لا يمكن، لهيئة، جاء تأسيسها، كتعبير عن إرادة سياسية من أعلى سلطة في البلاد والقوى الحية في المجتمع، ومؤسسات الدولة، وجرى توفير كل الإمكانيات التي تحصنها وتسندها من أجل أداء مهامها في الحد من الرشوة، أن يبقى المغرب في مؤخرة تصنيفات مؤشرات الحكامة.
*جواد مكرم
أثار عجز مجلس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في التصدي لآفة الفساد في الإدارة والمجتمع، عبر تبني آليات واقعية بدل التباكي من خلال تقارير شعبوية، السؤال من جديد حول الحاجة الى إعادة النظر في الهئية هيكلة وتشريعا.
إعادة للنظر، يكون غايته، إخراج هذه المؤسسة التي تمول من أموال دافعي الضرائب، من حالة العجز عن تحسين مؤشرات المملكة في تقارير المنظمات الدولية التي تعنى بالنزاهة ومحاربة الفساد.
لا يمكن، لهيئة، جاء تأسيسها، كتعبير عن إرادة سياسية من أعلى سلطة في البلاد والقوى الحية في المجتمع، ومؤسسات الدولة، وجرى توفير كل الإمكانيات التي تحصنها من أجل أداء مهامها في الحد من الرشوة، أن يبقى المغرب في مؤخرة تصنيفات مؤشرات الحكامة.
ولعل من مؤشرات العجز عن الأداء الكامل لمهام الهيئة، هو تقديمها لتقارير حول حصيلة عملها، بطريقة شعبوية، كما لو أنها تنظيم “حزبي في المعارضة”.
لقد كان حريا، بالهيئة برئاسة رئيسها بشير الراشدي، أن تبدع آليات واقعية للحد من آفة الرشوة المترسخة في ذهنية المواطن المغربي، وسلوكات الفرد داخل المجتمع، بدل تقديم تصريحات محجوزة حصريا للسياسيين في سرك البرلمان.
كما كان حريا بالهيئة ورئيسها، أن تقدم الحساب للمغاربة بالأرقام، حول عدد الملفات التي إشتغلت عليها، وعرضت على القضاء المغربي، ومن هي الحكومة، من بين الحكومات التي إشتغلت الهيئة على عهدها، وكانت لها السند الحقيقي في أداء مهامها في محاربة الفساد والرشوة؟.
وكيف لحكومة، صادقت في أبريل من عام 2023، على مرسوم الرفع من تعويضات أعضاء الهيئة، كدعم للهيئة في أداء مهامها، أن تعرف مؤشرات الرشوة ارتفاعا على عهدها؟.
هناك خلل ما؟. يبقى على الهيئة تقديم الإجابة عنه طالما أنها تتوفر على جميع إمكانيات الحد من الرشوة ومع ذلك، تعلن عن ارتفاع مؤشرات الرشوة؟ .
أما الإصلاحات التشريعية في مجال محاربة الفساد، فهي مطالب مجتمعية متجددة تجدد تطور الجريمة والفساد، بما يفرض الحاجة المتواصلة ودائمة، الى الإصلاح التشريعي، والتخليق المجتمعي.
في خضم كل هذا، يطرح التساؤل حول كلفة هذه الهيئة التي يؤدي فاتورتها دافعي الضرائب المغاربة، وهو ما تجيب عنه جريدة Le12.ma، من خلال المعطيات التالية.
تعويضات خيالية
تعويضات خيالية، من أموال الشعب المغربي، تلك التي تجد طريقها الى الحسابات البنكية لأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
وهكذا يتقاضى نواب رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أجرة شهرية جزافية خامة قدرها 67.600. درهما.
وتخضع هذه الأجرة للاقتطاعات برسم المعاش والتغطية الصحية والضريبة على الدخل، طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل.
ويتقاضى باقي أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها التعويضات التالية:
– التعويض الجزافي الخام برسم المساهمة في أشغال دورات مجلس الهيئة التي يحضرونها، يحدد مقداره في 12.900 درهم يؤدى مرة واحدة كل شهر، مهما كان عدد دورات المجلس ؛
– التعويض الجزافي الخام عن المساهمة في اجتماعات اللجان الدائمة والمؤقتة التي يحضروها، يحدد مقداره في 4.200 درهم عن كل اجتماع في حدود أربعة اجتماعات في الشهر مهما كان عدد الاجتماعات المنعقدة.
وتخضع هذه التعويضات للاقتطاع الضريبي طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل.
تعويضات يومية
وتتحمل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها مصاريف تنقل وإقامة أعضاء مجلسها خلال قيامهم بمأموريات خارج التراب الوطني أو داخله، كلما كانت المأمورية خارج مدينة إقامتهم الرئيسية ومدينة مقر الهيئة.
ويتقاضى أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لأجل تنقلهم لأغراض المصلحة، تعويضات يومية تحدد مقاديرها كالتالي:
– بالنسبة للتنقل داخل المغرب : 200 درهم في اليوم زيادة على 150 درهم عن كل وجبة ؛
– بالنسبة للمأموريات بالخارج : 400 درهم في اليوم زيادة على 280 درهم عن كل وجبة.
يستفيد العضو المعني من التعويض عن الوجبات في حالة تحمل الهيئة أو أية جهة أخرى تكاليف الوجبات.
ويستفيد أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لأجل تنقلهم لأغراض المصلحة، كلما تجاوز التنقل 100 كيلومتر عن إقامتهم الرئيسية، من التعويضات الكيلومترية طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل ومن تحمل الهيئة لمصاريف التنقل.
ويسري هذا المقتضى على الأعضاء الذين لا يمارسون مهامهم بصفة دائمة وكامل الوقت بالهيئة، بمناسبة تنقلهم لحضور اجتماعات الهيئة إذا كانت إقامتهم الرئيسية تبعد عن مقر الاجتماع بأكثر من 100 كيلومتر.
هكذا وفرت حكومة أخنوش، كل الإمكانيات المادية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، من أجل أن نرى اليوم مؤشرات الرشوة والفساد تتراجع في المغرب، وليس العكس.
الكرة الآن في ملعب فريق الراشيدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وإن كان الحد من الرشوة هي مسؤولية الدولة والمجتمع والمواطن كذلك.