#محمد سليكي

قبل أسابيع من عيد العرش، الذي احتفل به المغاربة في بداية الأسبوع الجاري، ستوجه وزارة الداخلية، مراسلة “سرية”، إلى مختلف الولاة والعمال بالإدارة الترابية، تحدد من خلالها شروط انتداب المشاركين في حفل الولاء وتجديد البيعة للجالس على العرش.

كان شرط خلو صحيفة سوابق المنتدَبين للمشاركة في حفل الولاء من المتابعات القضائية، وبالأحرى الإدانات الحبسية والسجنية، على رأس تلك الشروط، توقيرا لهذه المناسبة، التي من شرف لحظتها مخاطبة الملك للمبايعين. كما يردد ذلك خدم القصر، مع كل انحناءة “مبايعة” للسلطان، عبارات: “لله يعاونكم قال ليكم سيدي” و”الله يصلحكم قال ليكم سيدي” و”الله يرضي عليكم قال ليكم سيدي”.

وحسنا فعل القصر، عبر وزارة الداخلية، حين اشترط ذلك الشرط في اعتماد الولاة والعمال لممثلي الجهات والاقاليم، في حضور حفل الولاء لتجديد البيعة للملك، وإلا كان المشهد مقززا وأنت ترى منتخبين وأعيانا، وحتى مسؤولين، من المشتكى بهم لدى القضاء، أومن المحكوم عليهم من قبَل محاكم المملكة، وهم يقدّمون البيعة باسم الشعب للملك.

ولما كان الأمر كذلك، فثمة أسئلة أظن أن مجرد إثارتها في هذه الورقة، تفتح ربما باب نقاش مهم، لعل من أبرزها: لماذا تُشهَر ورقة المنع من حضور حفل الولاء في وجه أعيان أو منتخبين لأنهم  فقط، محط شكاية لدى القضاء أو محل إدانة من قبل إحدى محاكم المملكة في قضايا لها صلة بتدبير الشأن العام، ورغم ذلك يواصلون التصرف في المال العام؟! ..

قد يقول قائل، إن عزل منتخب أو مسؤول مسألة منظمة بقانون، وإنّ منع زيد أو عمر من المشاركة في تمثيل من انتخبوه في تجديد البيعة للسلطان لا يعني، لسبب أو لآخر، أنه في حكم المعزول أو في الطريق إلى العزل..

هذا قول يحتمل الصواب، كما قد يحتمل الخطأ، لكنْ، لنترك جانبا ما يقوله القانون في هذا الباب، ونتساءل عن “الأخلاق” في الممارسة الانتدابية والسياسية، التي جاء ذلك القانون لحمايتها والحرص على إشاعتها.. ونبسط السؤال التالي: ألم يكن حريا بمن يهمهم الأمر أن يتخلوا، طواعيةً، عن كراسي مسؤوليتهم الانتخابية، بعدما وجدوا أنفسهم خارج شروط نيل شرف حضور حفل الولاء، وترك باب حضور هذه المناسبة، مفتوحا في وجه انتداب منتخبين آخرين، صحيفة سوابقهم عذراء من كل جُرم وحُكم؟.

قد يكون هذا السلوك، المتشبع بنكران الذات، لتغليب ما تقتضي به الأخلاق على ما يفرضه القانون، في المجتمعات والدول التي تحترم العديد من القيم، أما في التجربة السياسية المغربية، التي كانت أكثر من مرة، محط نقد لاذع من أعلى سلطة في البلاد، فيبدو أن هذا المطلب بعيد المنال، خاصة مع وجود كائنات انتخابية، لا يهمها كم من حكم إدانة صدر في حقها، بقدر ما يهمها كم من مسؤولية وثروة راكمتها؛ ولتذهب تقارير مؤسسات رقابية، من قيمة المجلس الأعلى للحسابات، إلى رفوف الأرشيف..حتى لا أقول شيء آخر.

وهذه الفئة، من”الشلاهبية، لا يشرّف المغاربة، طبعا، أن تنال شرف تجديد فروض البيعة و الولاء للعرش باسم الشعب المغربي، ولا يمكن أن تُمنح شرف الانحاء أمام ملك البلاد لتقديم الولاء، ولا أن تنال شرف مخاطبتها بعبارات “لله يعاونكم، قال ليكم سيدي” و”الله يصلحكم، قال ليكم سيدي” و”الله يرضي عليكم، قال ليكم سيدي”.

لذلك وجب تصحيح ضبابية صورة مشهد، يوجد فيه ممنوعون من حفل الولاء.. لكنهم متصرفون في المال العامّ!..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *