دخلت قضية محمد بودريقة، رئيس نادي الرجاء البيضاوي المتخلى عنه، منعطفا قد يعيد جميع الحسابات إلى نقطة الصفر.

وجاء ذلك عقب انتهاء مهلة السلطات القضائية الألمانية للحسم في ملف محمد بودريقة المحبوس إحتياطيا في مدينة هامبورغ، دون أن تتقدم السلطات المغربية بطلب تسلمه.

معطيات جريدة Le12.ma، تفيد بأن القضاء الألماني لايمكنه والحالة هاته سوى النظر في طلب الإفراج عن النائب البرلماني في غياب طلب رسمي من الرباط بشأن فتح  مسطرة التسليم في حالة إعتقال إلى السلطات المغربية.

ويبقى منفذ نجاة بودريقة من الترحيل الى المغرب، والحبس الاحتياطي في إنتظار محاكمته أمام القضاء المغربي، هو غياب طلب رسمي داخل الأجل من السلطات القضائية المغربية، لتسليم المشتبه به من أجل محاكمته في المغرب.

 وتحسبا لتسليمه الى المغرب، تبحث الأطر المالية والقانونية التابعة لمجموعة بودريقة الاستثمارية، وفق ذات المعطيات، جميع سبل التسوية الودية للشكايات التي يلاحق من أجلها رئيس الرجاء البيضاوي المعفى، والحصول على تنازلات.

يذكر أن الصحافة المحلية في المغرب كانت قد أشارت في العديد من التقارير إلى أن توقيف بودريقة في مطار هامبورغ جاء على خلفية مذكرة اعتقال دولية بطلب من السلطات القضائية المغربية، على خلفية تهم تلاحقه كـ » إصدار شيكات بدون رصيد مالي والنصب والاحتيال ». ولم يتسن لـ DW عربية التأكد من ذلك من لدن السلطات المعنية.

 بيد أن الصعوبة، توضح معطيات الجريدة، هو أن تنازل صاحب الحق الخاص (المشتكي)، لا يسقط الحق العام، أي أن النيابة العامة ستنتصب خصما في مواجهة المشتكي به، حماية لحق الدولة والمجتمع.

ومنذ اعتقاله، طرح سؤال واحد حوّل تطورات القضية، وهو هل سيتم تسليم بودريقة للمغرب؟ وإن كان الجواب بنعم! متى سيكون ذلك؟ وكيف؟ .

يذكر أن بودريقة الذي غادر المغرب منذ أشهر، وجرت إقالته من رئاسة مقاطعة مرس السلطان، كان يبرر غيابه عن المشهد الرياضي، والسياسي في المغرب بإجراء عمليات جراحية في الخارج.

وفي أخر تطورات اعتقال بودريقة، سباق أن أكدت القاضية ورئيسة المكتب الصحفي للمحكمة العليا في هامبورغ (شمال ألمانيا) مارايكه فرانتسن في تصريح لـDW عربية، أن المحكمة العليا لهامبورغ هي التي ستكون لها الكلمة الأخيرة في ملف تسليم محمد بودريقة، النائب المغربي الذي يشغل أيضا منصب رئيس نادي الرجاء الرياضي المغربي لكرة القدم.

وأضافت أن مدة المداولات في قضايا من هذا النوع تصل في العادة إلى نحو أسبوع.

من جهته أكد مكتب الادعاء العام في مدينة هامبورغ لـ DW عربية أن المعني بالأمر يوجد رهن الاعتقال وأن الادعاء العام شرع في تفعيل مذكرة التسليم، بناء على طلب من السلطات المغربية.

وكانت الشرطة الاتحادية لمطار هامبورغ قد أوقفت محمد بودريقة مساء 16 يوليو 2024، بناء على إشارة من منظمة الشرطة الجنائية الدولية (انتربول) لتسليمه إلى المغرب، بحسب ما أكدته الشرطة الاتحادية لمطار هامبورغ عبر رسالة إميل لـ DW عربية. وأضافت أن بودريقة وصل إلى ألمانيا قادما إليها من دبي.

وكانت ذات النيابة العامة الألمانية، قد أكدت في وقت سابق اعتقال رئيس الرجاء الرياضي المغربي محمد بودريقة في مطار هامبورغ قادما من دبي بناء على مذكرة توقيف دولية في حقه.

وفي خضم ذلك، سارع المكتب التنفيذي لنادي الرجاء البيضاوي، فور اعتقال بودريقة إلى عقد اجتماع طاريء في الدار البيضاء، خصص للتداول في شغور منصب رئيس الفريق.  فهل سيكون مكتب الرجاء قد تسرع في التخلي عن بودريقة، ان جرى الأفراج عنه من طرف القضاء الألماني ؟. 

 

في الورقة التالي نتعرف على مسطرة تسليم المجرمين على ضوء القانون والاجتهاد، وهو بحث نشره طالب في مجلة القانون وتعيد جريدة Le12.ma، نشره لكل غاية مفيدة.

 

لقد خول المشرع المغربي للنيابة العامة، إمكانية إصدار أوامر دولية لإلقاء القبض على المجرمين، من أجل تطبيق مسطرة تسليم المجرمين وذلك في المواد 40 و49 ق.م.ج ويعتبر هذا المقتضى من المستجدات التي أتى بها ق.م.ج حيث كان في السابق من اختصاص قاضي التحقيق، مما منح للمجرمين إمكانية الإفلات من العقاب.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأخيرة كانت منظمة بواسطة ظهير صادر في8 نونبر 1958 ووقع تغييره بمقتضى ظهير صادر  8نونبر1962 والمتعلق بتسليم المجرمين الأجانب إلى حكوماتهم، وتم نسخ هذا الأخير بمقتضى المادة 756 من ق.م.ج وتم تنظيمها في المواد من  718إلى 745.

ومما لا شك فيه أن مسطرة تسليم المجرمين تخضع للاتفاقيات المبرمة بين الدول.

وهكذا ارتأينا أن نعالج هذا الموضوع على الشكل التالي :

المبحث الأول : أحكام  تسليم المجرمين.

المبحث التاني : جزاء الإخلال بمسطرة التسليم.

المبحث الأول : أحكام تسليم المجرمين

يمكن تعريف التسليم، بأنه إجراء يتم بمقتضاه تخلي دولة عن شخص موجود في سيادتها، لدولة أخرى بناء على طلب هاته الأخيرة، وذلك من أجل محاكمته عن جريمة يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة.

وإذا كان من المبادئ المسلم بها في القوانين

الوضعية، تبني مبدأ إقليمية التشريع الجنائي في المرتبة الأولى على مختلف المبادئ الأخرى حيث يطبق التشريع الوطني على جميع الجرائم المرتكبة على أرضيها استنادا على فكرة سيادة الدولة على إقليمها، غير أن إكراهات التعاون الدولي في مكافحة الجريمة جعل الدول تدخل في اتفاقيات فيما بينها من أجل تسليم المجرمين التابعين لها رغم ارتكاب الجريمة خارج أراضيها.

وكما هو معلوم؛ أن من بين المستجدات التي أتى بها قانون المسطرة الجنائية، هو منح وكيل الملك والوكيل العام للملك حق إصدار أوامر دولية للبحث وإلقاء القبض على المجرمين، في حين كان في السابق من اختصاص قضاة التحقيق، مما جعل النيابة العامة تلتمس منهم هذا الإجراء،  والنتيجة الحتمية هو عدم إمكانية تتبع المجرمين المرتكبين للجنح، نظرا لعدم وجود قاضي التحقيق آنذاك في المحكمة الابتدائية، ما عدا إذا قامت النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية وتقديم التماسها إلى قضاء الحكم، من أجل إصدار أمر دولي لإلقاء القبض، وهذا الأمر كان يتطلب مرور وقت لا يستهان به، ولقد أحسن المشرع المغربي حينما منح هذا الاختصاص إلى النيابة العامة من أجل حسن سير العدالة، وتتبع المجرمين أين ما ذهبوا.

المطلب الأول : شروط تسليم المجرمين

مما لاشك فيه أن التعاون بين الدول في مختلف المستويات يقتضي وجود اتفاقيات تسليم المجرمين أويتم على أساس المعاملة بالمثل.

وفي حالة غياب اتفاقية دولية يتم تطبيق القانون الوطني الذي يستدعي توفر مجموعة من الشروط وهي على الشكل التالي:

1-الشروط المتعلقة بالأشخاص.

2- الشروط المتعلقة بالأفعال.

3- الشروط الخاصة بالنطاق المكاني.

1-الشروط المتعلقة بالأشخاص

يمكن للدولة الأجنبية الحصول على المتهم من خلال مسطرة تسليم المجرمين إذا كان ينتمي إلى جنسية الدولة الطالبة التسليم أو شخص أجنبي غير مغربي، لأن الأمر يتعلق بسيادة الدولة التي من جملتها تطبيق القانون الوطني من خلال قضائها على مواطنيها، وفي هذا الصدد أكد المجلس الأعلى أن : “مسطرة التسليم لا تسري إلا في حق الأجنبي الصادر في حقه حكم قضائي، أو كان موضوع اتهام من طرف السلطة القضائية للدولة المطالبة بالتسليم”.

وقد يحدث أحيانا أن يتابع شخص أجنبي أو يصدر حكم في حقه من طرف القضاء الرسمي ويكون محلا لطلب التسليم بسبب جريمة أخرى، فإن تسليمه في هذه الحالة لا يتم إلا بعد انتهاء المتابعة أو بعد تنفيذ العقوبة،  غير أن هذا لا يمنع الدولة المغربية من إمكانية مثول الشخص الأجنبي مؤقتا أمام محاكم الدولة الطالبة بشرط التعهد صراحة بإعادته بمجرد ما يبث القضاء الأجنبي في القضية.

وتجدر الإشارة إلى أن السلطات المغربية قد تكون هي الدولة الطالبة وتحصل على تسليم شخص أجنبي، وقد يصدر من دولة ثانية أن تطلب منها تسليم نفس الشخص إليها لأجل ارتكاب أفعال سابقة على هذا التسليم ومختلفة عن الأفعال التي صدر الحكم فيها بأراضي المغرب، فإنه من اللازم الحصول على موافقة الدولة التي سلمت هذا الشخص.

وفي الأخير يمكن للسلطات المغربية أن تأذن بمرور كل شخص غير مغربي ـ كيفما كانت جنسيته يتم تسليمه من دولة أخرى ـ عبر أراضي المغرب، أو يتم نقله على متن سفن أو طائرات مغربية بمجرد تقديم طلب مدعم بمستندات ثبتت أن الجريمة منسوبة إليه إلى الجهات الدبلوماسية.

2- الشروط المتعلقة بالأفعال

من أجل تطبيق مسطرة تسليم المجرمين يجب أن يكون الشخص موضوع متابعة، أو محكوم عليه بعقوبة صادرة من إحدى محاكمها العادية، ففيما يخص المتابعة يجب أن تكون الأفعال :

– إما معاقب عليها من طرف قانون الدولة الطالبة بعقوبات جنائية.

– أو معاقب عليها بعقوبات جنحية سالبة للحرية،  إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة بمقتضى ذلك القانون لا يقل عن سنة واحدة، أما إذا تعلق الأمر بشخص محكوم عليه، فيجب أن تفوق المدة أربعة أشهر.

وكانت في السابق تصل العقوبة الجنحية إلى سنتين، أما إذا تعلق الأمر بشخص محكوم عليه، فيجب أن تفوق ستة أشهر، وهو ما أكده قرار المجلس الأعلى :” لا يسلم إلا المجرمون الأجانب إلى الدولة الطالبة بتسليمهم لها لقيامهم بأفعال يعاقب عليها جزريا لدى الدولة الطالبة بعقوبة تتجاوز سنتين حبسا”، كما يجب أن يكون الفعل معاقب عليه حسب القانون المغربي بعقوبة جنائية أو جنحية.

وأن يقدم طلب التسليم قبل أن تسقط الدعوى العمومية أو العقوبة بالتقادم، وذلك حسب التشريع المغربي أو حسب تشريع الدولة الطالبة، وكان على المشرع أن يحصر التقادم من زاوية الدولة الطالبة لأنها هي المعنية بالأمر.

3- الشروط الخاصة بالنطاق المكاني

فيما يخص هذا الشرط يجب أن تكون الجريمة قد ارتكبت إما:

– بأرض الدولة الطالبة من طرف أحد مواطنيها أو من شخص أجنبي.

– خارج أراضيها من أحد مواطنيها.

–  خارج أراضيها من أجنبي غير مغربي، إذا كانت الجريمة المنسوبة إليه تدخل في زمرة الجرائم التي يجيز التشريع المغربي إجراء متابعة في شأنها بالمغرب ولو ارتكبها أجنبي بالخارج.

ويجب الإشارة إلى أنه يمكن أن تقدم عدة طلبات لتسليم تتعلق بنفس الجريمة، فإن الأولوية في التسليم تمنح للدولة التي أضرت الجريمة بمصالحها أو للدولة التي ارتكبت الجريمة داخل حدودها، وفي كافة الأحوال تكون الأولوية للدولة التي تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية لتسليم المجرمين.

وفي هذا الصدد فقد ابرم المغرب منذ القدم عدة اتفاقيات من بينها التعاون القضائي وتنفيذ الأحكام القضائية وتسليم المجرمين مع فرنسا في 1957-10-05، ومع تونس في 1964-12-09، واتفاقية التعاون القضائي في الميدان المدني والجنائي المبرمة مع بولونيا بتاريخ 1679-05-21، واتفاقية التعاون القضائي المتبادل وتنفيذ الأحكام القضائية وتسليم المجرمين المبرمة مع ايطاليا في 1971-02-12، واتفاقية التعاون القضائي في المواد الجنائية وتسليم المجرمين المبرمة مع جمهورية مصر.

المطلب التاني :الاستثناءات الواردة على تسليم المجرمين

لقد وضع المشرع المغربي مجموعة من الاستثناءات على قاعدة تسليم المجرمين وهي:

– الجرائم السياسية، وهو ما أكده المجلس الأعلى في إحدى قراراته بأنه : “لا يمكن الموافقة على التسليم من أجل جرائم سياسية، أو بناء على طلب له طابع سياسي”.

– إذا كان طلب التسليم بشأن جريمة من الجرائم العادية لم يقدم إليها إلا بقصد معاقبة شخص لاعتبارات عنصرية أو دينية أو بآراء سياسية أو تتعلق بالجنسية.

– إذا ارتكبت الجنايات أو الجنح بأراضي المملكة المغربية.

– الجرائم المتعلقة بالضرائب على اختلاف أنواعها أو بحقوق الجمارك أو بنظام الصرف إلا بناء على شرط صريح تتعهد الدولة الطالبة بمقتضاه ضمن طلب التسليم بأن تقبل المعاملة بالمثل في طلبات من نفس النوع.

وهكذا لا يقبل التسليم إلا بشرط عدم متابعة الشخص المسلم أو الحكم عليه أو اعتقاله أو إخضاعه لأي إجراء آخر مقيد لحريته الشخصية من أجل أي فعل ـ كيفما كان ـ سابق لتاريخ التسليم غير الفعل الذي سلم من أجله.

المبحث الثاني : جزاء الإخلال بمسطرة تسليم المجرمين.

تعرف مسطرة تسليم المجرمين مرحلتين، تعرف المرحلة الأولى بالمرحلة الخارجية حيث تتم بين دولتين، أما المرحلة الثانية فتتم على المستوى الداخلي وتتطلب مسطرة معينة. 

ولقد وضع المشرع المغربي جزاء البطلان في حالة الإخلال بمسطرة تسليم المجرمين، وهكذا يمكن تناول هذه الفقرة على الشكل التالي:

– مسطرة تسليم المجرمين(المطلب الأول)

– بطلان مسطرة تسليم المجرمين(المطلب الثاني)

المطلب الأول: مسطرة تسليم المجرمين

الفقرة الأولى : الإجراءات المتخذة على المستوى الخارجي

تتمحور هذه الإجراءات في تقديم طلب للتسليم يتضمن: هوية المطلوب، ومكان وتاريخ ازدياده، وجنسيته، ورقم جوازه، وصورته، وذلك من أجل التأكد من هوية المطلوب تسليمه، وفي هذا الشأن صدر عن المجلس الأعلى في إحدى قراراته بأنه: “يجوز للغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى، أن تأمر بإجراء تحقيق تكميلي حول هوية المطلوب في التسليم، متى أثار هذا الأخير الدفع بعدم انطباق المستند القضائي عليه ونازع في الهوية والحجج المدلى بها والمرفقة بالأمر الدولي بإلقاء القبض… “.

ويجب أن يقدم إلى السلطات المغربية كتابة وبالطرق الدبلوماسية وأن يرفق:

– بالأصل أو نظير، إما لحكم بعقوبة قابلة للتنفيذ، وإما لأمر بإلقاء القبض أو لكل سند إجرائي آخر قابل للتنفيذ وصادر عن سلطة قضائية.

– بملخص الأفعال التي طلب من أجلها التسليم، وتاريخ ومحل ارتكابها ،وتكييفها القانوني، والنصوص القانونية المطبق عليها.

– ببيان دقيق لأوصاف الشخص المطلوب تسليمه، وبجميع المعلومات التي من شأنها التعريف بهويته أو جنسيته.

– بتعهد بمتابعة الشخص وفق الفعل الذي سلم من أجله.

ويجب التأكيد على أن المعلومات المقدمة من الدولة الطالبة، إذا كانت غير كافية لتمكين السلطات المغربية من اتخاذ قرار، فإن هذه السلطات تطلب منها المعلومات التكميلية الضرورية وأن تحدد لذلك أجلا للحصول عليها.

وعند البت فيها من طرف الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى بالموافقة؛ فإنه يوجه الملف مع نسخة من القرار خلال ثمانية أيام إلى وزير العدل، الذي يقترح عند الاقتضاء على الوزير الأول إمضاء مرسوم يأذن بالتسليم، وبعد الموافقة يوجه المرسوم إلى وزير الشؤون الخارجية قصد تبليغه إلى الممثل الدبلوماسي للدولة الطالبة والى وزير الداخلية قصد إبلاغه إلى الشخص المعني بالأمر لأجل التنفيذ. وإذا لم تتخذ الدولة الطالبة خلال أجل شهر من تاريخ تبليغ المرسوم لممثلها الدبلوماسي المبادرات اللازمة لاستلام الشخص بواسطة أعوانها، أو لم تعط المبررات الكافية عن أسباب تأخرها، فإنه يفرج عن الشخص المقرر تسليمه ولا يمكن المطالبة به من أجل نفس الأفعال.

الفقرة الثانية : المسطرة المتبعة داخليا في تسليم المجرمين

عند تسلم طلب تسليم من الدولة الطالبة، يقوم وزير الشؤون الخارجية بتوجيه طلب التسليم بعد الاطلاع على مستنداته إلى وزير العدل، الذي يتأكد من صحة الطلب، ويبلغ هذا الأخير الملف إلى الوكيل العام بالمجلس الأعلى الذي يوجه الملف إلى الغرفة الجنائية المختصة التي تبث في طلب التسليم بقرار معلل خلال خمسة أيام من إحالته إليها بناء على تقرير أحد المستشارين، وبعد إدلاء النيابة العامة بمستنتجاتها والاستماع إلى الشخص المعني الذي يمكن أن يكون مؤازرا بمحامي. ويجب التأكيد على أن الغرفة الجنائية لدى المجلس الأعلى، لا تعبر سوى عن رأيها بالموافقة أو رفض طلب التسليم، مع تعليل ذلك في كلتا الحالتين، وهو ما أكده المجلس الأعلى في إحدى قراراته،  وفي هذا المقام نميز بين حالتين:

– الحالة الأولى: إما أن يصرح الشخص المطلوب بأنه يتخلى عن الاستفادة من مسطرة التسليم ويقبل صراحة وعن طواعية واختيار أن يسلم إلى السلطات الطالبة له لتنفيذ أحكام قضائية صادرة عليه فيها، فإن المجلس الأعلى يشهد عليه بذلك و توجه نسخة من هذا القرار إلى الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى الذي يحيلها إلى وزير العدل وهذا ما أكده المجلس الأعلى.

– الحالة الثانية: وإما أن يعبر عن عدم رغبته في أن يسلم إلى سلطات بلاده وفي هذا الشأن نميز بين أمرين :

– إما أن تصدر الغرفة الجنائية قرارا بعدم الموافقة، على أساس أن الشروط القانونية غير مستوفاة أو لوجود خطأ واضح، وفي هذه الحالة يعتبر رأيها نهائيا  و يفرج إثر ذلك عن الشخص الأجنبي، ويوجه الملف وكذا نسخة من القرار خلال ثمانية  أيام من يوم النطق به إلى وزير العدل، وبعد ذلك يقع إشعار السلطات الطالبة برفض التسليم.

– وإما أن تصدر الغرفة الجنائية قرارا بالموافقة على التسليم، نظرا لتوفر الشروط القانونية، وهو ما أكده المجلس الأعلى في إحدى قراراته.

هذه المسطرة المذكورة سابقا تخص الحالة العادية، أما في حالة الاستعجال فإن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية أو أحد نوابه، لا يمكنه أن يباشر عملية الاعتقال إلا بعد التوصل بطلب مباشر من السلطات القضائية للدولة الطالبة، أو بناء على إشعار، من المنظمة الدولية للشرطة الجنائية”انتربول “،  عن طريق البريد أو بأي وسيلة من وسائل الاتصال الأكثر سرعة التي تترك أثرا كتابيا، على أن يرسل وكيل الملك في نفس الوقت وبالطرق الدبلوماسية طلبا رسميا إلى وزير الشؤون الخارجية، كما يجب عليه وكيل الملك أن يشعر فورا كلا من وزير العدل والوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى بإجراء هذا الاعتقال، ويقوم هذا الأخير بإحالة الملف إلى الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى، وفي كلتا الحالتين العادية والاستعجالية يتم استجواب هذا الشخص حول هويته وسبب اعتقاله، ويحرر محضر بشأن هذه العملية ويأمر بنقل الشخص إلى المؤسسة السجنية الواقعة بمقر المجلس الأعلى .

المطلب الثاني: بطلان إجراءات تسليم المجرمين

إن للتسليم كما رأينا مجموعة من الشروط، إذا لم تحترم يكون التسليم الذي تحصل عليه السلطات المغربية باطلا، ما عدا إذا نصت اتفاقيات دولية على مقتضيات مخالفة.

 وتصرح بالبطلان هيئة التحقيق أو المحكمة التي أحيل عليها، أما إذا كان المقرر نهائيا فإن المجلس الأعلى هو الذي يصرح بهذا البطلان، ويشترط في الطلب المرفوع من أجل بطلان التسليم تقديمه في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ الإنذار الموجه إليه إثر اعتقاله من قبل وكيل الملك، وفي هذه الحالة يتم إشعاره بأن من حقه أن يختار محاميا.

وفي حالة التصريح ببطلان التسليم، يفرج عن الشخص المسلم ما لم يكن مطلوبا من الدولة التي سلمته، ولا يمكن القبض عليه من جديد، سواء من أجل الأفعال التي استند عليها هذا التسليم أو من أجل أفعال سابقة، إلا إذا لم يغادر الأراضي المغربية خلال ثلاثين يوما الموالية لتاريخ الإفراج عنه، ما لم يكن خروجه متعذرا لأسباب خارجة عن إرادته، أو إذا عاد إلى المغرب بعد مغادرته، وفي اعتقادي أن المشرع المغربي قد تناقض في هذا الشأن ، فكيف يمكن إلقاء القبض عليه بعد إطلاق سراحه على أساس بطلان التسليم بدعوى أنه لم يغادر التراب المغربي؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *