حينما تجد السيد “ماكرون” يصرح بأن فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في 30 يونيو الجاري سيؤدي إلى حرب أهلية في فرنسا، تعلم يقينا مدى الانحطاط السياسي الذي بلغته هذه الجمهورية التي تتغنى بجمال عيون الديمقراطية كل يوم، وتتغزل بقوام حقوق الانسان كل ليلة؛ وكأن الفرنسيين، في نظر ماكرون، مجرد كائنات لدفع الضرائب فحسب، وأنها قاصرة عن اتخاذ ما يناسبها من قرار لتدبير شؤونها اليومية، والتي يبدو أنها عادت إلى الحضيض في غضون حكم هذا المراهق الذي يعرف عنه السيد “دونالد ترامب” ما لا يعرفه عنه غيره.

إن هذه المراهقة المتأخرة التي أصابت “سيد” قصر الإيليزي تطفو على السطح كلما التقى بعامله على مقاطعة “الجزائر الجديدة”، حيث مشاهد القبل الحارة، والأحضان الحميمية، واللمسات المشبوهة في الأماكن المحظورة بين هذين الغريقين تشعل منصات الأخبار العالمية، وتطرح أكثر من مليون ونصف مليون تساؤل واستفسار، وآخرها مشاهد لقائهما المثيرة في مقر إقامة “ماكرون” بإيطاليا على إثر انعقاد قمة السَّبع؛ حتى إن القنوات التلفزية الجزائرية اضطرت إلى حذف مشهد عجيب، تَمثَّل في ضرب تبون يد وزير خارجيته “عطاف” بعدما غالى هذا الأخير في مصافحته لمعشوقه “ماكرون”، وصدق من قال: “ومن الحب ما ضرب”.

لقد مرت أكثر من سنة و”تبون” المتيم ينتظر على أحر من الجمر موعد لقاء سيده “ماكرون”؛ وكان من المنتظر أن يطول مُقام “تبون” في طابور الانتظار، وأن ينفطر قلبه أكثر مما هو منفطر؛ لولا أن مُدلل الإليزيه تلقى مؤخرا صفعة الانتخابات المدوية التي لم تكن في الحسبان، فاحتاج إلى هرطقات “تبون” العجيبة، وهلوساته الغريبة، عله بذلك يقنع جاليته في فرنسا للتصويت لصالحه.

 العجيب في الأمر، أن “تبون” نفسه ليس في أحسن حال، وأنه بدوره ينتظر معجزة من السماء تُرجع مؤخرته إلى “كرسي الحكم”؛ خصوصا وأن قناطير الصبر التي اقتناها الشعب الجزائري لتفادي عُشرية سوداء جديدة قد نفدت إلى الأبد، وأنه اليوم لم يعد لديه ما يخسره.

قالت العرب قديما: “عبدٌ صريخُه أَمة”، ويُضرب مثلاً في الضعيف حينما يستجد بمن هو أضعف منه، وهو ما يطابق تماما الانتكاسة المُميزة التي أصابت غريق الدولة الفرنسية السيد “ماكرون”، فاستنجد بمن هو أغرق منه: رئيس اللجنة الفرنسية – الإفريقية المكلفة بإدارة الجزائر السيد “تبون”، لا حرمنا الله من دعاباته.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *