء سيستفيد منه أزيد من 2,5 مليون أجير زيادة على 4 ملايين غير معنية بهذه الضريبة).

–  رفع الدعم الاجتماعي المباشر لفائدة الأسر، ليبلغ 250 درهم عن كل طفل (الأطفال الثلاثة الأوائل) و375 درهم عن كل طفل من الأطفال اليتامى من جهة الأب.

–           مواصلة أداء الاشتراكات برسم نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك، وذلك بميزانية سنوية تناهز 10 ملايير درهم.

كما سنقوم بدعم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال:

خصيص ما يفوق 16.5 مليار درهم لفائدة صندوق المقاصة لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية،

مواصلة دعم أسعار الكهرباء،

–  إقرار إعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة ومن الرسوم الجمركية على مجموعة من الواردات من الحيوانات الحية واللحوم ومجموعة من المنتجات الفلاحية الأخرى

ولمواصلة الإصلاحات الهيكلية الكبرى سيتم:

–  تخصيص ما مجموعه 85,6 مليار درهم لقطاع التعليم، بزيادة 11,7 مليار درهم،

استفادة القطاع الصحي من ميزانية اجمالية تصل الى 32.6 مليار درهم، بزيادة 1.9 مليار درهم مقارنة مع قانون المالية للسنة الماضية،

الرفع من قيمة الاجمالية لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر الذي سيصل الى 26.5 مليار درهم خلال سنة 2025.

كما ستعمل الحكومة، من خلال قانون المالية، على توطيد دينامية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال ومواصلة المشاريع الهيكلية لتطوير البنيات التحتية:

حيث ستعبأ الحكومة ميزانية اجمالية تصل الى 340 مليار درهم مخصصة للاستثمار العمومي، بزيادة قدرها 5 مليار درهم،

–  مع التذكير بالمقتضيات الإصلاحية التدريجية التي عرفتها قوانين المالية: سنة 2023: إصلاح الضريبة على الشركات (إنعاش المقاولات)، سنة 2024: إصلاح الضريبة على القيمة المضافة (إدماج القطاع غير المهيكل)، سنة 2025: إصلاح الضريبة على الدخل (تشجيع مبادرات التشغيل).

واستكمالا لإرادتنا في دعم الجهوية المتقدمة ودور المجالس المنتخبة في التنمية المجالية، سيتم بمقتضى قانون المالية 2025، الرفع من حصة الجماعات الترابية من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة من 30% إلى 32%.

وبالنسبة لأولويات النصف الثاني من الولاية الحكومية سأكتفي بذكر رقمين مهمين:

–  18 مليار درهم للرفع من وثيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب ومياه السقي،

– 14 مليار درهم لإطلاق مقاربة مندمجة ومتكاملة للنهوض بالتشغيل.

هذه إجراءات ملموسة، تؤكد الإرادة القوية للحكومة للوفاء بالتزاماتها التي تعاقدت بشأنها مع المواطنات والمواطنين، مع الحفاظ على التوازنات المالية للدولة من خلال:

–  تحقيق 4,6% كنسبة متوقعة للنمو،

مواصلة خفض عجز الميزانية ليصل إلى -3,5%،

التحكم في نسبة التضخم في حدود 2%،

–  ضبط المديونية في حدود 69%،

 السيدات والسادة، الحضور الكريم؛

أمام هذا الحضور القوي للحكومة وللحصيلة التاريخية المسجلة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، بالرغم من صعوبة الظرفية، أعتقد أن الأغلبية البرلمانية والأحزاب المكونة لها ملزمة ببذل مجهود إضافي للتواصل والتعريف بهذه الحصيلة.

لذا يجب استغلال كل الفرص والقنوات المتاحة للتواصل مع المواطنين، والترافع بكل قناعة راسخة حول المنجز الحكومي.

ولذلك نحن مكونات الأغلبية الحكومية مطالبون اليوم بتوحيد الجهود والاستمرار في التماسك والتلاحم للتمكن من استكمال تنزيل البرنامج الحكومي والاولويات الاستراتيجية المستعجلة على أكمل وجه،

وذلك في جو يسوده الاحترام، جاعلين هدفنا الأسمى خدمة الوطن والمواطنين بكل تجرد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *