نظرا للتدني اللغوي الحاد للطلبة، ارتأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار التعاقد من منصة دولية شهيرة متخصصة في تعلم اللغات الأجنبية، خاصة الفرنسية والإنجليزية، إلا أنه عند الضرورة تبين أن هذه المنصة قد تعطلت عن العمل مع ما صاحب ذلك سلبيات وما نتج عنه من مشاكل.

المهم في الأمر، أن الوزارة تبحث عن الحلول الممكنة قصد التصدي للإعاقة اللغوية للطلبة، وطبعا لن تكون حلولا جذرية، ولا حتى مجدية، لأن مثل هذه العلاجات تبقى ترقيعيه موسمية، ما دام أصل الداء يكمن في طور التعليم الابتدائي، حيث يمكن ويكمن العلاج الجذري الفعال.

لم أعد أدري ما الذي يحدث، هل إلى هذا الحد لم نعد قادرين على معرفة أصل الداء اللغوي في الجامعة؟ .

هل يتعلق الأمر بوضعية (حالة) تربوية يتطلب التعامل معها التنظير الفلسفي المبهم، بحيث تتعدد الآراء والأفكار؟ .

أليس السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار وكذا السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من خريجي المدرسة الابتدائية لسنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث كان حامل الشهادة الابتدائية يعد حاملا لإجازة مصغرة في اللغة (اللغات) والحساب (ترويد الدماغ على التفكير العلمي والذكاء) تؤهله لمتابعة تعلمية بكل أريحية خلال أطوار التعليم اللاحقة؟ .

حصلنا على الشهادة (الابتدائية وكانت فعلا شهادة) على أيدي معلمين مغاربة، جلهم حاملي شهادة “البروفي” (نهاية طور التعليم الإعدادي) ومكونين في “المدارس الجهوية للمعلمين” الرائدة (التي تم وأدها بطريقة بشعة).
وعند ولوجنا طور التعليم الإعدادي، كان جل المدرسين فرنسيين، فلم نكن نجد أدنى صعوبة في التفاعل معهم وفهم واستيعاب ما يقولون وما كانوا يدرسوه لنا.

أليس هذا هو البرهان والدليل المادي على أن الحل الجذري للمشكل اللغوي يكمن في طور التعليم الابتدائي؟ أقول الطور الابتدائي، وليس التعليم (التعويم) الأولي الخارج عن السياق البيداغوجي للمنظومة التربوية؟ والاعتراف بهذه الحقيقة الثابتة يتطلب تبني مشروع شامل متكامل متناسق لإصلاح المنظومة التربوية والتعليمة من التعليم الابتدائي إلى الجامعي …

المعلمون (وما أدراك ما معلمون أيام زمان، نكن لهم الاحترام والتقدير الأبوي) تكونوا بالمدارس الجهوية للمعلمين، وليس بالمراكز التربوية الجهوية ( CPR التي كانت تكون مدرسي طور التعليم الإعدادي)، وليس بالمدارس العليا للأساتذة ( ENS التي كانت تكون مدرسي طور التعليم الثانوي (التأهيلي).

فهل يعقل أن يتم تكوين المعلمين بالجامعة، كما هو عليه الحال في الوقت الحاضر؟ . فهل يتعلق الأمر فعلا بقيمة مضافة لتكوين المعلمين، أم بقفزة عالية بالزانة خارج ميدان اللعب؟.

تطرقنا لكل هذه الأمور في مركز الدراسات والأبحاث والتقييم للتربية والتكوين (CEREEF) “المتوقف” (المعطل) منذ سنين، لكن لم يبالي أي أحد بما قمنا به كباحثين أخصائيين ملمين بكل دقائق أمور المنظومة التربوية، منطور التعليم الابتدائي إلى التعليم العالي.

عبد الله لخلوفي أستاذ جامعي في المدرسة العليا للأساتذة -جامعة محمد الخامس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *