حكاية الشهيدة سلمى شاروق، تشبه إلى حد كبير حكايات الوداع الأخير لعدد من ركاب حافلة سريع باني في تلك الليلة الطويلة.

أسبوع بكامل ذلك الذي مر على فاجعة وادي طاطا، ليعلن أخيرا عن العثور على جثة الطالبة سلمى شاروق، أحد ركاب حافلة سريع باني المنكوبة.

لقد حمل وداي طاطا الشهيدة سلمى شاروق، من وسط مدينة فواجع فيضانات الخريف، إلى قرية “عين الطيبة”، على مشارف أقصى جنوب شرق المملكة.

حكاية الشهيدة سلمى شاروق، تشبه إلى حد كبير حكايات الوداع الأخير لعدد من ركاب حافلة سريع باني في تلك الليلة الطويلة.

حكاية وان اختلفت في بدايتها فتكاد تتطابق في نهايتها مع حكاية الشهيدة نعيمة الحيان، ممرضة مركز أقا ضاحية طاطا الجريحة.

سلمى التي عثر مواطن يدعى عبد الجليل الهبولي، على جثتها، كانت قبل ان تفيض روحها إلى السماء قد استنجدت هاتفيا دون جدوى بوالدها علي شاروق، التاجر في مدينة سطات.

من أقا إلى طاطا

 لم تكن الممرضة نعيمة الحيان، تعقد أن رحلتها من منطقة أقا حيث تعمل في مركز صحي عمومي، الى مدينة طاطا القريبة ستكون الرحلة الأخيرة في حياتها.

مغرب الجمعة 20 ستنبر الجاري، ستركب الممرضة الشابة نعيمة الحيان، حافلة “الموت” المملوكة للبرلماني البامي الزاكوي، في رحلة قصيرة من منطقة أقا الى مدينة طاطا، لكنها كانت الرحلة الأبدية الأطول.

كانت الممرضة نعيمة، منذ عصر ذلك الجمعة، في إتصال متواصل مع أفراد عائلته المتكونة من أب شيخ مريض أم مسنة وثلاث أخوات يصغرنها في العمر.

 اتصالات هاتفية، يقول أحد أفراد عائلتها لمراسل جريدة le12.ma، كلها تطمينات حول قرب وصولها الى طاطا، وتحذيرات لأخواتها الصغار من مغبة مغادرة منزل العائلة وصوت الرعد يذوي في السماء والبرق يخطف الأبصار.

لم يدم كثيرا من الوقت على صعودها حافلة “سريع الباني”، حتى ازدادت قوة الرياح والامطار، وارتفع منسوب وادي طاطا في دقائق معدودات.

“راه عندي في الشارج ديال التليفون 23 شرطة، راه با يطفا”، تقول ممرضة حافلة طاطا نعيمة الحيان لشقيقتها، وكان ذلك آخر إتصال بينهما، قبل أن تطلق نداء الاستغاثة عبر “أوديو وات ساب”، الذي هز قلوب المغاربة، بينما كانت الحافلة التي تركبها تجرفها حمولة مياه وادي طاطا.

النداء الأخير

وا البنات هو قريب لينا، قريب لينا، ياربي تسموحوا لينا، هاهو الواد راه تنسمعوا الوقاية المدنية مزال ماجاتش واعتقونا، وا عتقوا الروح”.

كان هذا هو نداء الاستغاثة، الأخير الذي أطلقته الشهيدة نعيمة الحيان، قبل أن تصعد روحها إلى السماء، مخلفة وراءها أب مريض وأم مسنة وثلاث أخوات صغار عرضة للضياع بعدما كانت معيلتهم الوحيدة.

نحن الآن قبل فيضانات طاطا، بأشهر، ستشهد عائلة الحيان فرحة سرعان ما خطفتها سيول سبتمبر الثقيل، والحدث خطوبة الممرضة نعيمة، وبدء استعدادها للزواج.

لقد أعدت الشهيدة نعيمة، كل شيء من أجل الفرحة الكبرى، فرحة الزواج.

 فكان أن نقلت ظروف سكن عائلتها من ما يشبه “خربة”، الى منزل يحفظ الحد الأدنى من الكرامة، لكن القدر كانت له مريئة أخرى.

الله يرحمها، الله يرحمها، كانت تستعد مسكينة للزواج ولكن ربي بغاها الله يرحمها”، تقول” شقيقتها.

لم تكن قصة نعيمة هي القصة المؤلمة الوحيدة، لضحايا شتاء طاطا مبكر، بقدر ما فاضت قصص ضحايا من الزرع والضرع والبشر منهم سلمى شاروق بالألم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *