أضحى اليمين المتطرف على أبواب السلطة بفرنسا، فقد تصدر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة، حاصدا أكثر من 34 بالمئة من الأصوات، وقد يحقق غالبية مطلقة ويهيمن على البرلمان، بحيث بات قاب قوسين من ترأس الحكومة.
ولمعرفة مدى تأثير هذا التغيير في الخريطة السياسية الفرنسية، على علاقة الجمهورية ببلادنا، وكذا على مغاربة فرنسا من مزدوجي الجنسية، كان هذا الحوار مع عمر المرابط، الخبير في العلاقات المغربية الفرنسية.
ما تفسيركم لتزايد وارتفاع حجم أحزاب اليمين المتطرف بأوروبا عموما، وفرنسا على الخصوص؟ ماذا حدث للأوروبيين حتى انزاحوا نحو اليمين المتطرف بهذا الشكل المخيف؟
بالنسبة لارتفاع أو تزايد حجم أحزاب اليمين المتطرف بأوروبا؟ وقبل ظهوره بفرنسا، لأن فرنسا فعلا عندها خاصية سنتحدث عنها بعد ذلك، يمكن أن أقول بأن مساره بدأ منذ سنوات. لأن الذي وقع هو أنه بعد سقوط المعسكر الاشتراكي، في الكثير من دول أوروبا الشرقية، تحولت من النظام الاشتراكي إلى النظام، الرأسمالي، لكن بعد ذلك إلى اليمين، لأنه عندما يكون الإنسان متطرفا يمينا أو يسارا، يتحول إلى تطرف أشد في الجهة الأخرى، وهذا ما وقع في الكثير من البلدان، مثل بولونيا وهنغاريا، ولحد الآن فالمجر لازال يحكمها فيكتور أوربان المعروف بتطرفه وقربه من الدوائر اليمينية المتطرفة.
إذن هناك تحول نحو اليمين في المواقف، فالحزب الاشتراكي في الدانمارك، تحالف مع الوسط ويحكم الدانمارك بطريقة يمينية، أي أنه أخذ أفكار اليمين في ما يخص الهجرة والإسلام والمسلمين إلى غير ذلك .
وتنامي اليمين أعتقد أنه هذا جاء نتيجة ما وقع من أحداث في الشرق الأوسط من هجرة قوية للعرب، خاصة بعد الأحداث في سوريا وهجرة عدد كبير من السوريين نحو أوروبا، إذن هناك خوف من الأجنبي أضف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية ووصول بعض الأجانب وحصولهم على مناصب ومراتب يعتقد بعض الأوروبيين أنهم جاؤوا وحرموهم منها.
إذن هو تيار عام بحيث أن أزيد من 60 في المائة أي ثلثي الأوروبيين يصوتون على اليمين وعلى اليمين المتشدد، بحيث أن النتائج ظهرت في الانتخابات الأوروبية الأخيرة التي أعطت صدارة لليمين المتطرف في الكثير من البلدان، ومنها إيطاليا لأن ميلوني التي تحكم إيطاليا جاءت في الصدارة وفي فرنسا جاء حزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا ومارين لوبين بالصدارة بحوالي ثلث الأصوات.
ما تأثير فوز حزب التجمع الوطني المتطرف على مسلمي فرنسا؟ خاصة من مزدوجي الجنسية؟
بالنسبة لتأثير فوز حزب التجمع الوطني، سيكون هناك فرق بين تصدر الانتخابات والقدرة على تشكيل الحكومة، لأن هناك العديد من السيناريوهات أولها مع حليفه اليميني، في الصدارة إيريك سيوتي، مما سيمكنه من الحصول على أغلبية ويحكم بكل أريحية، اما مزدوجي الجنسية، فهو يعرف مشاعر الذين يصوتون له ويعرف أن مزدوجي الجنسية خاصة من أبناء العرب والمسلمين وهم كثر داخل المجتمع الفرنسي، لا يصوتون لليمين المتطرف. وهناك أحداث غالبا ما ينسبها الفرنسيون لأبناء المهاجرين من شغب واجرام إلى غير ذلك.
أما بالنسبة للوظائف ففعلا سيكون تمييزا عنصريا، فعندما تحمل جنسية أي بلد فلك واجبات وحقوق، وهذه الوظائف مخصصة للفرنسيين الأصليين وسيكون ضربا لمبدأ المساواة، الذي هو شعار الجمهورية الفرنسية، وأعتقد أن المجلس الدستوري سيحظر هذه القوانين إذا صدرت من اليمين المتطرف، فهذا الكلام لا يفيد لأن الوظائف الحساسة في جميع الحالات تكون بشروط منها أن يجرى بحث enquête حتى يكون الشخص مؤهلا حتى يتولى منصبا من المناصب الحساسة بعد إجراء بحث حول تاريخه وأفكاره ومحيطه العائلي والسياسي.
في ظل الأزمة التي عاشتها العلاقات المغربية الفرنسية خلال حكم إيمانويل ماكرون، كيف تتصورون علاقة بلادنا بزعماء اليمين المتطرف الفرنسي؟ ثم ألا تتوقعون أن يتكرر السيناريو الإيطالي، فرغم فوز اليمين لم يستطع تغيير بعض التزامات البلد الدولية خاصة تلك الموقعة في ظل الاتحاد الأوروبي؟
بالنسبة للعلاقة مع المغرب، أعتقد أن فترة حكم إيمانويل ماكرون اتسم بنوع من التوتر، كان خفيفا في البداية ثم أصبح واضحا. اليمين المتطرف فرغم مساوئه فله إيجابية واحدة ووحيدة، وهي موقفه من الجزائر وهو موقف عدائي، كما أن ماري لوبين وايريك سيوتي قالا إنهما سيعترفان الصحراء المغربية.
لكن هذا الموقف سيخضع لمساومات والكثير من الأخذ والرد، لأن خطاب ميلوني. قريب من البوليساريو عكس موقف لوبين واريك
وأعتقد أنه من الناحية الدبلوماسية فالنقطة الإيجابية الوحيدة لليمين هي إمكانية الاعتراف بمغربية الصحراء، من بين ظلام دامس.
اليمين المتطرف شعبوي وهذه حالة عامة، يعطي الوعود لكن عندما يصل إلى الحكم يجد نفسه بين اكراهات الحكم والاكراهات الدولية، وبالتالي لا يستطيع تطبيق برنامجه كما يحلو له، فهو يمكن أن يعارض لكنه لا يقدر على تطبيق برنامجه وهناك الكثير من النقاط التي سيضطر للتراجع عنها لأنه لن يقدر على تطبيقها.
بدليل أن حزب التجمع الوطني، قال بأنه سيخرج من الاتحاد الأوروبي ثم فيما بعد قال إنه سيخرج من منطقة الأورو، الآن غير موقفه ويقول انه سيبقى في الاتحاد الأوروبي لكنه يلعب على المشاعر فيما يتعلق بالهجرة والعلمانية المتطرفة حضر الحجاب، منع المساجد التضييق على المسلمين، أما في الجانب الاقتصادي والدولي، فهناك اكراهات، وسيجد نفسه غير قادر على تطبيقها خاصة وأن الدستور الفرنسي يعطي صلاحيات للرئيس الفرنسي في هذا الباب أكثر من صلاحيات الحكومة.