إنَّ تنشئة الأطفال في العصر الرقمي ليست هينة، وقد يكون من الصعب مواكبة التقنيات الجديدة المتوالية وفهم كيفية تحقيق التوازن بين الأخطار والفرص التي تأتي بها. تحدّثنا مع الخبيرة في تنشئة الأطفال والتقنيات الجديدة الدكتورة جاكلين نيسي لنحصل منها على أفضل النصائح بشأن غرس علاقات صحية ضمن الأسرة فيما يتصل بالتقنيات الجديدة.

يجدر بكم التواصل مبكراً وبصفة متكررة حول دور التقنيات الجديدة في حياتكم الأسرية.

1- وجِّه أسئلة إلى الطفل حول الأجهزة التي يستخدمها، وبالطريقة ذاتها التي تسأل فيها عن أي نشاط آخر ينهمك فيه الطفل. اعرِفْ ما الذي يعجب الطفل في هذه التقنيات، وما الذي لا يعجبه، وما هو تواتر استخدامه لها، وما التقنيات التي تؤدي وظائفها على النحو المنشود.

2- ناقِشْ أخطار استخدام التقنيات الحديثة. تحدَّثْ إلى أطفالك بصراحة حول الشواغل التي قد تكون لديك، من قبيل أنَّ الأجهزة الإلكترونية تستهلك الوقت الذي ينبغي إمضاؤه في أداء أنشطة أخرى، والمخاوف بشأن المحتوى الذي قد يرونه، أو الأشياء التي قد يقومون بها على الإنترنت.

من المهم أن تخبر أطفالك بوضوح (وبصفة متكررة!) أننا نريدهم أن يأتوا إلينا إذا ما واجهوا صعوبات على الإنترنت. ويمكنك أن تقول شيئاً مثل “قد يكون من الصعب فعلاً معرفة كيفية التعامل مع كل وضع ينشأ أثناء استخدامك للإنترنت، وربما تصادف أموراً محيّرة أو مزعجة، وأنا أريدك أن تأتي إليّ عندما تواجه مثل هذه الأمور كي نتدبر التعامل معها معاً”.

علينا أيضاً أن نتوخى الحرص في كيفية استجابتنا عندما يأتي أطفالنا إلينا لإطلاعنا على أي مشكلة. وكوالدين، قد نشعر بالمفاجأة، أو حتى الخوف، عندما يُطلعنا أطفالنا على أمر واجهوه على الإنترنت. وقد نرغب بأن نسارع في قول إنهم فعلوا شيئاً خاطئاً، أو أن نأخذ منهم الجهاز المعني للمحافظة على سلامتهم. إلا أنَّ الاستجابة الأولية الجيدة في هذا الوضع هي القول، “شكراً لك لأنك أخبرتني عن هذا الأمر”. وهذه الاستجابة تزيد أرجحية أن يحضر الطفل من جديد لوالديه في المرة التالية التي يواجه فيها صعوبات على الإنترنت.

3- انتبه لوجود أي قضايا كامنة. من المهم ألا نوجّه اللوم في كل شيء إلى الوسائل التقنية. فأحياناً يكون هناك مسائل أخرى قائمة لكنها تتجلى بالطريقة التي يستخدم فيها الأطفال أجهزتهم. فمثلاً، إذا كان لديك طفل مراهق يمضي قدراً مفرطاً من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي لتحديث المواد التي ينشرها، فقد يجدر أن تبدأ حواراً حول حاله. فقد يكون منشغلاً زيادة بشأن رأي الناس به، أو ربما لا يشعر بالثقة في المدرسة أو بأقرانه.

يجدر وضع حدود تبدو معقولة لأفراد الأسرة.

4- ضع قواعد قائمة على “نعم” و “لا”. القواعد الموسومة بـ “نعم” هي الأمور التي يتعين على الطفل القيام بها. فكيف تريدهم أن يتصرفوا على الإنترنت؟ وما الذي يعنيه أن يكون المرء مواطناً رقمياً جيداً؟ وما هو شكل الاستخدام “الصحي” للتقنيات في أسرتك؟ أما القواعد الموسومة بـ “لا” فهي ما تريد أطفالك ألا يفعلوه (من قبيل التنمر على الآخرين)، أو التصرفات التي ينبغي ألا يقوموا بها لضمان سلامتهم على الإنترنت (من قبيل تقديم معلومات شخصية).

تحدَّثْ إلى أطفالك عن حقيقة أنَّ ثمة أخطاء ستحدث، وأنه لا بأس في ذلك إذ أنهم ما زالوا يتعلمون ويمارسون مواطنة رقمية جيدة. وبالنسبة لبعض الأسر، قد يكون من المفيد إبلاغ الأطفال أنهم لن يواجهوا تعنيفاً إذا توجهوا إلى الوالدين عند مواجهة صعوبات وعندما يكونون صريحين في ذلك.

5- تحديد أماكن خالية من الأجهزة الإلكترونية. من بين الحدود التي قد تضعها الأسرة هي تحديد أوقات في اليوم أو أماكن في المنزل خالية من استخدام تقنيات الاتصال، وبوسعكم أيضاً تحديد مكان لحفظ الأجهزة أثناء الأوقات الخالية من استخدام هذه التقنيات. ومن بين الممارسات المفيدة التحقّق من إبقاء الأجهزة خارج غرف النوم في أوقات محددة من الليل، فالنوم مهم جداً، ويمكن للأجهزة أن تعيق النوم.

6- حدِّدْ توقعات واضحة بخصوص المحتوى. من المهم التحقّق من أن المحتوى الذي يصل إليه أطفالك على الإنترنت ملائم للمرحلة العمرية والتطور الإدراكي. وبالنسبة للأطفال الصغار وللمراهقين، وضّح أنَّ عليهم أن يحصلوا على موافقتك قبل تنزيل أي تطبيق جديد أو الانضمام إلى أي منصات جديدة. ويمكن أن تفكّر أيضاً بأدوات السيطرة الوالدية المتوفرة لك [من قبيل وضع حدود على مدة استخدام الأجهزة، والمشتريات عبر التطبيقات، وتصفية المحتوى من المواد غير المرغوبة، إلخ].

كن مدركاً لطريقة استخدام أطفالك للأجهزة الإلكترونية.

7- استكشاف التقنيات الحديثة معاً. حاول مرافقة الأطفال من كل الأعمار في مشاهدة المحتوى وفي الاستخدام. وهذا يعني ببساطة مشاهدة المحتوى أو استخدام التقنيات مع طفلك، وقد يتضمن مشاهدة برنامج معاً والتحدث مع الطفل عنه. وبالنسبة للأطفال الأكبر سناً، اطلب منهم اطلاعك على ما يفعلونه على الإنترنت — فما الأمور التي تثير اهتمامهم، وما التطبيقات التي يحبون استخدامها، إلخ.

8- اعرف متى عليك أن تتراجع خطوة إلى الوراء. في بعض الحالات، قد ترغب بمراقبة ما يفعله طفلك على الجهاز المعني — طالما أنك تخبر الطفل مسبقاً بأنك ستقوم بذلك. وهذا مهم بصفة خاصة للأطفال الأصغر سناً، أو الأطفال الذين يبدؤون في استخدام جهاز جديد (من قبيل هاتف) للمرة الأولى. ومع تقدُّم الأطفال في العمر وتكوين خبرة في استخدام هذه الأجهزة، يمكنك أن تتيح لهم مزيداً من الاستقلال الذي يتلاءم مع الفئة العمرية والمرحلة التطورية. ومع ذلك فإنّ من المهم دائماً أن تكون مدركاً عموماً لما يفعله الأطفال على الإنترنت.

كن قدوة في العادات الصحية لأطفالك.

9- تصرفوا كفريق. من المهم لنا كوالدين أن نكون مدركين للكيفية التي نستخدم فيها أجهزتنا الإلكترونية والوقت الذي نمضيه في استخدامها — وهذا أمر صعب! بيد أنَّ التعاون مع أطفالك في بناء عادات صحية وحدود لاستخدام التقنيات هو فرصة جيدة للخروج من سياق “رأيي أنا أهم وسيسود” والتي يقع فيها الوالدون في التفاعل مع أطفالهم. ويتعين عليك بدلاً من ذلك أن تعمل على خلق سياق قائم على “نحن معاً نتصدى للتحديات المتأصلة في هذه التقنيات”.

10- اجعل الأمور مَرِحة! ثمة طرق عديدة لاستخدام التقنيات الحديثة لتيسير فرص للعب والمرح مع أطفالك. وقد يكون ذلك من خلال استخدام تطبيق أو المشاركة في لعبة معاً. يمكنك أيضاً البحث عن مقاطع فيديو للحصول على أفكار لألعاب أو استكشاف هوايات واهتمامات — كل شيء من الطبخ إلى الرياضة إلى الموسيقى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *