ما كنت أود الخوض في هذا الموضوع لولا شدة الإحباط الذي ينتابني وأنا أعيش حدثا تمنيته استثنائيا بدأ يتحول إلى قاعدة. يتعلق الأمر بخطبة الجمعة بطبيعة الحال.
فللجمعة الثانية على التوالي يتحول خطيب الجمعة إلى مجرد قارئ ليس إلا؛ مجرد قارئ يتهجى خطبتين جاهزتين خشبيتين لا تحركان مشاعر ولا تشعران بخشوع. مجرد كلمات بلا روح …
لقد أبيت يا مالك إلا تجعل ممن “قال لصاحبه أنصت فقد لغوت ومن لغى فلا جمعة له…” فهل يدخل في حكم اللغو استنكار ما يجرى … أليس في إخضاع خطباء الجمعة لمجرد قارئي خطب عجفاء إهانة للخطيب ذاته وتبخيسا لكفاءته وإنكارا لقدرته على تناول القضايا دون تطويق لسانه وتلجيم فمه، ومنهم علماء أجلاء وخريجو معاهد عليا من كليات شريعة ودار الحديث الحسنية وشعب الدراسات الإسلامية؟
أليس في التوجه إلى الإلزام بخطبة موحدة، ويا ليتها تفتقد لأبسط شروط الخطابة شكلا ومضمونا وقدرة على الإقناع والتأثير على الانفعالات وخلق الروابط وشحذ الهمم في ما يرضي الله ويصلح حال العباد؛ إهانة للمصلين ومن بينهم مثقفون وعلماء وذوي وعي عال من عامة الناس ومختلف شرائحهم، ينتظرون يوم الجمعة للاستلهام من خطب تتناول أمور الدين والدنيا … الدين والدنيا … والدنيا … من أمور ومستجدات تشغلهم بدلا من تحويلها إلى معلومات للمبتدئين مثلما يدرس في المدارس الابتدائية …
إذا كان بالإمكان تفهم حرص الوزارة على سد الطريق على كل انزياح أو محاولة زرع الفتنة من خلال محتوى الخطب الملقاة فمعنى ذلك أنها لا تثق بخطبائها! وإلا فهنالك طرق عدة وأنجع وأبلغ إذ يكفي التأطير المستمر واقتراح المواضيع والتحصل على نسخ من الخطب المهيأة وتقييمها ووو، لكن ينبغي الحرص على احترام الخطباء وتقدير كفاءتهم وقدرتهم على التأطير والوعظ والإرشاد بدلا من ترهيبهم، واحترام مرتادي المساجد بمختلف فئاتهم لأن المغاربة والحمد لله ليسوا أميين …
أظن أن الأوان قد حان لإحداث تغييرات على رأس الوزارة الوصية فقد طال الأمد بالوصي عليها ففقد توازنه وأضحى يخبط خبط عشواء ويتوجس شرا حتى من أشد الناس حرصا وتمسكا بالدين ومذهبه وغيرة على الوطن ومآله. لمن يهمه الأمر.
محمد محاسن، رئيس شعبة التجارة والتواصل بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمراكش