عادة ما يكون نوم الأطفال مصدر قلق للأباء، وخاصة خلال الشهور الأولى بعد ولادتهم. ويختار البعض النوم بجوار أطفالهم على نفس الفراش لمساعدتهم على النوم. فكيف يؤثر ذلك على النمو الذهني والعاطفي للطفل؟
مساعدة الأطفال أو حثهم على النوم لا يعد بالأمر السهل. ولا يقتصر الأمر على الشهور الأولى بعد ولادتهم فقط، بل يمكن أن تمتد المشكلة لعدة سنوات. ويدفع هذا الوضع الكثير من الأباء والأمهات علىالنوم بجوار أطفالهم، للتمكن من الاستجابة سريعًا للطفل في حالة استيقاظه فجأة بمنتصف الليل.
ولكن على الجانب الأخر، يشدد بعض المتخصصين على ضرورة الالتزام بمواعيد محددة لنوم الطفل وحثه على النوم بمفرده بهدف ”تعزيز الشعور بالاستقلالية لديهم”. كما يحذر علماء من آثار سلبية محتملةعلى الصحة الجسدية والنفسية للطفل.
وهكذا أصبحت فكرة مشاركة الفراش مع الطفل ”ممارسة أبوية مثيرة للجدل”، وفقًا لموقع سيكولوجي توداي Psychology Today المتخصص في الطب النفسي.
وفي محاولة للتعرف على آثار تلك العادة على النمو العاطفي والسلوكي منذ الطفولة المبكرة وحتى السنوات اللاحقة، أجرى باحثون في المملكة المتحدة دراسة تتبعوا من خلالها أكثر من 16 ألف طفلاً من عمر 9 أشهر وحتى عمر 11 عامًا.
وطلب الباحثون من الأباء الإبلاغ عما إذا كانوا يتشاركون الفراش مع أطفالهم، وإذا لاحظوا علامات الاكتئاب والقلق (تسمى بأعراض الاستيعاب) والعدوانية وفرط النشاط (تسمى بأعراض الاستيعاب الخارجي) لدى أطفالهم بشكل متكرر.
كما حاولت الدراسة تحديد الدور الذي تلعبه العوامل الخارجية مثل الضائقة النفسية للأمهات والحالة الاجتماعية والاقتصادية للوالدين والمعتقدات الخاصة بالأبوة والأمومة والرضاعة الطبيعية وتكرار استيقاظ الرضع ليلاً.
وتوصل الباحثون إلى أن النسبة الأعلى من الأمهات اللاتي يتشاركن الفراش هن ”من خلفيات عرقية مختلفة، وأصغر سنًا، وعازبات، وأكثر عرضة للرضاعة الطبيعية، ولديهن مستويات أعلى من الضيق النفسي ومستويات أقل من معتقدات الأبوة المنظمة”، وفقًا للدراسة المنشورة على موقع تايلور أند فرانسيس المتخصص في نشر الدراسات العلمية. وكان الأطفال الرضع الذين يتشاركون الفراش مع أمهاتهم يعانون من ”استمرار الاستيقاظ الليلي وانخفاض القدرة على التكيف”.
وهكذا تؤكد الدراسة على ضرورة النظر لتقاسم الفراش خلال السنة الأولى من عمر الطفل باعتباره قرار ”يعتمد على القيم الأبوية والثقافية بالإضافة إلى العديد من العوامل الأخرى مثل الرضاعة الطبيعية”، وبالتالي فإن الأمر قد لا يكون له أي عواقب ”إيجابية أو سلبية” على النمو العاطفي والسلوكي للأطفال.
ونبهت الدراسة إلى ضرورة قيام المختصين بتقديم معلومات كافية للأباء والأمهات حول كيفية تجنب المخاطر المحتملة، إذ أنه من غير المرجح أن تؤثر مشاركة الفراش خلال العام الأول للطفل على النمو العاطفي والسلوكي له ”طالما يتم اتباع تدابير السلامة”.