هناك البعض ممن يهاجم كل من ينتقد مدارس الريادة، ويعتبر أن الدعم المكثف “طارل” ساهم في تحسين مستوى التلاميذ في القراءة والحساب.

لكن، العديد من هؤلاء المنتقدين ليس لديهم خبرة كبيرة في التدريس، أو أن لديهم تجربة طويلة ولكن لم تُثمر طريقتهم عن نتائج أفضل.
من خلال تجربتي المتواضعة، حيث قمت بتدريس جميع المستويات من الأول إلى السادس الابتدائي، استطاع تلامذتي في المستوى الأول قراءة نصوص قصيرة والإجابة على أسئلة الفهم خلال بداية الأسدس الثاني من السنة الدراسية، بالإضافة إلى إنجاز عمليات حسابية.

الأمر نفسه ينطبق على المستويات الأخرى، فمثلاً في المستوى السادس كان جل التلاميذ قادرين على كتابة موضوع إنشائي.

وهناك الكثير من الأساتذة الذين وصلوا بتلامذتهم إلى مستوى أفضل؛ حيث يبدعون في كل شيء، حتى في وضع الامتحانات وابتكار تمارين توليفية، بالإضافة إلى إضافة معلومات جديدة وتحديات للتلاميذ.

في الرياضيات، يتم بناء المفاهيم كما يجب، بحيث يفهم التلميذ، مثلاً، في الهندسة ما هي النقطة، ما هو المستقيم، وما هي القطعة…. هذا الأمر ينطبق على المفاهيم الرياضية في الهندسة والجبر، واستعمال الرموز في الرياضيات.

وبالتالي، عندما يصل التلميذ إلى السلك الإعدادي يجد نفسه مستعدًا للعمل بشكل كبير، وهذا ينطبق على باقي المواد.

لكن هناك من لم ينجح في الوصول إلى مستوى أفضل مع تلامذته، فيعمم الحكم على الجميع وينتقد المنظومة.

لكل شخص طريقته الخاصة، فقد يجد البعض مدارس الريادة مناسبة له، وآخرون لا.

أما عن “طارل”، فبعد أكثر من شهر في الدعم المكثف، أصاب الملل التلميذ والأستاذ معًا، وأصبح العمل محدودًا.

فمثلاً في الرياضيات، بعد الجمع، الطرح، الضرب، القسمة، والمسألة، يصبح التكرار مملًا.

من الواضح أن الشخص الذي أشرف على تأليف كراسة الدعم للرياضيات ليس مختصًا، حيث أن الطريقة التي وُضعت بها الكراسة مملة وغير عملية.

أهم عمليتين في الرياضيات هما الجمع والضرب، فإذا تمكن التلميذ من الجمع فسيتمكن من الطرح، وإذا تمكن من الضرب فسيتقن القسمة.

فتدريس جدول الضرب يبدأ من المستوى الثاني الابتدائي، اذا كان أستاذ الرياضيات في أي مستوى يخصص 5 دقائق يوميًا على مدار السنة لتكرار

جدول الضرب وإجراء عمليات حسابية بسيطة، فلن نحتاج إلى دعم مكثف مثل “طارل”، ولن يعاني التلاميذ والأساتذة من الإرهاق.

نفس الأمر ينطبق على باقي المواد كاللغة العربية والفرنسية، وخاصة في القراءة.

ومع بدء التعليم الصريح في 11 نونبر، سيلاحظ حذف دروس مهمة في الرياضيات مثل الهندسة، الإنشاءات الهندسية، والمثلثات ودروس اخرى ،

في مقابل إضافة دروس غير مهمة ومملة مثل تحديد القيمة المكانية للرقم( بالإمكان الإشارة إليها عند كل درس تستعمل فيه الاعداد)….

أهم ما جاء به مشروع الريادة هو تأهيل البنية التحتية للمؤسسات، ولو نسبيًا، من خلال إصلاح الكهرباء، صباغة، توفير مسلاط، وحاسوب،

والتدريس بالتخصص، وهو مطلب طالما نادى به الأساتذة منذ عقود.

أما بالنسبة للمحتوى الدراسي، فلا أوافق على الاعتماد على كراسات دون المستوى، وكان من الأفضل مواصلة استعمال الكتب المدرسية القديمة أو إعطاء الأستاذ حرية الاختيار حسب مستوى تلاميذه بين الكتاب المدرسي والكراسة، خصوصًا في الرياضيات، الفرنسية، واللغة العربية.

ما يحزنني هو أن بعض الأشخاص ينتقدون بسرعة من لا يتفق معهم حول مشروع مدارس الريادة، على الرغم من أنهم لا يملكون تجربة في التدريس أو لا يدركون الدروس التي كانت تُقدم قبل المشروع. وأن منهم من يدرس أبناءه بالقطاع الخاص و يطبل لمدرسة الريادة ( قمة النفاق)..

إن الوقت قد حان للاهتمام بالتعليم الابتدائي في المدارس العمومية، وجعل المدرسة الابتدائية تتساوى مع الثانويات الإعدادية من حيث المرافق،

واعتماد التخصص في التدريس (مدرس علوم، مدرس لغة عربية، ومدرس لغة فرنسية، ومع الوقت إضافة لغة إنجليزية).

ما يحزنني أيضًا هو تهميش أساتذة الابتدائي من طرف الجهات المسؤولة ، رغم أن الكثير منهم يتمتع بكفاءات عالية، وقد وصل البعض إلى مناصب مرموقة، من بينهم من يدرّس الآن في التعليم العالي، وآخرون أصبحوا مفتشين للتعليم الثانوي. نحن نفتخر بهم وبكل مدرس في المدارس الابتدائية وبالمجهودات التي يبذلونها.

تحية تربوية خالصة لكل مدرس ابتدائي مجد ومثابر و مخلص في عمله و يفضل مصلحة التلميذ على الجميييع..

أعتذر عن الإطالة وعن هذا الأسلوب.

*مدرس /المدرسة الرائدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *