تستعد باريس، التي تزينت بأبهى حلتها، للعيش على إيقاعات دورة الألعاب الأولمبية. ومن 26 يوليوز الجاري إلى 11 غشت المقبل، ستكون العاصمة الفرنسية القلب النابض للعالم الرياضي، حيث ستجمع الرياضيين من أعلى المستويات والمتفرجين القادمين من جميع أنحاء المعمور.
ويوم الجمعة المقبل ستكون مدينة الأنوار تحت الأضواء لانطلاق حفل الافتتاح المرتقب بشدة (19:30 بالتوقيت المحلي)، والذي سيكون بداية لخمسة عشر يوما من المنافسات الرياضية. ولأول مرة في تاريخ الألعاب الأولمبية، سيقام هذا الحفل خارج الملعب وعلى طول نهر السين، مقدما إطارا فريدا حول معالم باريس الشهيرة.
وسيتجول أكثر من 6000 رياضي (من أصل 10 آلاف و500 في المجموع) يمثلون الدول المشاركة، على 85 قاربا على نهر السين بألوان وفودهم. وسيكون النهر، ومعالمه الرمزية (نوتردام، اللوفر، برج إيفل، إلخ) وجسوره الشهيرة، خلفية لعرض “لا مثيل له” وفقا للمنظمين. وتم اختيار المسار لغناه المعماري كما سيكون مليئا بالتركيبات والعروض الفنية التي تبرز التراث الفرنسي.
وسيشارك حوالي 3000 موسيقي وراقص وممثل في هذه الاحتفالية التي ستغطي مسافة ستة كيلومترات، وستكون “أكبر تغطية تلفزيونية مباشرة على الإطلاق” من إنتاج الفرع السمعي البصري للجنة الأولمبية الدولية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الفرنسية.
وعلى ضفاف السين تم إعداد آلاف المقاعد المؤقتة لاستقبال مئات الآلاف من المتفرجين (أكثر من 300 ألف ي نتظر حضورهم) الذين سيأتون لمشاهدة الحفل.
وبعد أسابيع من عدم استقرار الطقس، الأمر الذي أثار الكثير من القلق، من المتوقع أن تكون الظروف الجوية ليوم الحدث “مواتية”، مع طقس موسمي عادي في باريس.
وبفضل جهود جبارة، تحولت باريس إلى وجهة رياضية حقيقية لاستقبال الرياضيين والزوار من جميع أنحاء العالم: فقد جرى إنشاء بنى تحتية وملاعب جديدة في فضاءات رمزية من مدينة الأنوار، مثل برج إيفل وساحة الكونكورد وقصر فرساي وحدائقه، التي ستخدم كخلفيات لمختلف المسابقات.
وسيقيم الرياضيون في القرية الأولمبية التي تم بناءها بشمال باريس. ويمتد هذا المجمع على 52 هكتارا، وقد فتح أبوابه للرياضيين الخميس الماضي، ويوفر أعلى معايير الراحة والاستدامة مع فضاءات للمطاعم والاسترخاء والتدريب ومركز طبي وأماكن للعبادة، علاوة على مكتب بريد.
واستلم الرياضيون الأوائل شققهم في هذه القرية، بمعدل وصول يتراوح بين 1500 و2000 رياضي يوميا حتى صباح حفل الافتتاح.
وبعد دورة الألعاب الأولمبية، التي من المتوقع أن يحضرها بين 15 و20 مليون سائح، ستتحول هذه القرية، التي افتتحت يوم 29 فبراير الماضي، إلى حي سكني ديناميكي.
ونظرا لاهتمامها بتأثيرها البيئي، التزمت باريس بـ”تقليل بصمتها الكربونية إلى النصف مقارنة بالدورات السابقة وتعويض الانبعاثات التي لم يتم تجنبها”. وتم تنفيذ تدابير ملموسة لتحقيق هذا الهدف، مثل استخدام مواد مستدامة لبناء البنية التحتية وتنظيف نهر السين الذي سيستضيف مسابقات السباحة.
ولتوفير السكن للملايين من الزوار المتوقعين، قامت العاصمة الفرنسية بزيادة الطاقة الفندقية ببناء منشآت جديدة، مما يضمن استقبالا عالي الجودة للجميع.
من جهة أخرى، يعتبر أمن وسلامة الرياضيين والزوار والبنية التحتية أولوية قصوى للمنظمين. هكذا، جرى وضع نظام أمني استثنائي يشمل قوات الأمن الداخلي، والأمن الخاص، والشرطة البلدية، وخدمات أمن النقل. كما سيتم أيضا تعبئة حوالي 1750 فردا من قوات الأمن الداخلي قادمين من أربعين دولة خلال هذا الحدث.
وفي إيل دو فرانس (منطقة باريس) لوحدها، حيث ت عقد غالبية المسابقات، سيتم تعبئة بين 30 ألف و45 ألف شرطي ودركي يوميا. وسيتيح تصريح المرور الرقمي برمز الاستجابة السريعة (QR code)، وهو وثيقة ضرورية لبعض فئات المستخدمين، التحكم في الولوج إلى مواقع المنافسة والمناطق الأمنية.
وإلى جانب المنافسة الرياضية، سيتم تنظيم العديد من الفعاليات الغذائية والفنية والاحتفالية في جميع أنحاء المدينة، مما يتيح للزوار تجربة فريدة خلال الألعاب الأولمبية.
كما تم أيضا تثبيت “مناطق المشجعين” في العاصمة وضواحيها. وسيكون من الممكن متابعة البث التلفزيوني للألعاب وكذلك حضور الحفلات الموسيقية أو الفعاليات الخاصة.
والسبت الماضي، جرى افتتاح منطقة المشجعين (أفريكا ستاسيون)، التي تقع على بعد مسافة قصيرة من القرية الأولمبية في إيل سان دوني بضواحي باريس.
وأولى المنظمون اهتماما كبيرا بإقامة “بيت المغرب” داخل هذا الفضاء، ليكون رمزا لروح العيش المشترك والتآخي اللذين يميزان المملكة.