مع انطلاق الموسم الجامعي بأوروبا، تتسابق الأبناك الأوروبية لاستقطاب طلبة الجامعات من أجل فتح حسابات بنكية بشروط جد مغرية ومحفزة، بل ويخصص كل بنك منحة مالية مجانية لكل طالب تسمى “منحة الاستقبال” أو “منحة الترحيب“.

إذا أخذنا نموذج فرنسا، التي يدور المغرب في فلكها، نجد بأن كل الأبناك على اختلاف قوتها ورقم معاملاتها (29 مؤسسة بنكية)، تنحو هذا المنحى وتبرم اتفاقيات تفضيلية للطلبة مع الكليات والمعاهد والمدارس العليا.

منحة الترحيب” التي يسلمها البنك لكل طالب جامعي فرنسي فتح حسابا بوكالته خلال حياته الجامعية تتراوح بين 80 و110 أورو حسب الأبناك.

وإذا علمنا أن هناك 3 ملايين طالب جامعي بفرنسا، فمعنى ذلك أن “منحة الترحيب/الاستقبال” التي تمنحها الأبناك الفرنسية للطلبة الجامعيين مجانا، تقدر بحوالي 240.000.000 أورو.

أي بالعملة المغربية 240 مليار سنتيم كحد أدنى تصرف في الحياة الجامعية مرة واحدة،( حتى الطلبة الأجانب يتسلمونها، وعددهم413.000 طالب بفرنسا)، فضلا عن تقديمها العديد من الامتيازات الأخرى، من قبيل الخدمات البنكية المجانية، أو منح قروض بصفر فائدة، أو تمويل مشروع بحثي للطلبة، إلخ

الأبناك تعي أن هؤلاء الطلبة “المكردين والمكحطين والفقراء الآن”، هم نخبة المجتمع غدا، وبالتالي فهذه الأبناك الفرنسية( والغربية عموما)، تستثمر لخلق الوفاء والولاء لكسب زبناء أوفياء بعد تخرج الطالب الجامعي وولوجه سوق العمل بأجر محترم.

في المغرب، ورغم وجود 24 بنك، منها 5 أبناك تشاركية، فلا نعاين ذاك الهوس وانشغال مسؤولي الأبناك للتسابق لتوقيع اتفاقيات مع الجامعات المغربية لمنح الطلبة الجامعيين ( وعددهم 1.400.000 طالب جامعي مغربي)، منحة مجانية، ولو في حدود 1000 درهم كلما فتح الطالب حسابا بنكيا، ليحس الطالب أن له تعاملا تفضيليا في المجتمع، وليحس الطالب أن له اعتبارا من طرف المجتمع وقواه المالية والصناعية والخدماتية.

فباعتماد نفس المسلك المعتمد في أوربا، وافترضنا جدلا أن الأبناك المغربية قررت إخراج “زكاة العلم” لحوالي 1.400.000 طالب جامعي مغربي، فمعنى ذلك أن الأبناك ستساهم بمبلغ لا يتجاوز 1،5 مليار درهم في الحياة الجامعية التي تدوم في المعدل أربع سنوات، أي في حدود 375 مليون درهم في السنة، وهو مبلغ بئيس مقارنة مع الأرباح الفاحشة التي تحققها الأبناك بالمغرب كل عام.

علما أن هذا المبلغ لا يصرف كل عام كما أوضحت، بل يستفيد الطالب منه مرة واحدة لما يفتح الحساب البنكي.

فيا أرباب الأبناك بالمغرب، هاهو مجال خصب لإبراز “حنة يدكم” لترجمة شعاراتكم الجوفاء، من قبيل: ” الأبناك المواطنة”، على أرض الواقع.

وإلى أن يتحقق هذا المبتغى، ستبقى زكاة 1.400.000 طالب جامعي تطارد كل رب مقاولة بنكية بالمغرب !.

*عبد الرحيم أريري-مدير تحرير الزميلة أنفاس

ملحوظة: صورة مركبة لعثمان بنجلون، باطرون الأبناك، عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب ودركي الأبناك، ومحمد الكتاني، رئيس أكبر بنك بالمغرب( التجاري وفا).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *