أن ينفذ حكيم زياش ضربتي الجزاء، هو أمر تقني من اختصاص المدرب، وليس فيه عاطفة ولا إنسانية ولا إرضاء خواطر، ولا يجب على حكيمي ولا رحيمي ولا دياز أن يرفضه أو يشعر بالغبن إزاءه.
*أحمد الدافري
لم أكن أرغب في الدخول في بوليميك حول المباراة التي أجراها المنتخب المغربي أمس ضد الغابون، ولم أكن أريدأن أناقش حتى مع نفسي لماذا أعطى زياش لنفسه الحق في أن ينفذ ضربتي الجزاء.
لكني وجدت نفسي هذا الصباح بعد أن قرأت عددا من التدوينات، مضطرا أن أمارس أنا أيضا حقي في الفهامة وأن أعطي رأيي في ذلك، مثل كل فهايمية فيسبوك.
سأخرج عيني أنا كذلك، وسأحنزز في الناس وألقي بنفسي في بئر النقد الرياضي المغلوب على أمره، وسأجزم وسأقول بأنني متأكد أن حكيم زياش لم يفعل سوى ما هو متفق عليه مع المدرب.
أن ينفذ حكيم زياش ضربتي الجزاء، هو أمر تقني من اختصاص المدرب، وليس فيه عاطفة ولا إنسانية ولا إرضاء خواطر، ولا يجب على حكيمي ولا رحيمي ولا دياز أن يرفضه أو يشعر بالغبن إزاءه.
ما دام زياش قد حظي بثقة المدرب وحصل على أسبقية تنفيذ ضربات الجزاء، وتمكن من تنفيذ ضربتي جزاء بنجاح، فقد قام بمهمته وتحمل مسؤولية ما هو مطلوب منه، وانتهى الأمر.
إذن نوقرو السيد ونغلقو أفواهنا.
القائد أوباميانغ الغابوني الذي لعب مع فريق بروسيا دورتموند الألماني الشهير خمسة مواسم وسجل له 98 هدفا.
ولعب مع فريق أرسنال الإنجليزي الشهير أربعة مواسم وسجل له 68 هدفا.
ولعب لفريق برشلونة العالمي نصف موسم قبل سنتين وسجل له 11 هدفا قبل أن ينهي الموسم مع تشيلسيالإنجليزي مسجلا له هدفا.
ثم مع أولمبيك مارسيليا الفرنسي الذي سجل معه في الموسم الماضي 16 هدفا، حين تقدم أمس لتنفيذ ضربة الجزاء، لم يزاحمه أي أحد من لاعبي الغابون، وأخطأ التسجيل.
وحين تقدم لتنفيذ ضربة الجزاء الثانية لم يقل له أي لاعب من الغابون اتركها لي أرجوك إنك أخفقت في تسجيلالأولى. هناك قرار يتخذه المدرب، ولا يمكن لأحد أن يعترض عليه.
من حق أي مدرب أن يعتمد على لاعب في ضربات الجزاء، فهو الذي يتحمل مسؤولية النتيجة.
المدرب المغربي جرب منح أشرف حكيمي تنفيذ ضربات الجزاء فكانت مصيبة.
منها مصيبة مباراة ثمن نهائيات كأس إفريقيا ضد جنوب إفريقيا الماضية التي انتهت بإقصائنا.
حينها أكد أشرف حكيمي ما قاله فيه مدربه الإيطالي السابق كونتي في فريق إنتر ميلان بأنه أردأ من ينفذ ضربات الجزاء في الفريق، وأنه يجب أن يموت الجميع قبل أن يسدد ضربة جزاء.
نعم حكيم زياش، كان قد أهدر ضربة جزاء في ثمن نهاية كأس إفريقيا ضد منتخب البينين سنة 2019 في مصر في الوقت بدل الضائع وتسبب لنا في الإقصاء، وكان قد أهدر قبل ذلك التاريخ أربع ضربات جزاء منذ أن التحق بالمنتخب المغربي.
لكن الأمر ليس استثنائياً.
هناك لاعبون كبار كانوا يقودون منتخبات بلادهم وأهدروا ضربات حاسمة في كأس العالم، منهم اللاعب روبرتوباجيو الإيطالي، واللاعب ميشيل بلاتيني الفرنسي، واللاعب سقراطيس البرازيلي، واللاعب كريستيانو رونالدوالبرتغالي، وغيرهم.
بل إن ليونيل ميسي الذي هناك من يعتبره أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم، حين أضاع ضربة جزاء ضد بولندا رفقة منتخب بلده الأرجنتين في نهائيات كأس العالم بقطر، كان قد أضاع قبل ذلك 31 ضربة جزاء طوال مسيرته مغ منتخب بلاده ومع فريق برشلونة ومع فريق باريس سان جيرمان، منها ضربة جزاء التي أهدرها مع هذا الأخير ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا في 2021.
إنه أمر مضحك أن تعتبر صحيفة الماركا الإسبانية أن ابراهيم دياز ابن ريال مدريد، الذي هو ابننا أيضا، قد تعامل معه زياش بأنانية ولم يمنحه فرصة ضربة الجزاء كي يسجل أول هدف معه في المنتخب من أجل أن يسعد ويفرح ويقول ها أنا قد سجلت هدفي الأول مع المنتخب المغربى.
لو تنازل حكيم زياش عن مسؤوليته التي حظي بها من مدربه، كان الأمر سيبدو سخيفا، وكنا سنجد أنفسنا أمام مشهد يشبه عملية إرضاء خاطر طفل يريد أن ينال هدية مجانية كي لا يغضب لأنه اختار أن يلعب للمنتخب، ونحن لانعرف حقيقة هل كان سيختار اللعب للمنتخب لو نودي عليه للعب للمنتخب الإسباني.
هل فعل زياش أمس أمرا يستحق أن يتعرض بسببه لللوم أو التقريع؟.
هل فعل شيئا سيئا في الميدان يجب أن ينال عليه التوبيخ؟.
وفق فهمي المتواضع لكرة القدم، أرى أنه قام بدوره في وسط الميدان، وسلم كرات جيدة لزملائه، وكان نشيطا فيالعمليات الهجومية، وكان واحدا ممن صنعوا أول هدف سجله ابراهيم دياز مع المنتخب المغربي.
إن حكيم زياش، حين إختار أن يلعب للمغرب قبل سنوات، فهو اختار ذلك كي يساهم في الإنجازات، ومنها إنجاز كأس العالم في قطر الذي كان أداؤه فيه رائعا، من خلال تسجيله لهدف ذكي ومباغت ضد كندا، وتلاعبه بدفاع بلجيكا قبل تمريرته الحاسمة التي سجل من خلالها زكريا بوخلال الهدف الثاني في شباك العملاق تيبو كورتوا..
كما من حق حكيم زياش أن يسعى إلى الرفع من عدد أهدافه مع المنتخب المغربي من خلال ضربات الجزاء، كييحقق رقما قياسيا.
إنه حق مشروع، وهو يسعى إلى ذاك بالعمل والجهد، وبناء على القانون وليس بالتمسح والتقرب والمجاملات.
نعم. يحدث أن تبدر منه تصرفات غير لائقة حين يصر أن يبقى في الملعب حين يقرر المدرب تغييره.
لكن هذا ليس مبرراً كي نعلقه في المشنقة أو نرجمه بالحجر.
لاعبون كُثر في العالم فعلوا ذلك، منهم ليونيل ميسي مع برشلونة الذي تمرد في أكتوبر 2014 ضد مدربه لويس انريكي الذي قرر تغييره في مباراة ضمن الليغا ضد إيبار وخرج من الملعب وهو ساخط.
أيها السادة أيتها السيدات الذين لا يعجبهم حكيم زياش فقط بسبب مزاجه، أو لأن شكله لا يروقهم، أو لأنه لم يعديلعب مع فرق شهيرة، لن أقول لكم سيرو لكوزينتكم.
وإلا فأنا أيضا يلزمني أنني نمشي لكوزينتي.
بل ألتمس منكم فقط أنكم تتهدنوا، وأن تراجعوا أنفسكم، وأن تعيدوا التفرج على مباراة أمس، فربما إن كانت لديكمبعض المعرفة بدور كل لاعب في موقعه داخل الميدان، ستوقرون هذا اللاعب الذي يبدو لكم أنه لم يعد له مكان.
*كاتب صحفي