كل الحضارات القديمة المصرية والصينية واليونانية والرومانية عرفت شكلا من أشكال الإحصاء العام للسكان، والذي كانت تنحصر أهدافه أساسا، في معرفة عدد الساكنة وضبط الثروة، وتوزيع الضريبة، حتى أنه في زمن فرعون “إيمياسيس” كان السؤال الذي يطرح على الساكنة، “من أين اكتسبت رزقك”، ولم يأخذ الإحصاء وظيفة جديدة، إلا مع إقرار ” الدولة الأمة ” État nation في القرن السادس عشر، حيث تطور الأمر لتشمل عملية الإحصاء العام جمع البيانات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنطبق في فترة زمنية محدودة على كافة الأشخاص في بلد محدد.

والأمم المتحدة نفسها عبر وكالاتها المتخصصة كانت توصي بعشر سنوات ما بين إحصاء وآخر.

لكن تقدم علوم وتقنيات الإحصاء مع تطور الأنظمة المعلوماتية جعل عددا من الدول تتخلى عن عملية الإحصاء العام بطريقته التقليدية، مقابل الاشتغال على عينات دقيقة ومحددة.

وهكذا ففرنسا مثلا، التي نظمت أول عملية إحصاء سنة 1801، فقد تخلت عنه نهائياً سنة 1999، في حين كان آخر إحصاء عام ببلجيكا كذلك سنة 1991 بعدما كان الأول سنة 1846 .

ليبقى السؤال مشروعا ببلادنا هل سيكون الإحصاء العام للسكان والسكنى لهذه السنة هو آخر عملية بهذا الشكل؟ خاصة وأن المغرب أصبحت، البطاقة الوطنية فيه معممة والسجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد في طور التنزيل، إضافة إلى مركزة قاعدة المعطيات الخاصة والعامة.

الباحثون المغاربة الذين شاركوا في العمليات الستة السابقة، يتذكرون مصطلحين أساسيين أطرا هذه العملية، الأول هو (الكاميلا) ويستعمل اساساً بالمناطق الحضرية أي أن الوحدة الاحصائية هي مجموعة الأفراد الذي يعيشون بسكن مشترك ويقتسمون المعيشة، أي أن طنجرة الأكل مشتركة، وبالتالي كل التكييفات القانونية والفقهية للأسرة لا تجد لها موطن قدم في هذه المناسبة.

 

أعتقد أن البينات التي ستوفرها هذه الأنظمة بعد تحليلها وفق المعايير العلمية الدقيقة، من شأنها أن توفر المعطيات التي تتجاوز في دقتها ما يتم تحصيله في التعداد العام للسكان، لكون هامش التقدير الذاتي للمعلومات جد محدود في ظل توجس المواطن من الباحث والتحفظ في الإفصاح عن المعلومات. وهذا ما أكدته دروس الدول التي استغنت عن شكله التقليدي .

مع الوعي التام أن التجربة المغربية في هذا المجال جد منفتحة بحيث رغم أنها اعتمدت على الأسرة، كوحدة احصائية تدور حولها كل عملية الإحصاء، إلا أنها تعاملت مع الأسرة بمفهومها الشاسع كوحدة اجتماعية متعددة الأوجه وليس في دلالاتها الضيقة.

وهكذا فالباحثون المغاربة الذين شاركوا في العمليات الستة السابقة، يتذكرون مصطلحين أساسيين أطرا هذه العملية، الأول هو (الكاميلا) ويستعمل اساساً بالمناطق الحضرية أي أن الوحدة الاحصائية هي مجموعة الأفراد الذي يعيشون بسكن مشترك ويقتسمون المعيشة، أي أن طنجرة الأكل مشتركة، وبالتالي كل التكييفات القانونية والفقهية للأسرة لا تجد لها موطن قدم في هذه المناسبة.

أما المصطلح الثاني والذي كان أكثر استعمالا عند الإحصاء بالعالم القروي ومحيط المدن هو مفهوم ( الكانون) المشترك، والكانون هو الموقد أو (المجمار) في المشرق العربي، أما عندنا فيقصد به أحيانا المجمر من الطين أو الحديد بل يقصد به حتى كل وسيلة تقليدية للطهي كما الحال ( للمْنَاصْب)، وبالتالي تكون الأسرة كوحدة للإحصاء بالبادية هي مجموع من الأشخاص الذين يشتركون في إعداد الطعام .

 

حكى لي صديق أنه في العملية السابقة للإحصاء 2014، كان يقيم بحي اكدال بالرباط مع زميل له في نفس الشقة، وعندما زارهم باحث الإحصاء و شرحوا له الوضع من كونهما لا يشكلان أسرة كما وردت في المدونة فقال لهما ( ليس لي استمارة خاصة بالزوافرية ولكن واش الكاميلة مشروكة )، فقام بالمتعين رغم أنهما كوحدة احصائية لا علاقة لهم ب ثمانية ملايين ونصف أسرة مغربية بمفهوم المدونة.

 وبالمناسبة إن كان عدد هذه الأسر يتنامى عدديا كل سنة ب 177 ألف أسرة سنويا، فإن حجم الأسرة أصبح ينكمش ويتراجع، وانتقل من 4,6 شخص في 2014 إلى 3,2 شخص سنة 2020 .

وفي الختم بعد شهر سيتحرك جيش من الباحثين، 80 ألف مجهزين باللوحات الاليكترونية “الطابليط”، وسيجوبون المغرب طولا وعرضا.

فهل سيسألون الأسر عن الكانون المشترك ؟ أم الويفي المشترك ؟ هل سيسألون الأسر عن المساهمة في الكاميلة ؟أو في fibre optique ؟الذي يضمن صبيبا مرتفعا، في انتظار 5g..

وداعا الإحصاء العام للسكان والسكنى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *