إنه تقرير لنموذج تنموي لم يفد المغرب رياضيا في أي شيء إلى غاية الآن، واتضح من خلال ألعاب باريس الأولمبية بأن هناك فشلا في أجرأة خياره الأول، وهو خيار مازال مجرد كلام مكتوب على الورق، موضوع حالياً وسط تقارير كثيرة موجودة في الأرشيف.

*أحمد الدافري

التصريحات التبريرية في منابر إعلامية مكتوبة أو سمعية بصرية لبعض المسؤولين عن تسيير الرياضات التي شاركنا بها في الألعاب الأولمبية، تبعث على الأسى والأسف.
ولعل أكثرها إثارة للأسف، هو تصريح ذاك المسؤول في ألعاب القوى الذي يفتخر بألعاب القوى المغربية من خلال إنجاز سفيان البقالي.
هناك شيء لابد أن يقع.
لابد من إحداث زلزلة في كل الرياضات الأولمبية.
ما عدا رياضة كرة القدم، ليس لنا أي شيء.
لا فروسية، لا مصارعة، لا سباحة، لا جيدو، لا تيكواندو، لا جري، لا رماية، لا دراجات، لا والو.
وهو ما تمت ترجمته بالترتيب المتدنًٍي جدا في الميداليات الأولمبية على جميع المستويات.
ميدالية ذهبية في 3000 متر موانع أحرزها سفيان البقالي.
وميدالية برونزية أحرزها المنتخب المغربي في كرة القدم.

السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة كان هو المدير التنفيذي للجنة الخاصة بالنموذج التنموي التي كان الملك محمد السادس رئيس دولة المملكة المغربية قد عينه على رأسها يوم 19 نوفمبر 2019، قبل أن يستقبل جلالته السيد شكيب بنموسى يوم 25 ماي 2021 في القصر الملكي بفاس ويتسلم منه نسخة من التقرير العام الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وهو يتكون من 315 صفحة.

التقرير رصد ستة مواطِن ضعف كبرى ترهن تحقيق الطموح المنشود في التنمية، حددها في :

1- لا يملك المواطنون الشروط والوسائل التي تؤهلهم للمساهمة الفعلية في التنمية.
2- لا تزال النساء على هامش مسلسل التنمية.
3- وسط قروي يعاني العزلة ونقص التجهيز ولا يساهم بالقدر الكافي في تنمية البلاد.
4- نظام للامتيازات يعمق الإقصاء ويتسبب ف بطء النمو.
5- مقاولون يواجهون جملة من الإكراهات تحد من قدرتهم على المبادرة وتقلص من الفرص الممكنة.
6- سياسات عمومية غير واضحة بالقدر الكافي في توجهاتها، ويعتري تنفيذها في الغالب البطء وعدم النجاعة.

بعد هذا التشخيص الذي قامت به لجنة النموذج التنموي التي كان السيد شكيب بنموسى الوزير الحالي المسؤول عن قطاع الرياضة رئيسا لها، اقترح التقرير ما سماه :”الخيارات الكبرى الكفيلة بإعادة بناء الثقة وجعل المغرب بلداً متضامنا ومزدهرا لفائدة جميع مواطنيه”.
وفي هذا الاتجاه وضع التقرير تسعة خيارات.
الخيار الأول هو منظومة وطنية للتربية والتكوين محورها مسؤولية الفاعلين وتقوية قدراتهم وتحفيزهم، وهادفة إلى إعداد مواطن فاعل في دينامية التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
وتفصيلا في معنى هذا الخيار، يوضح التقرير أنه :” يتعين على الدولة أن تجعل من الاستثمار في تعزيز قدرات وكفايات مواطنيها أولوية وطنية، وذلك بغية تمكين كل فرد في المجتمع من تنمية ذاته وقدراته وأن يكون بمقدوره المساهمة في دينامية تنمية البلد.
كما ينبغي تشجيع كل شخص على إبراز مؤهلاته، بفضل منظومة وطنية للتربية والتكوين ناجعة ودامجة، تستعيد دورها في تحقيق الارتقاء الاجتماعي”.

أية كفايات، وقدرات، ومؤهلات، يتحدث التقرير في هذا الخيار عن تعزيزها، من أجل تحقيق الارتقاء الاجتماعي؟

يبدو هنا أن الأمر يتعلق بكلام عام.
لا تخصيص فيه.

تقرير يتحدث عن منظومة وطنية للتربية والتكوين ناجعة ودامجة، ولا توجد فيه إشارة إلى الرياضة، ولا إلى كيفية تحويل القطاعات الرياضية إلى مجال للتنمية من خلال الاستثمار والبحث والتنقيب عن المواهب والطاقات البشرية المهدورة بسبب قلة التشجيع والتحفيز.

إنه تقرير لنموذج تنموي لم يفد المغرب رياضيا في أي شيء إلى غاية الآن، واتضح من خلال ألعاب باريس الأولمبية بأن هناك فشلا في أجرأة خياره الأول، وهو خيار مازال مجرد كلام مكتوب على الورق، موضوع حاليا وسط تقارير كثيرة موجودة في الأرشيف.

وهذا ما كان.
*كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *