«لابد من الاعتراف كذلك بأن قضية الصحراء ليست من أولويات السياسيين الفرنسيين في حملتهم الانتخابية، ومعنى ذلك أن نجاح اليمين لا يعني الاعتراف بمغربية الصحراء وأن نجاح اليسار لا يعني الميل كلية إلى الجزائر والانفصاليين»محمد الصديق معنينو.

“الديك الأسود”

‏اندهشت عندما لاحظت ُ أن عدداً من الأصدقاء يُلحون على أن نجاح اليمين في فرنسا سيُعجل بالاعتراف بمغربية الصحراء… هذا التكهن يعكس في الحقيقة إدانة للرئيس ماكرون ويؤكد أملا طالما راودنا بأن الاعتراف الفرنسي سيساهم في الطي النهائي لملف عمَّر نصف قرن…

‏الأولويات

‏أود القول بأن اعتراف فرنسا غير مرتبط بنتائج الانتخابات ولا بميزان القوى السياسية في مجلس النواب الفرنسي القادم… الاعتراف من عدمه يخضع لمصالح فرنسا ورغبتها في ضمان مريح لوجودها ببلادنا في إطار توازنات دقيقة في علاقتها مع دول المنطقة.

‏لابد من الاعتراف كذلك بأن قضية الصحراء ليست من أولويات السياسيين الفرنسيين في حملتهم الانتخابية، ومعنى ذلك أن نجاح اليمين لا يعني الاعتراف بمغربية الصحراء وأن نجاح اليسار لا يعني الميل كلية إلى الجزائر والانفصاليين…

فرنسا من مصلحتها المحافظة على استمرار المواجهة المغربية الجزائرية لأن ذلك يريحها ويعمل لصالح دوام وجودها وهيمنتها.

‏عصر المجهول

‏في انتظار ذلك تعيش فرنسا على وقع خطاب الرئيس ماكرون المُعلن عن حلِّ البرلمان الفرنسي وتنظيم انتخابات يسعى الرئيس الفرنسي من خلالها الحصول على أغلبيته مريحة…

إن الإعلان المفاجئ لماكرون زلزل المجتمع الفرنسي فازداد انقساما وراديكالية… نتيجة ذلك دفنت فرنسا “عصر الأنوار” ودخلت “عصرالمجهول”… في انتظار “حرب حضارية” بعد أن تكهن البعض “بحرب مدنية”. هكذا فجر الإبن المخنث لروشيلد، صاحب المال والأبناك، قنبلة غيرت موازين القوى السياسية وكسرت التحالفات التقليدية…

لقد أصبح الآن واضحا أن ماكرون نسج خيوط مُغامرة قد يذهب ضحيتها…

لقد ظن أن الخوف من اليمين المتطرف ومن اليسار المتطرف سيفتح له طريقا سياراً ليقتحم البرلمان بأغلبية تضمن له ثلاث سنوات من الراحة والاستقرار…

‏اليمين في الحكم

‏لكن حدث العكس حيث أكد الفرنسيون اختيارهم لليمين المناهض للإسلام، المطالب بترحيل المهاجرين الداعي لإقفال الحدود في وجههم…

اليمين مستعد للضرب بيد من حديد على سكان ضواحي المدن الفرنسية وأغلبهم من شمال إفريقيا ودول الساحل الإفريقي…

اليمين يقف إلى جانب إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني… اليمين حرَّم اتهام “نتانياهو” كمجرم حرب…

اليمين وعد الفرنسيين بسياسية قاسية حُيال المهاجرين وإبعادهم قسراً وإلغاء كل المعونات التي كانت تقدم لهم…

لذلك أخشى أن نجد أنفسنا في مواجهة صريحة مع جماعة “لوبيين” في حال نجاحها.

‏فرنسا اليسار

‏مقابل ذلك هناك “فرنسا اليسار” وهو في الحقيقة “يسارات” بقيادات مختلفة وزعامات متنافسة
‏وطموحات بدون حدود للعودة إلى كراسي الحكم.

‏فماذا يعني وصول اليسار إلى الحكم بالنسبة لبلادنا؟.

تاريخيا اليسار له مواقف معروفة من الملكية… من المغرب العميق… من الصحراء…

ورغم ذلك فإنه لن يقوى على نهج سياسة جديدة مُعادية للمملكة… لذلك أظن أنه لن يتخذ أية مبادرة تقوم على تغيير مفاجئ للسياسة الخارجية الفرنسية ولن يأتي بأي اجتهاد في موضوع الصحراء…

‏الزعيمة الشقراء

‏فمهما ستكون نتيجة هذه الانتخابات، فالخاسر الأكبر هو ماكرون، الذي أغرق فرنسا في الديون…ودمر علاقاتها الخارجية مع أصدقائها التقليديين…

ماكرون يعشق الكلام لذلك أغرق فرنسا وهو يقول الشيء وضده…

يهوى الإنصات إلى صوته والتملي بطلعته كطفل يغيّر لُعَبَه ويهوى الخطابة في الحمام…”البرهوش” تباطأ في الاعتراف بحقنا التاريخي وغازل، دون نتيجة، خصوم وحدتنا…

ماكرون سينهزم وسيرحل وسيكتب المؤرخون أنه كان أسوء رئيس في الجمهورية الخامسة.

أما المغرب فسيظل موحداً وصامداً في الوقت الذي توجد فيه فرنسا في “قاعة الإنعاش” تخشى ميلاد “الديك الأسود” من أحشاء “الزعيمة الشقراء”.

‏الصديق معنينو-كاتب صحفي مخضرم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *