أثارت دعوة أحمد اخشيشن، رئيس أكاديمية حزب الأصالة والمعاصرة، الى تشديد العقوبة على الجرائم الإلكترونية غضب عدد من رواد فيسبوك.
وتداول صحفيون ومدونون، على نحو غاضب، صورة مقال حول الموضوع نشره موقع البام تحت عنوان: ” اخشيشن يدعو لتبني نصوص قانونية أكثر صرامة من أجل التصدي للجرائم الالكترونية”.
ويعتقد العديد من المدونون، أن دعوة اخشيشن الى تشديد العقوبة على الجرائم الإلكترونية، حق أريد به باطل، الغرض منه هو حماية المفسدين من رقابة وفضح المدونون في الفضاء الرقمي.
وأكد أحمد اخشيشن، رئيس أكاديمية جزب الأصالة والمعاصرة، وفق موقع حزبه، أن أحد الإشكاليات التي تعيشها مختلف المجتمعات، ومن بينها المجتمع المغربي، هيمنة العالم الرقمي في ظل غياب مراعاة المصلحة العامة والأمن الجماعي.
وأوضح اخشيشن، في مداخلة له ضمن فعاليات الجامعة الصيفية للبام، بمدينة بوزنيقة، التكنولوجيا يمكن أن تساعد في جعل العالم أكثر إنصافا وأكثر سلما وأكثر عدلا، لكن يمكنها أيضا أن تهدد الخصوصية وأن تؤدي إلى تقلص الأمن وتفاقم عدم المساواة.
وقال عضو المكتب السياسي، خلال تأطيره ورشة موضوعاتية حول موضوع “حرية التعبير في الفضاء الرقمي”، “الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى تنامي ظواهر عديدة مثل التنمر والتحرش والتشهير والاستغلال، لذا وجب التوجه نحو تشديد العقوبات المتعلقة بالتصدي للجرائم الالكترونية”.
وأضاف المتحدث أنه يجب مواكبة هذه التكنولوجيا بنصوص قانونية أكثر صرامة، حتى يتم التفريق بين حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي وبين التعدي على حرية الغير، مشددا على ضرورة وضع لحد لهذا التسيب وحماية الأشخاص من شتى أنواع هذه الجرائم.
أمن الدولة
وعاد النقاش العمومي في المغرب عقب أحداث الفنيدق، التي حركتها منشورات مشبوهة في مواقع التواصل الاجتماعي، الى الحديث عن تحديات الحرية والمسؤولية في الفضاء الرقمي.
وحضر هذا النقاش أمس الجمعة في بوزنيقة، الورشة الموضوعاتية الأولى في الجامعة الصيفية لحزب “البام”، حول موضوع “حرية التعبير في الفضاء الرقمي”.
وقال ندير مومني الأستاذ الجامعي، إن ترك حرية منشورات التواصل الاجتماعي، دون قيود وضوابط بات مستحيلا لما لها من تهديد حقيقي على أمن الدولة والأفراد إثر سرعتها الفائقة وأثرها الآني وسهولة استعمالها.
وأوضح أن ترك هذه الحرية دون قيود وضوابط بات مستحيلا لما لها من تهديد حقيقي على أمن الدولة والأفراد إثر سرعتها الفائقة وأثرها الآني وسهولة استعمالها.
وشدد على ضرورة ربط التقيد والضبط، بضمان حرية الرأي والتعبير، التي تعد من الحقوق الأساسية المكفولة بمواثيق دولية، وتشكل أبرز ركائز ودعامات المجتمع الديموقراطي.
وأكد، أن حرية التعبير في الفضاء الرقمي وبعض الإنزلاقات تجعلنا أمام بحث جماعي عن وصفة تجمع بين الضبط والتقييد، والحفاظ على حرية التعبير باعتبارها مبدأ مقدسا، وبين المسؤولية المترتبة عن هذه الحرية والتي زادها الزمن الرقمي كثيرا من التحديات.
الشبكات الاجتماعية
وفي سياق متصل، حذر خبراء ومحللون، الأربعاء، من تضليل الشباب المغرر بوعود زائفة لحياة أفضل ومستقبل وردي على الضفة الأخرى للمتوسط، من خلال دعوات جماعية للهجرة غير النظامية عبر الشبكات الاجتماعية.
وندد هؤلاء بالنداءات اللامسؤولة التي تدفع آلاف الشباب إلى المخاطرة بحياتهم من أجل فردوس وهمي، منوهين بالإجراءات والجهود المكثفة المبذولة من قبل السلطات المغربية، بشكل واع واحترافي، بغرض تجنب أن يجازف هؤلاء المرشحون للهجرة عبثا بحياتهم تحت وقع نداءات مضللة ومغرضة يتم تداولها على الشبكات الاجتماعية.
ورأى المحلل السياسي مصطفى طوسة أن المحتويات المنشورة على الشبكات الاجتماعية التي حرضت علنا على اقتحام الحاجز الأمني بين مدينتي الفنيدق وسبتة، يوم 15 شتنبر، “تبين إلى أي حد باتت الشبكات الاجتماعية تلعب اليوم دورا سلبيا، وتضخم هذه الظاهرة وترسم الأوهام التي تغوي الشباب والنفوس الضعيفة، وعبر تغذية آمال مزيفة بعبور الحدود”.
وقال طوسة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه “بمجرد الإعلان عن هذه المحاولات لعبور الحدود، لوحظ أن السلطات المغربية اتخذت تدابير أمنية فعالة حدت إلى حد كبير، من وقع هذا الهجوم ومن حجمه أيضا، ليصبح حدثا هامشيا، بعيدا عن مرامي مروجيه وصناع الفتن على الشبكات الاجتماعية الذين حاولوا استغلاله”.
وأضاف أن هذه الحوادث تبرز، مجددا، التحديات الكبرى للهجرة السرية التي يواجهها المغرب، الذي يعمل على قدم وساق من أجل اجهاض هذه المحاولات ومحاصرة ظاهرة دولية لا تفتأ تتعاظم.
وذكر، في هذا السياق، بسياسة الهجرة المعتمدة من قبل المغرب والتي تحظى بتنويه رفيع على الصعيد الدولي نظير فعاليتها في مكافحة الهجرة غير النظامية.
وفضلا عن الاختيارات الأمنية الحازمة لمكافحة هذه الآفة العالمية، يقول المحلل السياسي، فإن المملكة منخرطة على عدة جبهات من أجل ضمان حياة كريمة للمغاربة، مع إيلاء عناية خاصة لشبابها عبر أوراش واستراتيجيات ضخمة، على غرار دعم تشغيل الشباب، هذا الرأسمال البشري الثمين.
واعتبر أنه “لكي تؤدي سياسة ما إلى نتائج إيجابية وتؤتي ثمارا تكون في مستوى الانتظارات، فإن ذلك يحتاج إلى وقت “، مشيرا إلى أنه ” لا يوجد هناك بلد يملك عصا سحرية “.
من جانبه، ندد محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، بالدعوات الهدامة للهجرة غير النظامية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تروم ” المس بصورة المملكة “، مؤكدا أن الأفعال الضارة، والتي تنم عن سوء نية، تستهدف بالأساس الشباب الذي يعيش وضعية هشاشة.
وقال إن “هذه المحاولات تروم عرقلة ووقف الدينامية المدعمة للتنمية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات”.
وأبرز السيد بنحمو أن السلطات المغربية، التي وضعت تدابير أمنية فعالة من أجل إحباط هذه المحاولات مسبقا وتفادي أي انفلات للوضع، أبانت عن مهنية وضبط للنفس عاليين، وذلك على الرغم من أعمال العنف والتخريب التي ارتكبها المرشحون للهجرة غير النظامية.
وأبرز من جهة أخرى، سياسة الهجرة التي اعتمدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، مشددا على أن المملكة تعد البلد الوحيد في إفريقيا الذي قام بتسوية أوضاع المهاجرين النظاميين، في انسجام تام مع التزاماتها الدولية.
وسجل رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، من جانب آخر، أن السياسات العمومية في مجال تشغيل الشباب تجسد إرادة المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في تثبيت أسس الدولة الاجتماعية لفائدة جميع شرائح المجتمع.
أما امحمد بلعربي، وهو أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش، فقد اعتبر أن الدعوات التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم اقتحام للحاجز الأمني بين مدينتي الفنيدق وسبتة أخذت حجما غير مسبوق، وهو ما دفع السلطات المغربية إلى اتخاذ تدابير أمنية هامة لمواجهة هذه الوضعية التي لم يسبق لها مثيل.
وأوضح أنه في الوقت الذي يواصل فيه المغرب بذل جهود جبارة لمحاربة الهجرة غير النظامية، في إطار مقاربة متعددة الأبعاد، أصبح ضغط الهجرة يتزايد أكثر فأكثر بسبب عصابات تنشط في هذا النوع من التعبئة الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكر السيد بلعربي بأن المملكة منخرطة في عدد من الأوراش والبرامج الهادفة إلى ضمان الشغل للشباب وتوفير شروط العيش الكريم لهم، بعيدا عن هذه الأصوات الحاقدة التي تبحث إلى تخدير عقول هؤلاء الشباب بوعود وهمية لا مستقبل لها.