“في إنتخابات الجزائر الرئاسية، لعبة الأرقام فيها قفز بدون زانة كثير ومبالغ فيه”.

*لحسن العسبي

مثيرة هي الرياضة التي تمت ممارستها على مستوى أرقام نسبة المشاركة في الإنتخابات الرئاسية الجزائرية، كونها تقدم مادة خام جدية للدراسة والقراءة والتحليل، بعيدا عن أي تموقف مسبق من المسلسل الديمقراطي والإنتخابي في الجزائر الشقيقة.

جميعنا يعلم أن الأرقام عنيدة.

حسابيا (بمنطق الرياضيات ومعادلاتها العلمية)، أعلنت الجهة المشرفة على العملية الإنتخابية الرئاسية ليوم السبت 7 شتنبر 2024، في بلاغها الثاني المتعلق بنسبة المشاركة أنها بلغت 26.5% حتى حدود الخامسة مساء.

ثم أعلنت في بلاغ ثالث أن نسبة المشاركة قفزت عند انتهاء التصويت في الثامنة مساء (بعد ثلاث ساعات فقط) إلى 48.03%، أي ما يقارب الضعف دفعة واحدة. وهذا رقم عنيد فيه حسابيا مبالغة.

لأنه بمنطق الحساب فإن حوالي 6.5 مليون ناخب (من مجموع 24 مليون ناخب مؤهل للتصويت)، قد صوتت في الكتلة الزمنية ما بين الثامنة صباحا والخامسة زوالا (9 ساعات)، مما يعني أن معدل المصوتين في 63 ألف مكتب تصويت المفتوحة رسميا هو 103 مواطن في كل مكتب تصويت.

ثم فجأة في كتلة زمنية أضيق (ثلاث ساعات فقط)، سيصوت تقريبا نفس العدد من المواطنين الجزائريين ما بين الخامسة مساء والثامنة ليلا، مما يعني بالحساب الرياضي أن أمام 103 مواطن منتخب فقط 0.8 دقيقة للقيام بعملية التصويت التي تتطلب في الواقع أقله 5 دقائق.

واعتمادا على معدل 5 دقائق هذه لكل مصوت، فإن الكتلة الزمنية الواجبة حتى يصوت 6 ملايين مواطن هي 7.9 ساعة وليس 3 ساعات المعلنة، أي أن عملية التصويت يجب أن تمتد من الخامسة مساء حتى العاشرة والنصف ليلا وليس الثامنة ليلا كما أعلن عن ذلك.

الخلاصة هي أن رياضة لعبة الأرقام في هذه الإنتخابات الرئاسية الجزائرية فيها قفز بدون زانة كثير ومبالغ فيه.

إن المنطقي حسابيا حتى تصمد مصداقية أرقام نسبة المشاركة تلك، في ما بين الساعة الخامسة مساء والثامنة ليلا، هي أن ترتفع النسبة إلى حدود 30%.

ربما لهذا السبب نجد أن المرشحين الثلاثة للإنتخابات الرئاسية (ضمنهم الرئيس المعلن فوزه ب 94% من الأصوات المعبر عنها السيد عبد المجيد تبون)،

سيصدرون جماعيا بلاغا يشكك في أرقام لجنة الإشراف على الإنتخابات.

وهذه سابقة في تجارب الإنتخابات المماثلة، أن يشكك مرشح فائز في أرقام فوزه.

الخلاصة أن مصداقية العملية الإنتخابية ضربت في مقتل.

*صحفي وكاتب سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *