استبشر عدد من الخبراء والمتابعين خيرا بإعادة انتخاب ولد الغزواني، رئيسا لموريتانيا لولاية جديدة، إثر حصوله على أزيد من 56 في المائة من أصوات الموريتانيين.

وفي هذا الإطار قال عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن العلاقات بين الشعبين المغربي والموريتاني، تاريخية وقوية ومتجذرة، مؤكدا أن النظام ببلد المليون شاعر فهم أن علاقته بالمغرب ستكون الأفضل، ولهذا فهو منفتح على التعاون مع بلادنا في عدة قطاعات استراتيجية أهمها الطاقة وكذا الخبرة المغربية في مجال البنية التحتية والابناك والفلاحة وغيرها.

ما قراءتكم لمستقبل العلاقات المغربية الموريتانية، على ضوء إعادة انتخاب ولد الغزواني رئيسا لولاية جديدة؟

في ما يتعلق بنتائج الانتخابات الموريتانية، وتأثيرها على مستقبل العلاقات المغربية الموريتانية، فالملاحظ أن الغزواني حصد نتائج مهمة وبفارق كبير بين منافسيه الثاني والثالث، رغم الكثير من الدعم الذي قدمته بعض الأطراف من أجل أن يفوز المرشح الثاني، والجبهة الانفصالية كانت تعول على فوزه ومن ورائها من يسيرها، لكن الشعب الموريتاني كان ذكيا ومحتاطا وحذرا، وقدم درسا لمن يحتاج  إلى تقديم الدروس في هذه الانتخابات، لأن  العلاقات المغربية الموريتانية هي علاقات أخوية و تاريخية،  يجمعهما نفس الدين واللغة وحتى نفس التحديات.

فالمغرب بلد محوري على مستوى شمال افريقيا، وتعول عليه موريتانيا على مستوى الامتداد الموريتاني، والمغرب أيضا يعتبر بوابة لعمقه الإفريقي، ويتقاسمان حدودا شاسعة.

والرئيس الغزواني فهم أن المحيط الإقليمي بنجاحاته واخفاقاته، يعتبر أن العلاقات مع المغرب، أفضل حالا من العلاقات مع الجزائر على كافة المستويات، لأن المغرب به نظام مستقر وضارب في جذور التاريخ، وسليل الدوحة النبوية الشريفة، والموريتانيون لهم علاقة وطيدة، مع المغاربة من حيث الأنساب والألقاب، ومن زار موريتانيا سيجد صعوبة في الفصل بين المغاربة والموريتانيين، فلهم نفس العادات والتقاليد وثقافة واحدة، تمتد لسنوات.

وما تعليقكم على الفشل الذريع الذي لقيته محاولات الانفصالين في لقاء المرشحين للرئاسيات الموريتانية؟

اليوم موريتانيا جاءت بين بلدين آخرين جارين وهما المملكة المغربية والجزائر. وموريتانيا تدرك إدراكا تاما أن الذي عرقل بناء المغرب الكبير، هو الجزائر، وتدرك  أن قضية الصحراء ليست بقدر وإنما قدر لها ذلك، وتعرف أن هناك تنافسا مغربيا جزائريا، على مستوى من هو البلد القوي والمحوري بشمال افريقيا؟.

وكما نعرف فالموقف الموريتاني، من القضية الوطنية، هو الحياد الإيجابي، وهو موقف على كل حال يجب أن يجب  أن نقدره، لأن هناك تحديات وأطراف مؤثرة فيه، واليوم موريتانيا وعلى المستوى الداخلي تم اكتشاف الذهب بوفرة، وكذا اكتشاف حقل مشترك للغاز مع السينغال، وقبل ذلك تم اكتشاف البترول، فموريتانيا،  قادمة وتعول على المغرب على  مستوى الطاقة والصيد البحري وعلى مستوى تدبير مجموعة من الممتلكات من قبل الخبراء المغاربة،  ولهذا فالمغرب من ضمن المستثمرين المهمين بموريتانيا، في قطاعات الابناك والبنيات التحتية والفلاحة والثقافة، ويجب أن لا ننسى أن الخطوط الجوية بين المغرب وموريتانيا تكاد تكون ممتلئة بشكل كامل ثم أن عدد الطائرات التي تعبر المجال الجوي المغربي الموريتاني، كبير جدا ولا يحصى  مقارنة مع الطائرات الجزائرية. كما أنه حتى  في فترة كورونا  وعندما كانت جميع الخطوط متوقفة، كانت شركة الخطوط الملكية الوحيدة التي تسافر بين الدول الافريقية، وهذا نابع من الأخوة ومن التضامن وحسن الجوار الذي تنهجه، المملكة المغربية مع الدول الإفريقية، لأن افريقيا هي قارة المستقبل. 

كانت موريتانيا من الدول التي رحبت بالمبادرة المغربية، بخصوص فتح واجهة أطلسية للدول الإفريقية، ما أثر هذا الموقف على العلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي تطورت في السنوات الأخيرة الماضية؟

اليوم العلاقات المغربية الموريتانية منفتحة على المستقبل وهذا شيء أساسي، لمواجهة التحديات الآخذة في التطور .

مسألة أساسية أخرى وهي أن موريتانيا تمثل العمق الإفريقي للمغرب وتريد دائما أن تستفيد من التحولات الدولية والاقليمية التي تعرفها المنطقة، والمبادرات التي اتخذها المغرب كأنبوب الغاز المغرب نيجيريا، لأنه سيمر عبر موريتانيا وستستفيد منه عدة دول افريقية ومائات الملايين من السكان،  نفس الأمر مع قرار المغرب فتح واجهة أطلسية للدول الإفريقية، فهذا موقف مهم جدا على مستوى تدعيم العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف، فقد تابعنا كيف تفاعل العالم بأسره، مع هذه المبادرة، ولاحظنا أيضا كيف كان  التفاعل الموريتاني، مع هذه المبادرة الأساسية والمهمة، لماذا؟  لأنها تهم 23 دولة افريقية، وستنعكس ايجابا على دول الساحل والصحراء التي أصبحت اليوم بؤرة من بؤر الجماعات الانفصالية المسلحة، ومن ضمنها جبهة البوليساريو، فقد أدرك العالم أنها تحولت إلى منظمة إرهابية تهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة.

وعلى كل فموريتانيا اليوم تدرك إدراكا تاما بأن الأفضل لها هو علاقات جيدة وممتازة مع المملكة المغربية من خلال المبادرة الأطلسية المقبلة، ومن خلال تقاسم الأرباح والمنافع ودرء المخاطر، ولهذا فهي منفتحة على المغرب، وبالتالي فالعلاقات الاقتصادية مقبلة على تغييرات كبيرة جدا، والعلاقات السياسية سيتم تدعيمها بشكل أكبر مادامت العلاقات الإنسانية متجذرة، بين البلدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *