حسين الباز

 

بدءا، ينبغي التساؤل: ما الغرض من التجنيس ومن شكل المنتج ما دام هذا الأخير لا يثمَّن من قبَل المتلقي إلا من خلال اللغة المرتبة ترتيبا جماليا مقبولا؟!

والترتيب في الأصل لا يكون إلا وفق معايير مسبقة بترصين اللغة والوقوف عند محسناتها، بجميع أشكالها المعروفة، دونما أدنى تكلف، ومن ثم تنقيحها..

إذا حسبنا الأدب قماشا والأديب خياطا، وأصبحت الكتابة هي الخياطة والأجناس الأدبية هي نوعية اللباس، فمن البديهي أن نقيس الثوب -العمل ثم نفصّله ثم نخيطه ثم نطرزه ولا نقدمه للزبون -المتلقي إلا وهو في أتم الانشراح والقبول..

المقاييس موجودة والمعايير كذلك، إنما تختلف من مبدع إلى آخر ومن منتج إلى آخر. وقد نأخذ جلبابا من طراز قديم ونحسبه شعرا قديما، ثم نعيد تفصيله وتطريزه بكيفية جديدة تساير العصر وسيثير الإعجاب وسيرحَّب به أيما ترحاب، ولكن يبقى أصل الجلباب هو النسخة الأصلية، بحيث لا رجاء من جذوع بدون جذور!..

كلما حدد شكل بعينه على مدار سنوات بليَ واستُهجن في عين الطبيعة البشرية وذوقها، لأن هذه الأخيرة تحب التجديد والتغيير؛ وإلا فما يقول الناس في شخص يخرج إلى الشارع، في القرن الآتي، بلباس الفراهيدي أو أحمد شوقي أو حتى محمود درويش!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *