“‏تتعرض لمضايقات ممن حولك وتعجز عن الرد، أو يقوم أحد بسرد جملة فكاهية ولا تستطيع التفاعل سوى بالابتسام، وبعد مرور الموقف يجول في خاطرك الرد المثالي، ولكن ما الجدوى من ذلك، هل سنعود بآلة الزمن إلى الماضي أم سنقوم بالرد بعد مرور الموقف؟.

كتاب «لا تقع فريسة لزلة لسانك»، يرصد خمس قواعد لتعلم فن الرد بتعلّمها وإتقانها تصبح سريع البديهة وأكثر نجاحاً والبداية من هنا.

1- أسس سرعة البديهة

تقوم سرعة البديهة على مبدأين أساسيين هما القوس غير المغلق والموقف غير المعقول، والهدف من مبدأ القوس غير المغلق هو توجيه رسالة بشكل غير مباشر عند التعرُّض للهجوم اللفظي بحيث تترك للطرف الآخر مساحة للتفكير وإدراك الغرض من الرسالة،
وحينها يكون وقع الرسالة أقوى على المستمع، لكن الهدف من مبدأ الموقف غير المعقول هو الرد بشكل هزلي أو بالهراء عند التعرُّض لأسئلة محرجة يكون الرد المُهذَّب عنها هو عدم الرغبة في التحدُّث في هذا الأمر، فبعد إدراك الغرض من السؤال سيتم استخدام قالب فكري مختلف للرد عن السؤال.

2- انطلاقًا من الموقف

قد ذكرنا أن لسرعة البديهة نوعين، وسنبدأ بالنوع الخاص بإبداء جمل فكاهية انطلاقًا من الموقف، مع التنويه بأن سرعة البديهة يُمكن أن تكون مُهذَّبة أو لاذعة، ويتم استخدام الجمل اللاذعة بعدما نتأكَّد أنه ليس من جدوى لاستخدام الجمل المهذبة، كما هو الحال مع روجر شافينسكي المتحدث المعروف بالهجوم على ضيوفه بلا هوادة، لم يستطِع هاري هولتسهوي مدرِّب التواصل من ردعه عن طريق الإطراء والمديح، فظلَّ يوجِّه المتحدث إليه تعليقات لاذعة، لذا علينا ألا ننفر من الجرأة التي سنحتاج إليها سواء في المواقف الفكاهية، أو عند الرد على هجوم.

سنبدأ بالمواقف الفكاهية، فالقدرة على المزاح أمر قابل للتدريب، لكننا نعتقد أن الأمر صعب، فالمجتمع يفرض علينا الجدية والجفاء، كما نعتقد أن الفكاهة للنوادي واستراحات الغداء، ولا نُدرِك كم الضغط الذي ستشارك الفكاهة في إزالته في مقر العمل، ويُمكننا تطوير حس الفكاهة عن طريق تدوين العديد من النكات، وعند الإخفاق في سردها يمكننا نقد أنفسنا قبل أن يقوم أحد بذلك، ففي حالة المرور بموقف يمكننا التعليق عليه بشكل معاكس تمامًا، فمثلًا يمكن وصف شخصين يتربَّص كلٌّ منهما بالآخر بالعاشقين، وإذا أدلى أمامنا شخص ما برأي يمكن ردُّه إليه فيمكن الرد بمثله تمامًا، مثل هذه الأزهار يرثى لها، ويُمكِن استخدام هذا الأسلوب في المديح أيضًا.

3- الجدل

سننتقل الآن من استراتيجيات للردِّ على الهجوم الصريح، لاستراتيجيات للقدرة على إدارة النقاشات، ويحتاج الأمر إلى طرح الأسئلة الصحيحة والرد بالإجابات الصحيحة، وقبل الخوض فيها علينا أن نتعلَّم كيف نتحلَّى بروح المبادرة، فعلينا ألا ننتظر حتى يتحدَّث الطرف الآخر، فهذا يُخفِّف التوتر ويوحي للطرف الآخر بثقتنا بأنفسنا.

علينا أن نتعلَّم أيضًا فن طرح الأسئلة، ومن ضمن الاستراتيجيات التي تم طرحها: استراتيجية وضع المهام، ويكون الغرض منها هو جعل الطرف الآخر يتحوَّل إلى متلقٍّ، ويشعر بالاضطراب عند الشعور بالهجوم أو الضعف، فحينها علينا توجيه أسئلة أو طلب للطرف الآخر، ويُمكن استخدام الأسئلة التعريفية في هذه الحالة، فمثلًا عندما يتم اتهامنا بالإهمال أو الفشل يمكننا أن نسأل الطرف الآخر عن تعريف المصطلحين من وجهة نظره، وهناك أيضًا الأسئلة المفتوحة، ولا تكون في شكل أسئلة، بل جملة في هيئة سؤال مثل: حياتك كانت عسيرة ثم النظر إلى المتلقي، حينها نحمل الطرف الآخر على التكلُّم من دون طرح أسئلة، وهذه الاستراتيجية عادةً يستخدمها الصحفيون، هناك شكل آخر للأسئلة المفتوحة، وهي الأسئلة المزدوجة أي ذكر عدة أسئلة دفعة واحدة.

4- فنون الإجابة

ذكرنا أن الاستراتيجيات الخاصة بطرح الأسئلة، وسنذكر الآن الاستراتيجيات الخاصة بالإجابة عن الأسئلة، ومن ضمنها استراتيجية الأسئلة الراجعة، فعندما نريد اكتساب وقت للتفكير في السؤال والرد المثالي أو الخروج من وضع الدفاع، يمكننا فعل ذلك عن طريق الرد عن الأسئلة بأسئلة مثل: ماذا، ماذا تقصد، أو عفوًا، أو نختار مصطلحًا من السؤال، ونسأل الطرف الآخر عن تعريفه، أي استخدام الأسئلة التعريفية مثل: ما معنى مؤهل بالنسبة لك، أو عندما يتم اتهامنا بالاستيلاء، أو الإهمال نسأل عن التفاصيل مثل: أين تقع الأخطاء، لكن في حالة الشعور بأن السائل يوجِّه إلينا هجومًا يُقلِّل من قدرتنا على التفكير أو التخطيط، يمكن إثبات خطئه، ثم توجيه اتهام إلى السائل، وبالتالي يخرج من دور الهجوم إلى دور الدفاع.

“‏هناك استراتيجية أخرى تهدف إلى صد الهجوم عن طريق طرح حلٍّ في المستقبل، فمثلًا: أنت غير مستعد، فالرد: سأكون مستعدًّا خلال… بالتالي لن يستطيع الطرف الآخر التحقُّق من صدق هذا الأمر في الوقت الحاضر، وهناك استراتيجية مشابهة تهدف إلى التهرُّب من السؤال، وهذه يحتاج إليها السياسيون للتهرُّب من الاعتراف بأمر ما بشكل واضح، فيبدؤون في الحديث بشكل مطوَّل استنادًا على مصطلح ما ذُكِر في السؤال، أو بدلًا من ذكر الأخطاء يوجِّهون الإجابة إلى ذكر الإنجازات، والمهم في هذا النوع من الإجابات هو الحديث بشكل مُطوَّل بلا توقُّف.

5- السبيل اللطيف

جميع الاستراتيجيات التي تمَّ ذكرها سابقًا، أسلوبها حاد وتشجِّع على الرد على الهجوم بهجوم، ولكن تذكَّر أننا اتفقنا أننا لن نستخدمها إلا بعد استخدام الأسلوب اللطيف المُهذَّب، وإن لم يُجدِ نفعًا سننتقل إلى الهجوم، الأيسر هو استخدام الهجوم، وهذا ما تدفعنا إليه سجَّيتنا،

حيث كان الأمر مفيدًا في العصر الحجري من أجل الصراع على البقاء، لكن الحكمة الآن هي اللجوء إلى الأسلوب الليِّن لعدَّة أسباب، منها: تحسين العلاقات الإنسانية، وإلى جانب ذلك توفير الطاقة التي نهدرها في الشجار ومشاعر الحقد، والوقت الذي نمضيه للتفكير لكيفية التربُّص أو التهرُّب من الطرف الآخر، لذا سنذكر استراتيجيات للرد على الهجوم بردود لطيفة بدلًا من الردود اللاذعة.

المصدر :كتاب «لا تقع فريسة لزلة لسانك» لمؤلفه ماتياس بوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *